الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وللولي رد تصرف مميز وله إن رشد ، ولو حنث بعد بلوغه ، أو وقع الموقع )

                                                                                                                            ش : يعني أن الولي سواء كان وصيا أو وصي وصي ، أو مقدم القاضي فإنه يرد ما تصرف فيه المميز من بيع وغيره ويريد المصنف المميز المحجور وسواء كان صغيرا ، أو بالغا سفيها ولو صرح بذلك ، فقال : وتصرف مميز محجور لكان أبين ، وهذه اللام يظهر فيها أنها لام الإباحة ، وأن له الرد ، وله الإمضاء ، وهو إنما يكون بحسب ما يرى فيه المصلحة لا بحسب شهوته واختياره .

                                                                                                                            قال في الذخيرة عن الجواهر ولا يتصرف الولي إلا بما تقتضيه المصلحة لقوله تعالى { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } ، فهو معزول بظاهر النص عن غير التي هي أحسن ا هـ . وظاهر كلامه أن ذلك في جميع التصرفات له الإجازة والرد وليس كذلك وإنما يكون له الإجازة والرد في التصرفات المالية التي خرجت عن عوض ، وأما التبرعات فيتعين عليه ردها . ولنذكر بعض كلام أهل المذهب في ذلك ليتضح المقصود قال ابن رشد في المقدمات في باب المأذون له في التجارة : لا اختلاف بين مالك وأصحابه أن الصغير الذي لم يبلغ الحلم من الرجال ، والمحيض من النساء لا يجوز له في ماله معروف من [ ص: 61 ] هبة ولا صدقة ولا عطية ولا عتق ، وإن أذن له في ذلك الأب ، أو الوصي إن كان ذا أب ، أو وصي فإن باع ، أو اشترى ، أو فعل ما يشبه البيع والشراء مما يخرج عن عوض ولا يقصد فيه إلى معروف كان موقوفا على نظر وليه فإن رآه سدادا أو غبطة أجازه وأنفذه .

                                                                                                                            وإن رآه بخلافه رده وأبطله ، وإن لم يكن ولي قدم له ولي نظر بوجه النظر والاجتهاد ، وإن غفل عن ذلك حتى ولي أمره كان النظر إليه في إجازة إنفاذ ذلك أو رده واختلف إذا كان فعله سدادا نظرا مما كان يلزم الولي أن يفعله هل له أن يرده وينقضه إن آل الأمر إلى خلاف ذلك بحوالة ، أو نماء فيما باعه أو نقصان فيما ابتاعه ، أو ما أشبه ذلك فالمشهور المعلوم في المذهب أن ذلك له وقيل إن ذلك ليس له ويلزمه ما أفسد أو كسر مما لم يؤتمن عليه واختلف فيما إذا أفسد وكسر مما اؤتمن عليه ولا يلزمه بعد بلوغه ورشده عتق ما حلف بحريته ، وحنث به في حال صغره واختلف فيما حلف به في حال صغره وحنث به في حال رشده فالمشهور أنه لا يلزمه ، وقال ابن كنانة : يلزمه ولا تلزمه يمين فيما ادعى عليه به واختلف هل يحلف مع شاهده ؟ المشهور أنه لا يحلف ويحلف المدعى عليه فإن نكل غرم ولا يمين على الصبي إذا بلغ ، وإن حلف برز إلى البلوغ فإذا بلغ الصغير حلف وأخذ حقه فإن نكل لم يكن له شيء ولا يلزم المدعى عليه يمين ثانية ، وقد روي عن مالك والليث : أنه يحلف مع شاهده ولا شيء عليه فيما بينه وبين الله من الحقوق والأحكام { لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع القلم عن ثلاث } فذكر منهم الصبي حتى يحتلم ا هـ .

                                                                                                                            ثم قال في أواخر كتاب المديان قد أتينا بحمد الله على ما شرطنا من بيان الحدود المميزة بين من يجوز وبين من لا يجوز في الأبكار وغيرهن

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية