الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والجميع بالفساد ، ولا يرجع أحد منهم إلا أن يصرح بالحمالة ، أو يكون بعد العقد ، [ ص: 321 ] ولها الامتناع إن تعذر أخذه ، حتى يقدر [ ص: 322 ] وتأخذ الحال

التالي السابق


( و ) رجع ( الجميع ) أي المهر كله للأب أو ذي القدر أو الضامن إذا فسخ النكاح قبل الدخول ( ب ) سبب ( الفساد ) لعدم استحقاق الزوجة شيئا منه حينئذ ومثل الفساد مخالعتها به قبله وفسخ سيد أو ولي نكاح عبد أو محجور تحمل صداقه شخص بلا إذنه ، فإن فسخ بعد البناء فهو لها وإن خالعته بعده فهو للزوج ، ومحل رجوع النصف أو الكل للمتحمل إن تحمله على أنه صداق أو بلا قصد ، فإن تحمله متصدقا به فلا يرجع إليه شيء .

( ولا يرجع أحد منهم ) أي الأب وذي القدر والضامن لابنته على الزوج المطلق قبل البناء بالنصف الذي أخذته الزوجة أو الذي دخل بالجميع الذي أخذته بالدخول في كل حال ( إلا أن يصرح ) المتحمل قبل العقد أو أو بعده ( بالحمالة ) أي الضمان للزوج في المهر بأن يقول على حمالة المهر عن فلان ( أو يكون ) أي ضمان من ذكر الصداق ( بعد العقد ) للنكاح على أن الصداق على الزوج فيرجع الملتزم على الزوج بالجميع إن دخل وبالنصف إن طلق قبله ، فإن كان حال العقد أو قبله فلا يرجع عليه بشيء إلا بشرط أو عرف أو قرينة بالرجوع ، ويعمل بها أيضا في عدمه .

وصور المسألة خمس عشرة صورة . تصريح بلفظ حمل أو حمالة أو ضمان أو دفع ، ودفع بلا لفظ ، وكلها إما قبل العقد أو أو بعده ، فإن صرح بالحمل فلا يرجع [ ص: 321 ] مطلقا ، وإن صرح بالحمالة فله الرجوع مطلقا ، وإن صرح بالضمان أو الدفع أو دفع بلا لفظ فإن كان بعد العقد فلا رجوع ، وإن كان قبله أو فله الرجوع . ونظم أبو علي أقسام المسألة فقال :

أنف رجوعا عند حمل مطلقا حمالة بعكس ذا فحققا لفظ ضمان عند عقد لا ارتجاع
وبعده حمالة بلا نزاع وكل ما التزم بعد عقد
فشرطه الحوز فافهم قصدي

طفي قول تت ومن تبعه الدفع على السكوت حكمه كالتصريح بالضمان يحتاج إلى نقل ، ولم أره لغيرهم وأقره البناني ( ولها ) أي الزوجة التي التزم صداقها عن زوجها غيره سواء كان يرجع به عليه أم لا ( الامتناع ) من دخول الزوج عليها والوطء بعده ( إن تعذر أخذه ) أي الصداق ممن التزمه ( حتى يقرر ) بضم المثناة تحت وفتح القاف والراء الأولى . وفي نسخة بالدال المهملة أي يعين لها قدر الصداق في نكاح التفويض ، وإن لم تقبضه ، وقيل حتى تقبضه ابن عرفة .

ابن القصار إن فرض صداق المثل وأبى دفعه حتى يأخذها إليه ، وأبت أن تسلم نفسها إليه حتى تقبضه فالذي يقوى في نفسي أن يوقف الحاكم المهر حتى تسلم نفسها إليه إلا أن يجري بتسليمه لها إذا بذلت . ابن شاس لها حبس نفسها للفرض لا لتسليم المفروض . قلت انظر هل الخلاف في تعجيل دفعه قبل البناء أو قبل أن يتهيأ له ، والأول ظاهر كلام ابن محرز ونص كلام ابن بشير ، والثاني ظاهر كلام ابن شاس . وظاهره أن الخلاف في النقد لا في كل المهر .

اللخمي لها منع نفسها قبل قبضه إلا أن تكون العادة أنه مقدم ومؤخر فلا تمتنع إذا فرض الزوج وقدم النقد المعتاد ، فإن رضيت بتمكينه قبل أن يفرض شيئا جاز إن دفع ربع دينار ، ولم أر لفظ التقرير أو التقدير في كلام أحد لا ابن الحاجب ولا غيره حتى صاحب الشامل الذي يتبع لفظ المصنف غالبا ، نصه وإن تعذر أخذه من الحامل ولم يدخل بها فلها الامتناع حتى تقبضه .

فإن قلت قوله حتى يقرر ينافي قوله إن تعذر أخذه لأن الأخذ لا يتعلق به قبل [ ص: 322 ] تعيينه ، فقوله أخذه يدل على أنه معين ، وقوله حتى يقرر يقتضي أنه غير معين . قلت لا ينافيه لأن تعذر الأخذ يتعلق بالمعين وغيره ، ألا ترى أن غير المعين يصح أن يقال فيه تعذر أخذه ، بخلاف الأخذ فلا يتعلق إلا بالمعين . فإن مات الحامل أتبعت تركته فإن كان عديما ومكنت من نفسها ثم مات فلا شيء على الزوج ، وليس لها منع نفسها منه إذ لم يبق من تأخذ هي منه .

اللخمي لو كان صداقها مائة نصفها نقد ونصفها مؤخر ومات الحامل عن مال أخذت المائة منه لحلولها بموته ، وإن لم يخلف شيئا فللزوج إن أتى بالمعجل أن يبني بها ، وإن خلف خمسين أخذتها وللزوج البناء بها إن دفع خمسة وعشرين لأن الخمسين التي أخذتها نصفها للخمسين المعجلة ونصفها للخمسين المؤخرة . ثم قال وإن كان جميع الصداق مؤجلا فللزوج البناء بها وليس لها منع نفسها لدخولها على تسليم نفسها واتباع ذمة أخرى نقله في التوضيح . ابن عرفة لو فلس الحميل أو مات عديما بعد البناء فلا شيء على الزوج وقبله فيها في موته ، وفي سماع سحنون وابن القاسم في عدمه لها منعه حتى يقبض معجله أو يطلق .

( و ) حتى ( تأخذ الحال ) أصالة دون ما حل بعد الأجل قاله اللخمي ، ونقله ابن عرفة ونصه اللخمي وله البناء دون دفع مؤجله ولو حل لدخولها على تسليمها له واتباع غيره ، كقائل بع فرسك لفلان وثمنها على السنة ففلس قبل قبضه ولا شيء عليه ا هـ ، ويدل عليه أيضا ما تقدم عنه قريبا .




الخدمات العلمية