24 -
nindex.php?page=treesubj&link=28905حرف الباء
أصله للإلصاق ، ومعناه اختلاط الشيء بالشيء ، ويكون حقيقة ، وهو الأكثر ، نحو : به داء ، ومجازا كمررت به ، إذ معناه جعلت مروري ملصقا بمكان قريب منه لا به ، فهو وارد على الاتساع . وقد جعلوا منه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وامسحوا برءوسكم . ( المائدة : 6 )
وقد
nindex.php?page=treesubj&link=28905تأتي زائدة إما مع الخبر ، نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وجزاء سيئة سيئة مثلها ( الشورى : 40 ) . وإما مع الفاعل نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79وكفى بالله شهيدا ( النساء : 79 ) فالله فاعل و " شهيدا " نصب على الحال أو التمييز ، والباء زائدة ، ودخلت لتأكيد الاتصال ، أي لتأكيد شدة ارتباط الفعل بالفاعل ، لأن الفعل يطلب فاعله طلبا لا بد منه ، والباء توصل الأول إلى الثاني ، فكأن الفعل يصل إلى الفاعل ، وزادته الباء اتصالا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12772ابن الشجري : فعلوا ذلك إيذانا بأن الكفاية من الله ، ليست كالكفاية من غيره في عظم المنزلة ، فضوعف لفظها ليضاعف معناها . وقيل : دخلت الباء لتدل على المعنى ، لأن المعنى اكتفوا بالله . وقيل : الفاعل مقدر ، والتقدير كفى الاكتفاء بالله ، فحذف المصدر وبقي معموله دالا عليه . وفيه نظر ، لأن الباء إذا سقطت ارتفع اسم الله على الفاعلية ، كقوله :
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
[ ص: 223 ] وإما مع المفعول كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ( البقرة : 195 ) وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1تلقون إليهم بالمودة ( الممتحنة : 1 ) أي تبذلونها لهم وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقرأ باسم ربك الذي خلق ( العلق : 1 )
قال
الفارسي : وهي زائدة كقوله : لا تقرآن بالسور وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=6بأييكم المفتون ( القلم : 6 ) جعلت المفتون اسم مفعول لا مصدرا ، كالمعقول والمعسور والميسور ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6عينا يشرب بها عباد الله ( الإنسان : 6 )
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25ومن يرد فيه بإلحاد بظلم ( الحج : 25 )
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20تنبت بالدهن ( المؤمنون : 20 ) وقوله : فامسحوا برءوسكم ( المائدة : 6 ) ونحوه .
والجمهور على أنها لا تجيء زائدة ، وأنه إنما يجوز الحكم بزيادتها إذا تأدى المعنى المقصود بوجودها وحالة عدمها على السواء ، وليس كذلك هذه الأمثلة ، فإن معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79وكفى بالله شهيدا ( النساء : 79 ) كما هي في : أحسن بزيد ! ومعنى امسحوا برؤوسكم اجعلوا المسح ملاصقا برؤوسكم ، وكذا بوجوهكم أشار إلى مباشرة العضو بالمسح ، وإنما لم يحسن في آية الغسل " فاغسلوا بوجوهكم " لدلالة الغسل على المباشرة ، وهذا كما تتعين المباشرة في قولك : أمسكت به وتحتملها في أمسكته .
وأما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195ولا تلقوا بأيديكم ( البقرة : 195 ) فحذف المفعول للاختصار . وأما
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1تلقون إليهم بالمودة ( الممتحنة : 1 ) فمعناه تلقون إليهم النصيحة بالمودة ، وقال
ابن النحاس : معناه تخبرونهم بما يخبر به الرجل أهل مودته .
وقال
السهيلي : ضمن تلقون معنى ( ترمون ) من الرمي بالشيء ، يقال : ألقى زيد إلي بكذا ، أي رمى به ، وفي الآية إنما هو إلقاء بكتاب أو برسالة ، فعبر عنه بالمودة ؛ لأنه من أفعال أهل
[ ص: 224 ] المودة فلهذا جيء بالباء .
