الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6519 2995 - (6555) - (2 \ 166) عن النعمان بن سالم، سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود، سمعت رجلا قال لعبد الله بن عمرو إنك تقول: إن الساعة تقوم إلى كذا وكذا؟ قال: لقد هممت أن لا أحدثكم شيئا، إنما قلت: إنكم سترون بعد قليل أمرا عظيما، كان تحريق البيت قال شعبة: هذا أو نحوه، ثم قال عبد الله بن عمرو: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يخرج الدجال في أمتي، فيلبث فيهم أربعين " - لا أدري أربعين يوما، أو أربعين سنة ، أو أربعين ليلة، أو أربعين شهرا؟ - " فيبعث الله عز وجل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم، كأنه عروة بن مسعود [ ص: 331 ] الثقفي، فيظهر فيطلبه فيهلكه ، ثم يلبث الناس بعده سنين سبعا، ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام، فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدهم كان في كبد جبل لدخلت عليه " قال: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ويبقى شرار الناس، في خفة الطير، وأحلام السباع، لا يعرفون معروفا، ولا ينكرون منكرا " قال: " فيتمثل لهم الشيطان، فيقول: ألا تستجيبون؟ فيأمرهم بالأوثان فيعبدونها، وهم في ذلك دارة أرزاقهم، حسن عيشهم، ثم ينفخ في الصور، فلا يسمعه أحد إلا أصغى له ، وأول من يسمعه رجل يلوط حوضه فيصعق، ثم لا يبقى أحد إلا صعق، ثم يرسل الله، أو ينزل الله مطرا كأنه الطل أو الظل - نعمان الشاك - فتنبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيه أخرى، فإذا هم قيام ينظرون، قال: ثم يقال: يا أيها الناس، هلموا إلى ربكم، وقفوهم إنهم مسئولون، قال: ثم يقال: أخرجوا بعث النار، قال: فيقال كم؟ فيقال: من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين، فيومئذ يبعث الولدان شيبا ، ويومئذ يكشف عن ساق " قال محمد بن جعفر: " حدثني بهذا الحديث شعبة مرات وعرضت عليه ".

التالي السابق


* قوله: "هممت ألا أحدثكم شيئا": أي: لسقم أفهامكم.

* "ثم قال عبد الله": كأنه أراد به: أنه كيف يزعم ذلك، وقد سمع خبر الساعة وحفظه؟

* "لا أدري": من كلام عبد الله، يريد: أنه صلى الله عليه وسلم أبهم "أربعين" ولم يعين.

* "فيبعث الله عيسى": أي: ينزله من السماء حاكما بشرع نبينا صلى الله عليه وسلم.

قال عياض: نزول عيسى وقتله الدجال حق وصحيح عند أهل السنة؛ للأحاديث الصحيحة بذلك، وهو غير مخالف للعقل ولا للشرع، فوجب قبوله، ولا ينافيه قوله تعالى: وخاتم النبيين [الأحزاب: 40] ولا حديث: "لا نبي بعدي" ولا إجماع المسلمين على أنه لا نبي بعده، وأن شريعته مؤبدة إلى يوم [ ص: 332 ] القيامة لا تنسخ، كما زعمه بعض المعتزلة وغيرهم؛ إذ ليس المراد بنزول عيسى أنه ينزل نبيا بشرع ينسخ شرع نبينا صلى الله عليه وسلم، بل المراد: أنه ينزل حكما بهذا الشرع.

* "فيظهر": وفي بعض النسخ: "فيطلبه" كما في "صحيح مسلم".

* "ليس بين اثنين عداوة": أي: لصلاح الحال.

* "في كبد جبل": أي: وسطه وداخله، وكبد كل شيء: وسطه.

* "في خفة الطير وأحلام السباع": قال العلماء: معناه يكونون في سرعتهم إلى الشرور والقبائح خف طيران الطير، وفي العدوان والظلم في أخلاق السباع العادية.

* "ألا تستجيبون": - بالجيم - من الإجابة؛ أي: ألا تجيبون إلى ما أدعوكم إليه من الخير؟ وفي "صحيح مسلم": "ألا تستحيون": - بالحاء المهملة - من الحياء؛ أي: ألا تستحيون عما أنتم عليه من ترك العبادة؟!

* "إلا أصغى له": أي: استمع تعجبا وحيرة، أو أجاب له بالموت.

* "يلوط": أي: يطينه ويصلحه.

* "فيصعق": - بفتح العين - أي: يسقط.

*"صعق": - بكسر العين - .

* "كأنه الطل": قال العلماء: الأصح: "الطل" - بالمهملة - وهو الموافق للحديث الآخر أنه كمني الرجال.

* "وقفوهم" : أي: ويقال للملائكة: قفوهم.

[ ص: 333 ] * "يكشف عن ساق": قال العلماء: معناه: يكشف عن شدة وهول عظيم، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية