الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وجاز أخذ محتاج : نعلا ، وحراما ، وإبرة ، وطعاما وإن نعما ، وعلفا : [ ص: 156 ] كثوب ، وسلاح ، ودابة ليرد ، ورد الفضل إن كثر ; فإن تعذر تصدق به ، ومضت المبادلة بينهم

التالي السابق


( وجاز أخذ ) شخص من المجاهدين الذين يسهم لهم من الغنيمة ( محتاج ) ظاهره ولم يبلغ الضرورة المبيحة للميتة ، فإن كان لا يسهم له ففي جواز أخذه وعدمه قولان ومفعول أخذ المضاف لفاعله قوله ( نعلا وحزاما وإبرة وطعاما ) إن لم يكن نعما بل ( وإن ) كان ( نعما ) بفتح النون والعين اسم جمع لا واحد له من لفظه أي إبلا أو بقرا أو غنما يذكيه ويأكل لحمه ويرد جلده للغنيمة إن لم يحتج له . ابن عرفة فيها ولو نهاهم الإمام ثم اضطروا إليه جاز لهم أكله . أبو الحسن ; لأن الإمام إذ ذاك عاص فلا يلتفت إليه ( وعلفا ) لدابته . [ ص: 156 ] وشبه في جواز الأخذ فقال ( كثوب وسلاح ودابة ليرد ) بفتح المثناة وضم الراء وشد الدال أي الثوب والسلاح والدابة للغنيمة بعد استغنائه عنها فهو راجع لما بعد الكاف ، ولذا فصله بها . ومفهومه أنه لا يجوز أخذ نحو الثوب بلا نية وظاهرها جوازه فالممنوع إنما هو أخذه بنية تملكه ( ورد ) الآخذ للغنيمة ( الفضل ) أي الفاضل عن حاجته من جميع ما أخذه من الغنيمة لحاجته إليه مما قبل الكاف وما بعدها ( إن كثر ) أي زادت قيمته عن درهم ومفهومه أن اليسير وهو ما يساوي درهما لا يجب رده إليها ، وهذا فيما قبل الكاف فقط دون ما بعدها ; لأنه يرده بعينه كالدابة والسلاح فلا معنى للكثرة والقلة فيما يرد بعينه قاله البناني ، فإن أقرض الكثير أو باعه فليس له أخذ عوضه من المقترض ، ولا ثمنه من المشتري ، وإنما يأخذه الإمام ليفرقه على الجيش إن كان المقترض من غيرهم ، فإن كان منهم فلا يرده إن احتاج له وإلا يرده .

( فإن تعذر ) رد ما وجب رده سواء كان مما قبل الكاف أو مما بعدها لسفر الإمام وتفرق الجيش ( تصدق ) من هو بيده ( به ) كله بلا تخميس كما يؤخذ من التوضيح على المشهور ، وقال ابن المواز يتصدق منه حتى يبقى اليسير فله إبقاؤه لنفسه ، واستبعده ابن عبد السلام بأن اليسير يغتفر منفردا لا مجتمعا مع غيره . ابن عرفة فيها ما فضل من طعام بعد خروجه من أرض الحرب يتصدق بكثيره ، ولا بأس بأكله يسيره . اللخمي والباجي إنما يتصدق به إذا افترق الجيش وإلا رده للقسم . ابن بشير هو كمال مجهول مالكه يتصدق به على المشهور ا هـ .

( و ) إن أخذ شخصان ممن يسهم لهما محتاجان صنفي طعام كقمح وشعير وفضل عن حاجة كل منهما كثير مما أخذه ، واحتاج كل منهما لما فضل بيد الآخر فتبادلا بتفاضل كصاع بصاعين من جنس واحد ( مضت المبادلة ) قبل القسم الواقعة ( بينهم ) أي المجاهدين وتجوز ابتداء على المذهب ; لأن كلا منهما كأنه رد ما فضل عنه للغنيمة وأخذه [ ص: 157 ] الآخر منها فلا مبادلة في الحقيقة ، فإن تبادلا بعد القسم بتفاضل فسخ . وكذا إن تبادلا به مع عدم احتياج كل لفاضل الآخر لوجوب رده للغنيمة ، وتبع المصنف ابن الحاجب في تعبيره بمضت ووجهه ابن عبد السلام بإفادته عدم جبره على دفع العوض إن امتنع منه كعدم جبره عليه إن اقترضه لاشتراكهما في أنهما عقد معاوضة ، فإذا لم يجب رد العوض في أحدهما ثبت مثله في الآخر لكن إن لم يعثر على ذلك حتى رد العوض في المبادلة فإنه يمضى كرده في القرض .

ابن عرفة فيها لابن القاسم لا شيء على مقترض طعام ممن أصابه ببلد الحرب لمقرضه . اللخمي لو كان الطعام قدر حاجته أياما فأقرضه بعضه ليأخذه وقت حاجته فله ذلك ، وعلى المعروف لو رده مقترضه لظن لزومه من طعام يملكه ، ففي رجوعه به بشرط قيامه أو مطلقا نقلا . عبد الحق عن الجاري بمجالس بلده قياسا على قولها من أثاب من صدقته لظن لزومه ، وبعض القرويين مفرقا بأن رد الطعام بالجبر لمكان شرطه وعدم الجبر في الصدقة لعدمه وصوب الصقلي الأول وعبد الحق الثاني ولو رده من طعام أهل الجيش فلا رجوع له فيه مطلقا . وفي جواز بدل القمح بالشعير بين أهل الجيش متفاضلا نقلا اللخمي عن سحنون وابن أبي العمري .

المازري لو كان أحدهما من غير الجيش منع الربا ، وفيها لا بأس بمنع من بيده قمح أو لحم أو عسل ما بيده آخر بيده منها ما ليس بيد الأول حتى يعطيه ذلك مبادلة ، ومفهوم بينهم امتناعها بين بعض الجيش وآخر من غيره وهو كذلك إن كان فيها ربا وإلا جازت .




الخدمات العلمية