وأما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=14كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ( الإسراء : 14 ) فليست زائدة ، وإلا للحق الفعل قبلها علامة التأنيث ؛ لأنه للنفس ، وهو مما يغلب تأنيثه . وجوز في الفعل وجهان : ( أحدهما ) أن تكون " كان " مقدرة بعد كفى ، ويكون " بنفسك " صفة له قائمة مقامه . والثاني : أنه مضمر يفسره المنصوب بعده ، أعني " حسيبا " كقولك : نعم رجلا زيد .
nindex.php?page=treesubj&link=28905وتجيء للتعدية ، وهي القائمة مقام الهمزة في إيصال الفعل اللازم إلى المفعول به ، نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم ( البقرة : 20 ) أي أذهب كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ( الأحزاب : 33 ) ولهذا لا يجمع بينهما فهما متعاقبتان ، وأما قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1أسرى بعبده ( الإسراء : 1 ) ، فقيل : أسرى وسرى بمعنى ، كسقى وأسقى ، والهمزة ليست للتعدية ، وإنما المعدى الباء في بعبده .
وزعم
ابن عطية أن مفعول أسرى محذوف ، وأن التعدية بالهمزة ، أي أسرى الليلة بعبده .
ومذهب الجمهور أنها بمعنى الهمزة ، لا تقتضي مشاركة الفاعل للمفعول ، وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد والسهيلي أنها تقتضي مصاحبة الفاعل للمفعول في الفعل بخلاف الهمزة . ورد بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=17ذهب الله بنورهم ( البقرة : 17 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم ( البقرة : 20 ) ألا ترى أن الله لا يذهب مع سمعهم ، فالمعنى لأذهب سمعهم .
وقال
الصفار : وهذا لا يلزم ؛ لأنه يحتمل أن يكون فاعل " ذهب " البرق ، ويحتمل أن
[ ص: 225 ] يكون الله تعالى ويكون الذهاب على صفة تليق به سبحانه كما قال
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=22وجاء ربك ( الفجر : 22 ) .
قال : وإنما الذي يبطل مذهبه قول الشاعر :
ديار التي كانت ونحن على منى تحل بنا لولا نجاء الركائب
أي تجعلنا حلالا لا محرمين ، وليست الديار داخلة معهم في ذلك .
واعلم أنه لكون
nindex.php?page=treesubj&link=28905الباء بمعنى الهمزة ، لا يجمع بينهما ، فإن قلت : كيف جاء
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20تنبت بالدهن ( المؤمنون : 20 ) والهمزة في أنبت للنقل ؟ قلت : لهم في الانفصال عنه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن تكون الباء زائدة .
والثاني : أنها باء الحال كأنه قال : تنبت ثمرها وفيه الدهن ، أي وفيهما الدهن ، والمعنى : تنبت الشجرة بالدهن ، أي ما هو موجود منه ، وتختلط به القوة بنبتها ، على موقع المنة ولطيف القدرة ، وهداية إلى استخراج صبغة الآكلين .
والثالث : أن نبت وأنبت بمعنى . وللاستعانة وهي الدالة على آلة الفعل ، نحو : كتبت بالقلم . ومنه في أشهر الوجهين :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بسم الله الرحمن الرحيم ( الفاتحة : 1 ) .
nindex.php?page=treesubj&link=28905وللتعليل بمنزلة اللام ، كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=54إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل ( البقرة : 54 )
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=160فبظلم من الذين هادوا ( النساء : 160 )
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=40فكلا أخذنا بذنبه ( العنكبوت : 40 ) .
nindex.php?page=treesubj&link=28905وللمصاحبة بمنزلة مع ، وتسمى باء الحال ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=170قد جاءكم الرسول بالحق ( النساء : 170 ) أي مع الحق أو محقا
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=48يانوح اهبط بسلام منا ( هود : 48 ) .
[ ص: 226 ] nindex.php?page=treesubj&link=28905وللظرفية بمنزلة " في " ، وتكون مع المعرفة نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=137وإنكم لتمرون عليهم مصبحين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=138وبالليل ( الصافات : 137 - 138 )
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=18وبالأسحار هم يستغفرون ( الذاريات : 18 ) ومع النكرة نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=123ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ( آل عمران : 123 )
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=34نجيناهم بسحر ( القمر : 34 ) .
قال
أبو الفتح في التنبيه : وتوهم بعضهم أنها لا تقع إلا مع المعرفة ، نحو : كنا
بالبصرة وأقمنا
بالمدينة .
وهو محجوج بقول
الشماخ :
وهن وقوف ينتظرن قضاءه بضاحي عداة أمره وهو ضامز
أي في ضاحي وهي نكرة .
nindex.php?page=treesubj&link=28905وللمجاوزة كعن نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=59فاسأل به خبيرا ( الفرقان : 59 )
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=1سأل سائل بعذاب واقع ( المعارج : 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=25ويوم تشقق السماء بالغمام ( الفرقان : 25 ) أي عن الغمام
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8بين أيديهم وبأيمانهم ( التحريم : 8 ) أي وعن أيمانهم .
nindex.php?page=treesubj&link=28905وللاستعلاء كعلى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=75ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار ( آل عمران : 75 ) أي على قنطار كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=64هل آمنكم عليه ( يوسف : 64 ) ونحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=30وإذا مروا بهم يتغامزون [ ص: 227 ] ( المطففين : 30 ) ، أي عليهم كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=137وإنكم لتمرون عليهم مصبحين ( الصافات : 137 ) .
nindex.php?page=treesubj&link=28905وللتبعيض كمن نحو :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6يشرب بها عباد الله ( الإنسان : 6 ) أي منها ، وخرج عليه :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وامسحوا برءوسكم ( المائدة : 6 ) .
والصحيح أنها باء الاستعانة ، فإن " مسح " يتعدى إلى مفعول ، وهو المزال عنه ، وإلى آخر بحرف الجر وهو المزيل ، فيكون التقدير : فامسحوا أيديكم برءوسكم .
24 -
nindex.php?page=treesubj&link=28905حَرْفُ الْبَاءِ
أَصْلُهُ لِلْإِلْصَاقِ ، وَمَعْنَاهُ اخْتِلَاطُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ ، وَيَكُونُ حَقِيقَةً ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ ، نَحْوُ : بِهِ دَاءٌ ، وَمَجَازًا كَمَرَرْتُ بِهِ ، إِذْ مَعْنَاهُ جَعَلْتُ مُرُورِي مُلْصَقًا بِمَكَانٍ قَرِيبٍ مِنْهُ لَا بِهِ ، فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى الِاتِّسَاعِ . وَقَدْ جَعَلُوا مِنْهُ قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ . ( الْمَائِدَةِ : 6 )
وَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=28905تَأْتِي زَائِدَةً إِمَّا مَعَ الْخَبَرِ ، نَحْوُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=40وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ( الشُّورَى : 40 ) . وَإِمَّا مَعَ الْفَاعِلِ نَحْوُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ( النِّسَاءِ : 79 ) فَاللَّهُ فَاعِلٌ وَ " شَهِيدًا " نُصِبَ عَلَى الْحَالِ أَوِ التَّمْيِيزِ ، وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ ، وَدَخَلَتْ لِتَأْكِيدِ الِاتِّصَالِ ، أَيْ لِتَأْكِيدِ شِدَّةِ ارْتِبَاطِ الْفِعْلِ بِالْفَاعِلِ ، لِأَنَّ الْفِعْلَ يَطْلُبُ فَاعِلَهُ طَلَبًا لَا بُدَّ مِنْهُ ، وَالْبَاءُ تُوَصِّلُ الْأَوَّلَ إِلَى الثَّانِي ، فَكَأَنَّ الْفِعْلَ يَصِلُ إِلَى الْفَاعِلِ ، وَزَادَتْهُ الْبَاءُ اتِّصَالًا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12772ابْنُ الشَّجَرِيِّ : فَعَلُوا ذَلِكَ إِيذَانًا بِأَنَّ الْكِفَايَةَ مِنَ اللَّهِ ، لَيْسَتْ كَالْكِفَايَةِ مِنْ غَيْرِهِ فِي عِظَمِ الْمَنْزِلَةِ ، فَضُوعِفَ لَفْظُهَا لِيُضَاعَفَ مَعْنَاهَا . وَقِيلَ : دَخَلَتِ الْبَاءُ لِتَدُلَّ عَلَى الْمَعْنَى ، لِأَنَّ الْمَعْنَى اكْتَفُوا بِاللَّهِ . وَقِيلَ : الْفَاعِلُ مُقَدَّرٌ ، وَالتَّقْدِيرُ كَفَى الِاكْتِفَاءُ بِاللَّهِ ، فَحُذِفَ الْمَصْدَرُ وَبَقِيَ مَعْمُولُهُ دَالًّا عَلَيْهِ . وَفِيهِ نَظَرٌ ، لِأَنَّ الْبَاءَ إِذَا سَقَطَتِ ارْتَفَعَ اسْمُ اللَّهِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ ، كَقَوْلِهِ :
كَفَى الشَّيْبُ وَالْإِسْلَامُ لِلْمَرْءِ نَاهِيًا
[ ص: 223 ] وَإِمَّا مَعَ الْمَفْعُولِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ( الْبَقَرَةِ : 195 ) وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ( الْمُمْتَحِنَةِ : 1 ) أَيْ تَبْذُلُونَهَا لَهُمْ وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ( الْعَلَقِ : 1 )
قَالَ
الْفَارِسِيُّ : وَهِيَ زَائِدَةٌ كَقَوْلِهِ : لَا تَقْرَآنَ بِالسُّوَرِ وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=6بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ ( الْقَلَمِ : 6 ) جُعِلَتِ الْمَفْتُونُ اسْمَ مَفْعُولٍ لَا مَصْدَرًا ، كَالْمَعْقُولِ وَالْمَعْسُورِ وَالْمَيْسُورِ ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ( الْإِنْسَانِ : 6 )
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=25وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ ( الْحَجِّ : 25 )
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ ( الْمُؤْمِنُونَ : 20 ) وَقَوْلِهِ : فَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ( الْمَائِدَةِ : 6 ) وَنَحْوِهِ .
وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِيءُ زَائِدَةً ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِزِيَادَتِهَا إِذَا تَأَدَّى الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ بِوُجُودِهَا وَحَالَةِ عَدَمِهَا عَلَى السَّوَاءِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ هَذِهِ الْأَمْثِلَةُ ، فَإِنَّ مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ( النِّسَاءِ : 79 ) كَمَا هِيَ فِي : أَحْسِنْ بِزَيْدٍ ! وَمَعْنَى امْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ اجْعَلُوا الْمَسْحَ مُلَاصِقًا بِرُؤُوسِكُمْ ، وَكَذَا بِوُجُوهِكُمْ أَشَارَ إِلَى مُبَاشَرَةِ الْعُضْوِ بِالْمَسْحِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْسُنْ فِي آيَةِ الْغُسْلِ " فَاغْسِلُوا بِوُجُوهِكُمْ " لِدَلَالَةِ الْغَسْلِ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ ، وَهَذَا كَمَا تَتَعَيَّنُ الْمُبَاشَرَةُ فِي قَوْلِكَ : أَمْسَكْتُ بِهِ وَتَحْتَمِلُهَا فِي أَمْسَكْتُهُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=195وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ ( الْبَقَرَةِ : 195 ) فَحُذِفَ الْمَفْعُولُ لِلِاخْتِصَارِ . وَأَمَّا
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=1تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ( الْمُمْتَحِنَةِ : 1 ) فَمَعْنَاهُ تُلْقُونَ إِلَيْهِمُ النَّصِيحَةَ بِالْمَوَدَّةِ ، وَقَالَ
ابْنُ النَّحَّاسِ : مَعْنَاهُ تُخْبِرُونَهُمْ بِمَا يُخْبِرُ بِهِ الرَّجُلُ أَهْلَ مَوَدَّتِهِ .
وَقَالَ
السُّهَيْلِيُّ : ضُمِّنَ تُلْقُونَ مَعْنَى ( تَرْمُونَ ) مِنَ الرَّمْيِ بِالشَّيْءِ ، يُقَالُ : أَلْقَى زَيْدٌ إِلَيَّ بِكَذَا ، أَيْ رَمَى بِهِ ، وَفِي الْآيَةِ إِنَّمَا هُوَ إِلْقَاءٌ بِكِتَابٍ أَوْ بِرِسَالَةٍ ، فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَوَدَّةِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْعَالِ أَهْلِ
[ ص: 224 ] الْمَوَدَّةِ فَلِهَذَا جِيءَ بِالْبَاءِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=14كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ( الْإِسْرَاءِ : 14 ) فَلَيْسَتْ زَائِدَةً ، وَإِلَّا لَلَحِقَ الْفِعْلَ قَبْلَهَا عَلَامَةُ التَّأْنِيثِ ؛ لِأَنَّهُ لِلنَّفْسِ ، وَهُوَ مِمَّا يَغْلُبُ تَأْنِيثُهُ . وَجُوِّزَ فِي الْفِعْلِ وَجْهَانِ : ( أَحَدُهُمَا ) أَنْ تَكُونَ " كَانَ " مُقَدَّرَةً بَعْدَ كَفَى ، وَيَكُونَ " بِنَفْسِكَ " صِفَةً لَهُ قَائِمَةً مَقَامَهُ . وَالثَّانِي : أَنَّهُ مُضْمَرٌ يُفَسِّرُهُ الْمَنْصُوبُ بَعْدَهُ ، أَعْنِي " حَسِيبًا " كَقَوْلِكَ : نِعْمَ رَجُلًا زَيْدٌ .
