الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6532 3004 - (6568) - (2 \ 168) سمع عبد الله بن عمرو بن العاصي، يقول: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا سمعتم مؤذنا فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي؛ [ ص: 340 ] فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة، لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة، حلت عليه الشفاعة".

التالي السابق


* قوله: "مثل ما يقول": إلا في الحيعلتين، فيأتي بلا حول ولا قوة إلا بالله؛ لأحاديث جاءت بذلك، فهو عام مخصوص، وهذا هو الذي يؤيده النظر في المعنى؛ لأن إجابة حي على الصلاة بمثله يعد استهزاء.

* "صلى الله عليه بها عشرا": قال الترمذي: قالوا: صلاة الرب تعالى الرحمة.

قلت: وهو المشهور، فالمراد أنه تعالى ينزل على المصلي أنواعا من الرحمة والألطاف، وقد جوز بعضهم كون الصلاة بمعنى ذكر مخصوص، فالله تعالى يذكر المصلي بذكر مخصوص؛ تشريفا له بين الملائكة؛ كما في الحديث: "وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم" لا يقال: يلزم منه تفضيل المصلي على النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث يصلي الله تعالى عليه عشرا في مقابلة صلاة واحدة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنا نقول: هي واحدة بالنظر إلى أن المصلي دعا بها مرة واحدة، فلعل الله تعالى يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ما لا يعد ولا يحصى، على أن الصلاة على كل واحد بالنظر إلى حاله، وكم من واحد لا يساويه ألف، فمن أين التفضيل؟!

* "الوسيلة": قيل: هي في اللغة: المنزلة عند الملك، ولعلها في الجنة عند الله أن يكون كالوزير عند الملك؛ بحيث لا يخرج رزق ولا منزلة إلا على يديه وبواسطته.

[ ص: 341 ] * "إلا لعبد": أي: عظيم على أن التنكير للتعظيم.

* "أن أكون أنا هو": من وضع الضمير المرفوع موضع المنصوب، على أن "أنا" تأكيد، أو فصل، ويحتمل أن تكون "أنا" مبتدأ خبره "هو" والجملة خبر "أكون".

* "حلت عليه": أي: نزلت عليه، وفي نسخة: "له" واللام بمعنى "على" ولا يصح تفسير الحل بما يقابل الحرمة؛ فإنها حلال لكل مسلم، وقد يقال: بل لا تحل إلا لمن أذن له، فيمكن أن يجعل الحل كناية عن حصول الإذن في الشفاعة له، ثم المراد: شفاعة مخصوصة، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية