الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ) ، نزلت في أنصاري تزوج حنيفية ولم يسم مهرا ، ثم طلقها قبل أن يمسها ، فقال - صلى الله عليه وسلم : ( متعها ولو بقلنسوتك ) ، فذلك قوله : ( لا جناح عليكم ) الآية . ومناسبتها لما قبلها أنه لما بين - تعالى - حكم المطلقات المدخول بهن ، والمتوفى عنهن أزواجهن ، بين حكم المطلقة غير المدخول بها ، وغير المسمى لها مدخولا بها ، أو غير ذلك . والمطلقات أربع : مدخول بها مفروض لها ، ونقيضتها ، ومفروض لها غير مدخول بها ، ونقيضتها . والخطاب في قوله : ( لا جناح عليكم ) للأزواج ، ومعنى نفي الجناح هنا هو أنه لما نهى عن التزوج بمعنى الذوق وقضاء الشهوة ، وأمر بالتزوج طلبا للعصمة والثواب ، ودوام الصحبة - وقع في بعض نفوس المؤمنين أن من طلق قبل البناء يكون قد أوقع جزءا من هذا المكروه ؛ فرفع الله الجناح في ذلك ، إذا كان أصل النكاح على المقصد الحسن ، ( ما لم تمسوهن ) ، قرأ حمزة والكسائي : " تماسوهن " مضارع ماس ، فاعل . وقرأ باقي السبعة مضارع مسست . وفاعل يقتضي اشتراك الزوجين في المسيس ، ورجح أبو علي قراءة : " تمسوهن " بأن أفعال هذا الباب جاءت ثلاثية ، نحو : نكح ، وسفد ، وفزع ، ودقط ، وضرب الفحل . والقرابان : حسنتان ، والمس هنا والمماسة : الجماع ، كقوله : ( ولم يمسسني بشر ) ، و " ما " في قوله : ( ما لم تمسوهن ) الظاهر أنها ظرفية مصدرية ، التقدير : زمان عدم المسيس كقول الشاعر :


إني بحبلك واصل حبلي وبريش نبلك رائش نبلي     ما لم أجدك على هدى أثر
يقرو مقصك قائف قبلي



وهذه " ما " الظرفية المصدرية شبيهة بالشرط ، وتقتضي التعميم نحو : أصحبك ما دمت لي محسنا ، فالمعنى : كل وقت دوام إحسان . وقال بعضهم : ما شرطية ، ثم قدرها بأن ، وأراد بذلك - والله أعلم - تفسير المعنى ، و " ما " إذا كانت شرطا تكون اسما غير ظرف زمان ولا مكان ، ولا يتأتى هنا أن تكون شرطا بهذا المعنى . وزعم ابن مالك أن " ما " تكون شرطا ظرف زمان . وقد رد ذلك عليه ابنه بدر الدين محمد في بعض تعاليقه ، وتأول ما استدل به والده ، وتأولنا نحن بعض ذلك بخلاف تأويل ابنه ، وذلك كله ذكرناه في كتاب ( التكميل ) من تآليفنا . على أن ابن مالك ذكر أن ما ذهب إليه لا يقوله النحويون ، وإنما استنبط هو ذلك من كلام الفصحاء على زعمه . وزعم بعضهم أن " ما " في قوله : ( ما لم تمسوهن ) اسما موصولا ، والتقدير : إن طلقتم النساء اللاتي لم تمسوهن ، فلا يكون لفظ " ما " شرطا ، وهذا ضعيف ؛ لأن " ما " إذ ذاك تكون وصفا للنساء ؛ إذ قدرها بمعنى اللاتي ، و " ما " من الموصولات التي لا يوصف بها بخلاف الذي والتي . وكنى بالمسيس عن المجامعة تأديبا لعباده في اختيار أحسن الألفاظ فيما يتخاطبون به . ( أو تفرضوا لهن فريضة ) ، الفريضة هنا هو الصداق ، وفرضه : تسميته . و " أو " على بابها من كونها تأتي لأحد الشيئين ، أو لأشياء ، والفعل بعدها معطوف على " تمسوهن " فهو مجزوم ، أو معطوف على مصدر متوهم ، فهو منصوب على إضمار أن بعد أو ، بمعنى إلا . التقدير : ما لم تمسوهن إلا أن تفرضوا لهن فريضة ، أو معطوف على جملة محذوفة ، التقدير : فرضتم أو لم تفرضوا ، أو بمعنى الواو والفعل مجزوم معطوف على " تمسوهن " أقوال أربعة : الأول ل ابن عطية وغيره ، والثاني للزمخشري والثالث لبعض أهل العلم ولم يسم ، والرابع للسجاوندي وغيره . فعلى القول الأول : ينتفي الجناح عن المطلق عند انتفاء أحد أمرين : إما الجماع ، وإما تسمية المهر ؛ أما عند انتفاء الجماع فصحيح ؛ وأما عند انتفاء تسمية المهر فالحكم ليس كذلك ؛ لأن المدخول بها التي لم يسم لها مهر - وهي المفوضة - إذا طلقها زوجها لا ينتفي الجناح عنه . وعلى القول الثاني ينتفي الجناح عند انتفاء الجماع إلا إن فرض لها مهر ؛ فلا ينتفي الجناح ، وإن انتفى الجماع ؛ لأنه [ ص: 232 ] استثنى من الحالات التي ينتفي فيها الجناح حالة فرض الفريضة ؛ فيثبت فيها الجناح . وعلى القول الثالث : ينتفي الجناح بانتفاء الجماع فقط ، سواء فرض أم لم يفرض ، وقالوا : المراد هنا بالجناح لزوم المهر ؛ فينتفي ذلك بالطلاق قبل الجماع ، فرض مهرا أو لم يفرض ؛ لأنه إن فرض انتقل إلى النصف ، وإن لم يفرض ، فاختلف في ذلك ؛ فقال حماد بن أبي سليمان : إذا طلقها ولم يدخل بها ، ولم يكن فرض لها أجبر على نصف صداق مثلها ، وقال غيره : ليس لها نصف مهر المثل ، ولكن المتعة . وفي هذا القول الثالث حذف جملة ، وهي قوله : فرضتم ، وإضمار " لم " بعد " أو " ، وهذا لا يجوز إلا إذا عطف على مجزوم ، نحو : لم أقم وأركب ، على مذهب من يجعل العامل في المعطوف مقدرا بعد حرف العطف . وعلى القول الرابع : ينتفي الجناح بانتفاء الجماع وتسمية المهر معا ، فإن وجد الجماع وانتفت التسمية فلها مهر مثلها ، وإن انتفى الجماع ووجدت التسمية فنصف المسمى ، فيثبت الجناح إذ ذاك في هذين الوجهين ، وينتفي بانتفائهما ؛ ويكون الجناح إذ ذاك يطلق على ما يلزم المطلق باعتبار هاتين الحالتين . وهذه الآية تدل على جواز الطلاق قبل البناء ، وأجمعوا على جواز ذلك ، والظاهر جواز طلاق الحائض غير المدخول بها ؛ لأن الآية دلت على انتفاء الحرج في طلاقهن عموما ، سواء كن حيضا أم لا ، وهو قول أكثر العلماء ومشهور مذهب مالك ، ولمالك قول يمنع من طلاق الحائض مدخولا بها أو غير مدخول بها ، وموت الزوج قبل البناء ، وقبل الفرض ينزل منزلة طلاقه قبل البناء وقبل الفرض ، فليس لها مهر ولا ميراث ، قاله مسروق ، وهو مخالف للأصول . وقال علي ، وزيد ، وابن عباس ، وابن عمر ، والزهري ، والأوزاعي ، ومالك ، والشافعي : لها الميراث ، ولا صداق لها ، وعليها العدة . وقال عبد الله بن مسعود ، وجماعة من الصحابة ، وأبو حنيفة ، والثوري ، وأحمد ، وإسحاق : لها صداق مثل نسائها ، وعليها العدة ، ولها الميراث . وظاهر الآية يدل على صحة نكاح التفويض ، وهو جائز عند فقهاء الأمصار ؛ لأنه تعالى قسم حال المطلقة إلى قسمين : مطلقة لم يسم لها ، ومطلقة سمي لها ، فإن لم يفرض لها - ووقع الطلاق قبل الدخول - لم يجب لها صداق إجماعا ، قاله القاضي أبو بكر بن العربي ، وقد تقدم خلاف حماد بن أبي سليمان في ذلك ، وأن لها نصف صداق مثلها ، وإن فرض لها بعد العقد أقل من مهر مثلها لم يلزمها تسليم نفسها ، أو مهر مثلها لزمها التسليم ، ولها حبس نفسها حتى تقبض صداقها . وقال أبو بكر الأصم ، وأبو إسحاق الزجاج : هذه الآية تدل على أن عقد النكاح بغير مهر جائز . وقال القاضي : لا تدل على الجواز ، لكنها تدل على الصحة ، أما دلالتها على الصحة فلأنه لو لم يكن صحيحا لم يكن الطلاق مشروعا ، ولم تكن النفقة لازمة ؛ وأما أنها لا تدل على الجواز ، فلأنه لا يلزم من الصحة الجواز ؛ بدليل أن الطلاق في زمان الحيض حرام ، ومع ذلك هو واقع صحيح .