nindex.php?page=treesubj&link=28905وَتَجِيءُ لِلتَّعْدِيَةِ ، وَهِيَ الْقَائِمَةُ مَقَامَ الْهَمْزَةِ فِي إِيصَالِ الْفِعْلِ اللَّازِمِ إِلَى الْمَفْعُولِ بِهِ ، نَحْوُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ( الْبَقَرَةِ : 20 ) أَيْ أَذْهَبَ كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=33إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ( الْأَحْزَابِ : 33 ) وَلِهَذَا لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَهُمَا مُتَعَاقِبَتَانِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=1أَسْرَى بِعَبْدِهِ ( الْإِسْرَاءِ : 1 ) ، فَقِيلَ : أَسْرَى وَسَرَى بِمَعْنًى ، كَسَقَى وَأَسْقَى ، وَالْهَمْزَةُ لَيْسَتْ لِلتَّعْدِيَةِ ، وَإِنَّمَا الْمُعَدَّى الْبَاءُ فِي بِعَبْدِهِ .
وَزَعَمَ
ابْنُ عَطِيَّةَ أَنَّ مَفْعُولَ أَسْرَى مَحْذُوفٌ ، وَأَنَّ التَّعْدِيَةَ بِالْهَمْزَةِ ، أَيْ أَسْرَى اللَّيْلَةَ بِعَبْدِهِ .
وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا بِمَعْنَى الْهَمْزَةِ ، لَا تَقْتَضِي مُشَارَكَةَ الْفَاعِلِ لِلْمَفْعُولِ ، وَذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ وَالسُّهَيْلِيُّ أَنَّهَا تَقْتَضِي مُصَاحَبَةَ الْفَاعِلِ لِلْمَفْعُولِ فِي الْفِعْلِ بِخِلَافِ الْهَمْزَةِ . وَرُدَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=17ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ ( الْبَقَرَةِ : 17 )
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ( الْبَقَرَةِ : 20 ) أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ لَا يَذْهَبُ مَعَ سَمْعِهِمْ ، فَالْمَعْنَى لَأَذْهَبَ سَمْعَهُمْ .
وَقَالَ
الصَّفَّارُ : وَهَذَا لَا يَلْزَمُ ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ " ذَهَبَ " الْبَرْقَ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ
[ ص: 225 ] يَكُونَ اللَّهَ تَعَالَى وَيَكُونَ الذَّهَابُ عَلَى صِفَةٍ تَلِيقُ بِهِ سُبْحَانَهُ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=22وَجَاءَ رَبُّكَ ( الْفَجْرِ : 22 ) .
قَالَ : وَإِنَّمَا الَّذِي يُبْطِلُ مَذْهَبَهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
دِيَارُ الَّتِي كَانَتْ وَنَحْنُ عَلَى مِنًى تَحِلُّ بِنَا لَوْلَا نَجَاءُ الرَّكَائِبِ
أَيْ تَجْعَلُنَا حُلَّالًا لَا مُحْرِمِينَ ، وَلَيْسَتِ الدِّيَارُ دَاخِلَةً مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لِكَوْنِ
nindex.php?page=treesubj&link=28905الْبَاءِ بِمَعْنَى الْهَمْزَةِ ، لَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا ، فَإِنْ قُلْتَ : كَيْفَ جَاءَ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ ( الْمُؤْمِنُونَ : 20 ) وَالْهَمْزَةُ فِي أَنْبَتَ لِلنَّقْلِ ؟ قُلْتُ : لَهُمْ فِي الِانْفِصَالِ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ :
أَحَدُهَا : أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ زَائِدَةً .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا بَاءُ الْحَالِ كَأَنَّهُ قَالَ : تُنْبِتُ ثَمَرَهَا وَفِيهِ الدُّهْنُ ، أَيْ وَفِيهِمَا الدُّهْنُ ، وَالْمَعْنَى : تَنْبُتُ الشَّجَرَةُ بِالدُّهْنِ ، أَيْ مَا هُوَ مَوْجُودٌ مِنْهُ ، وَتَخْتَلِطُ بِهِ الْقُوَّةُ بِنَبْتِهَا ، عَلَى مَوْقِعِ الْمِنَّةِ وَلَطِيفِ الْقُدْرَةِ ، وَهِدَايَةً إِلَى اسْتِخْرَاجِ صِبْغَةِ الْآكِلِينَ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّ نَبَتَ وَأَنْبَتَ بِمَعْنًى . وَلِلِاسْتِعَانَةِ وَهِيَ الدَّالَّةُ عَلَى آلَةِ الْفِعْلِ ، نَحْوُ : كَتَبْتُ بِالْقَلَمِ . وَمِنْهُ فِي أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=1بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ( الْفَاتِحَةِ : 1 ) .
nindex.php?page=treesubj&link=28905وَلِلتَّعْلِيلِ بِمَنْزِلَةِ اللَّامِ ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=54إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ ( الْبَقَرَةِ : 54 )
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=160فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا ( النِّسَاءِ : 160 )
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=40فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ ( الْعَنْكَبُوتِ : 40 ) .
nindex.php?page=treesubj&link=28905وَلِلْمُصَاحَبَةِ بِمَنْزِلَةِ مَعَ ، وَتُسَمَّى بَاءَ الْحَالِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=170قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ ( النِّسَاءِ : 170 ) أَيْ مَعَ الْحَقِّ أَوْ مُحِقًّا
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=48يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا ( هُودٍ : 48 ) .
[ ص: 226 ] nindex.php?page=treesubj&link=28905وَلِلظَّرْفِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ " فِي " ، وَتَكُونُ مَعَ الْمَعْرِفَةِ نَحْوُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=137وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=138وَبِاللَّيْلِ ( الصَّافَّاتِ : 137 - 138 )
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=18وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ( الذَّارِيَاتِ : 18 ) وَمَعَ النَّكِرَةِ نَحْوُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=123وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ( آلِ عِمْرَانَ : 123 )
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=34نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ ( الْقَمَرِ : 34 ) .
قَالَ
أَبُو الْفَتْحِ فِي التَّنْبِيهِ : وَتَوَهَّمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا لَا تَقَعُ إِلَّا مَعَ الْمَعْرِفَةِ ، نَحْوُ : كُنَّا
بِالْبَصْرَةِ وَأَقَمْنَا
بِالْمَدِينَةِ .
وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِقَوْلِ
الشَّمَّاخِ :
وَهُنَّ وُقُوفٌ يَنْتَظِرْنَ قَضَاءَهُ بِضَاحِي عَدَاةٍ أَمْرُهُ وَهُوَ ضَامِزُ
أَيْ فِي ضَاحِي وَهِيَ نَكِرَةٌ .
nindex.php?page=treesubj&link=28905وَلِلْمُجَاوَزَةِ كَعَنْ نَحْوُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=59فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا ( الْفُرْقَانِ : 59 )
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=1سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ( الْمَعَارِجِ : 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=25وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ ( الْفُرْقَانِ : 25 ) أَيْ عَنِ الْغَمَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=8بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ ( التَّحْرِيمِ : 8 ) أَيْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ .
nindex.php?page=treesubj&link=28905وَلِلِاسْتِعْلَاءِ كَعَلَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=75وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ ( آلِ عِمْرَانَ : 75 ) أَيْ عَلَى قِنْطَارٍ كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=64هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ ( يُوسُفَ : 64 ) وَنَحْوُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=30وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ [ ص: 227 ] ( الْمُطَفِّفِينَ : 30 ) ، أَيْ عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=137وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ ( الصَّافَّاتِ : 137 ) .
nindex.php?page=treesubj&link=28905وَلِلتَّبْعِيضِ كَمِنْ نَحْوُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ( الْإِنْسَانِ : 6 ) أَيْ مِنْهَا ، وَخَرَجَ عَلَيْهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ( الْمَائِدَةِ : 6 ) .
وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا بَاءُ الِاسْتِعَانَةِ ، فَإِنَّ " مَسَحَ " يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ ، وَهُوَ الْمُزَالُ عَنْهُ ، وَإِلَى آخَرَ بِحَرْفِ الْجَرِّ وَهُوَ الْمُزِيلُ ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ : فَامْسَحُوا أَيْدِيَكُمْ بِرُءُوسِكُمْ .