الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 337 ] وحلت الأخت : ببينونة السابقة ، [ ص: 338 ] أو زوال ملك بعتق وإن لأجل ، أو كتابة ، أو إنكاح يحل المبتوتة ، [ ص: 339 ] أو أسر ، أو إباق إياس ، أو بيع دلس فيه ، لا فاسد لم يفت ، [ ص: 340 ] وحيض وعدة شبهة ، وردة ، وإحرام ، وظهار واستبراء ، وخيار ، وعهدة ثلاث

التالي السابق


( و ) من تزوج امرأة وأراد وطء من يحرم جمعها معا بملك أو نكاح ( حلت ) بفتح الحاء المهملة واللام مشددة أي جاز له ( الأخت ) ونحوها التي أراد وطأها بنكاح أو ملك ( ب ) سبب ( بينونة ) المرأة ( السابقة ) في نكاحه بطلاق بائن أو انقضاء عدة طلاق رجعي فإن كانت بالأقراء وادعت تأخر حيضها فتصدق بيمينها إلى تمام سنة ، فإن ادعت بعدها حركة حمل فينظرها النساء ، فإن صدقنها فلا تحل له الأخرى حتى تضعه وإلا حلت أحمد لو قال وحل كالأخت لشمل كل من منع جمعها معها ومفهوم بينونة أن الطلاق الرجعي لا يحل كالأخت فيلزم الزوج التربص إلى انتهاء عدته . وهل يسمى معتدا قيل نعم ، وعليها فهذه إحدى ثلاث يعتد فيها الزوج .

والثانية من طلق واحدة من أربع زوجات طلاقا رجعيا وأراد أن يتزوج رابعة بدلها فيتربص حتى تخرج المطلقة من عدتها ، والثالثة من مات ربيبه وادعى حمل زوجته ليرث [ ص: 338 ] أخاه لأمه فيجتنبها حتى يظهر حملها أو تحيض ، ولا يقال قد يجتنبها في غير هذه بزنا أو شبهة أو إحرام أو اعتكافه أو إيلاء أو ظهار أو تخيير أو تمليك لأن المراد تجنبها لغير معنى طرأ على بضعها أو عليها وقيل لا .

( أو زوال ملك ) عن السابقة ( بعتق ) لها ناجز بل ( وإن لأجل ) فتحل به الثانية إن لم تكن بنتا ولا أما بدليل ما قدمه فيهما ويؤخذ منع وطء المعتقة لأجل . وصرح به في الرسالة لأنه يشبه نكاح المتعة فإن وطئها وحملت منه صارت أم ولد ونجز عتقها لأن كل أم ولد حرم وطؤها ينجز عتقها ، وقيل لا يعجل لبقاء أرش الجناية له إن جرحت وقيمتها إن قتلت . ومثل العتق لأجل عتق البعض لتحريمه الوطء .

( أو كتابة ) عطف على بينونة أو زوال لا على عتق لأن الكتابة لا يزول بها الملك ، فإن عجزت فلا تحرم الأخرى كرجوع مبيعة بعيب أو شراء أو طلاق مزوجة أو مسبية أو آبقة ، إذ يكفي حصول التحريم ابتداء فلا يضر زواله بعجز أو تأيم وتحرم عليه الراجعة المذكورة ما دام يطأ من يحرم جمعها معها .

( أو إنكاح ) أي تزويج السابقة بعد استبرائها من مائه لغيره ( يحل ) بضم فكسر أي يجوز وطؤه ( المبتوتة ) لباتها بأن يكون عقدا صحيحا لازما أو فاسدا مضى بالدخول أو غير لازم . وأجيز كنكاح عبد أو صبي أو سفيه بغير إذن أو معيب بموجب خيار . واعترض الشارح قوله يحل المبتوتة ، باقتضائه أن العقد الصحيح غير كاف هنا وأنه لا بد من دخول الزوج لأنه الذي يحل المبتوتة ، ولم أر من نص عليه فمراده مجرد العقد ، وتبعه البساطي . وأجاب " غ " بأن عدوله عن نكاح الثلاثي المجرد الصالح لأن يراد به الدخول إلى إنكاح الرباعي الذي لا يصلح أن يراد به إلا العقد دليل إرادته فقط ، ولا يرد أن وصفه بقوله يحل المبتوتة يبعد هذا أو يمنعه لأن معناه يحل وطؤه لكونه لازما وإن لم يطأ فيه ، أو شأنه أنه يحل المبتوتة لو وطئ ا هـ . البناني هذا الجواب يقتضي أن العقد [ ص: 339 ] الفاسد يحل الثانية بمجرده إذا كان يمضي بالدخول لأنه يصدق عليه أنه عقد يحل وطؤه المبتوتة .

( أو أسر ) للسابقة ( أو إباق ) السابقة إباق ( إياس ) من رجوعها إن كان وطئها بملك فيحل له أن يطأ بملك أو نكاح من يحرم جمعها معها ، ولم يقيد الأسر بالإياس لأنه مظنته ، فإن كان وطئ السابقة بنكاح وأسرت أو أبقت إباق إياس فلا يحل له وطء من يحرم جمعها معها إلا إن طلق السابقة طلاقا بائنا ، فإن طلقها رجعيا فإن كانت أسرت أو فقدت بفور ولادتها حلت الثانية بمضي ثلاث سنين من طلاقها ، إلا إذا كانت عادتها الحيض قبل تمام السنة فيعمل عليها ، وإن كانت عادتها الحيض في سنتين أو خمس مثلا مرة فلا تحل الثانية حتى تتم المدة التي تحيض فيها السابقة ثلاث حيض ، وإن شك في حمل السابقة فلا تحل الثانية إلا بالأقصى من خمس سنين من ترك وطئها وأطول عدتها .

ابن عرفة أصبغ من أسرت زوجته وعمي خبرها منع من تزويج من يحرم جمعها معا حتى يبت طلاق الأسيرة أو يمضي لطلاقها غير بتات خمس سنين من يوم سبيها وثلاث من يوم طلاقها لاحتمال ريبة البطن وتأخر الحيض ولو سبيت وهي نفساء وطلقها بحدثانه تربص سنة لأنها عدة التي ترتفع الحيضة لنفاسها . الشيخ كأنه تكلم على تمادي الدم بها وقد تطهر من نفاسها ثم تستراب فيجب تربصها ثلاث سنين ، وأما ريبة الحمل فلا لتيقن أن لا حمل بها لعدم وطئه إياها بعد نفاسها ا هـ .

( أو بيع دلس ) بفتحات مثقلا أي كتم البائع العيب الذي عليه ( فيه ) أي المبيع فيحل به وطء من يحرم جمعها مع السابقة وأولى الذي لم يدلس فيه إلا ما فيه مواضعة أو عهدة ثلاث أو خيار فلا تحل الثانية إلا برؤية السابقة الدم ومضي الثلاث وانبرام البيع لأن الملك في جميعها للبائع والضمان منه . ويدل على هذا قوله الآتي واستبراء أو خيار أو عهدة ثلاث بناء على أن المراد بالاستبراء المواضعة ( لا ) تحل كالأخت بنكاح أو بيع ( فاسد ) للسابقة ( لم يفت ) بدخول في المزوجة فاسدا ولا بحوالة سوق فأعلى في المبيعة [ ص: 340 ] فاسدا فلا تحل الثانية لبقاء ملك البائع الأولى ، فإن فات حلت .

( و ) لا تحل الثانية بحرمة وطء السابقة ب ( حيض ) ونفاس وإحرام واعتكاف ( وعدة ) أي استبراء وطء ( شبهة ) ابن عبد السلام تقييده العدة بالشبهة حسن لأنها لو كانت من نكاح صحيح لكان النكاح وحده محرما والعدة من توابعه .

( و ) لا تحل الثانية بحرمة السابقة ب ( ردة ) إن كانت أمة مملوكة فإن كانت زوجة حرة أو أمة حلت الثانية لبينونة السابقة بما على المشهور ، وأما على أنها طلاق رجعي فتدخل الزوجة في كلام المصنف .

( و ) لا تحل الثانية بحرمة وطء السابقة ب ( إحرام ) منها بحج أو عمرة زوجة كانت أو أمة ( و ) لا ( ظهار ) أي تشبيه الزوجة السابقة بمؤبد تحريمها ومثله الحلف على ترك وطئها ( واستبراء ) من نحو زنا ومواضعة من مائه أو في رابعة ( و ) بيع ( خيار و ) بيع ( عهدة ) بضم المهملة أي ضمان ( ثلاث ) من كل حادث فلا تحل محرمة الجمع حتى ترى السابقة الدم ويثبت بيعها وتتم الثلاث بلا حادث . عج احترز بعهدة الثلاث عن عهدة السنة فتحل بها محرمة الجمع . تت الظاهر أنها كعهدة الثلاث وقياسا على إخدام سنة عب يفرق بأنها في إخدام السنة على ملكه لا في عهدة السنة . طفي لا وجه للاستظهار لأن إخدام السنة يخالف عهدة السنة لبقاء الملك في الإخدام وحلية الوطء دونها مع أن القيد بالثلاث لمحمد وأقروه ، وقولنا وحلية الوطء في إخدام سنة لا في أكثر قاله ابن الماجشون ونقله ابن عرفة .




الخدمات العلمية