( ومتعوهن ) ، أي : ملكوهن ما يتمتعن به ، وذلك الشيء يسمى متعة ، وظاهر هذا الأمر الوجوب ، وروي ذلك عن : علي ، وابن عمر ، والحسن ، وابن جبير ، وأبي قلابة ، وقتادة ، والزهري ، والضحاك بن مزاحم . وحمله على الندب : شريح ، والحكم ، وابن أبي ليلى ، ومالك ، والليث ، وأبو عبيد . والضمير الفاعل في : ( ومتعوهن ) للمطلقين ، والضمير المنصوب ضمير المطلقات قبل المسيس وقبل الفرض ؛ فيجب لهن المتعة ، وبه قال ابن عباس ، وابن عمر ، وجابر بن زيد ، والحسن ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي . وتندب في حق غيرهن من المطلقات . وروي عن : علي ، والحسن ، وأبي العالية ، والزهري : لكل مطلقة متعة ، فإن كان فرض لها وطلقت قبل المسيس ، فقال ابن عمر ، وشريح ، وإبراهيم ، ومحمد بن علي : لا متعة لها ، بل حسبها نصف ما فرض لها . وقال أبو ثور : لها المتعة ، ولكل مطلقة . واختلف فقهاء الأمصار ، فقال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، وزفر ، ومحمد : المتعة واجبة لغير المدخول بها ولم يسم لها ، وإن دخل بها متعها ، ولا [ ص: 233 ] يجبر عليها ، وهو قول الثوري ، والحسن بن صالح ، والأوزاعي ، إلا أن الأوزاعي يزعم أن أحد الزوجين إذا كان مملوكا لم تجب المتعة ، وإن طلقها قبل الدخول . وقال ابن أبي ليلى ، وأبو الزناد : المتعة غير واجبة ، ولم يفرقا بين المدخول بها وبين من سمي لها ومن لم يسم لها . وقال مالك : المتعة لكل مطلقة مدخول بها وغير مدخول ، إلا الملاعنة ، والمختلعة ، والمطلقة قبل الدخول وقد فرض لها . وقال الشافعي : المتعة لكل مطلقة إذا كان الفراق من قبله ، إلا التي سمى لها وطلق قبل الدخول . وقال أحمد : يجب للمطلقة قبل الدخول إذا لم يسم لها مهر ، فإن دخل بها فلا متعة ، ولها مهر المثل . وروي عن الأوزاعي ، والثوري ، وأبي حنيفة ، وقال عطاء ، والنخعي ، والترمذي أيضا : للمختلعة متعة . وقال أصحاب الرأي : للملاعنة متعة . وقال ابن القاسم : لا متعة في نكاح منسوخ . قال ابن المواز : ولا فيما يدخله الفسخ بعد صحة العقد ، مثل ملك أحد الزوجين صاحبه . وروى ابن وهب عن مالك : أن المخيرة لها المتعة ، بخلاف الأمة تعتق تحت العبد ؛ فتختار ؛ فهذه لا متعة لها . وظاهر الآية : أن المتعة لا تكون إلا لإحدى مطلقتين : مطلقة قبل الدخول ، سواء فرض لها أو لم يفرض . ومطلقة قبل الفرض ، سواء دخل بها أو لم يدخل . وسيأتي الكلام على قوله : ( وللمطلقات متاع بالمعروف ) إن شاء الله تعالى .

( على الموسع قدره وعلى المقتر قدره ) ، هذا مما يؤكد الوجوب في المتعة ؛ إذ أتى بعد الأمر الذي هو ظاهر في الوجوب بلفظة " على " التي تستعمل في الوجوب ، كقوله : ( وعلى المولود له رزقهن ) ، ( فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) . والموسع : الموسر . والمقتر : الضيق الحال ، وظاهره اعتبار حال الزوج ، فمن اعتبر ذلك بحال الزوجة دون الزوج ، أو بحال الزوج والزوجة فهو مخالف للظاهر ، وقد جاء هذا القدر مبهما ، فطريقه الاجتهاد وغلبة الظن ؛ إذ لم يأت فيه بشيء مؤقت . ومعنى " قدره " : مقدار ما يطيقه الزوج ، وقال ابن عمر : أدناها ثلاثون درهما أو شبهها . وقال ابن عباس : أرفعها خادم ثم كسوة ثم نفقة ، وقال عطاء : من أوسط ذلك درع وخمار وملحفة . وقال الحسن : يمتع كل على قدره ، هذا بخادم ، وهذا بأثواب ، وهذا بثوب ، وهذا بنفقة ، وهذا قول مالك . ومتع الحسن بن علي بعشرين ألفا وزقاق من عسل ، ومتع عائشة الخثعمية بعشرة آلاف ، فقالت : متاع قليل من حبيب مفارق ، ومتع شريح بخمسمائة درهم . وقال ابن مجيز : على صاحب الديوان ثلاثة دنانير ، وقال ابن المسيب : أفضل المتعة خمار ، وأوضعها ثوب . وقال حماد : يمتعها بنصف مهر مثلها . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لرجل من الأنصار تزوج امرأة ولم يسم لها مهرا ، ثم طلقها قبل أن يمسها : ( أمتعتها ) قال : لم يكن عندي شيء ، قال : ( متعها بقلنسوتك ) . وعند أبي حنيفة لا تنقص عن خمسة دراهم ؛ لأن أقل المهر عنده عشرة دراهم ، فلا ينقص من نصفها . وقد متع عبد الرحمن بن عوف زوجه أم أبي سلمة ابنه بخادم سوداء . وهذه المقادير كلها صدرت عن اجتهاد رأيهم ، فلم ينكر بعضهم على بعض ما صار إليه ؛ فدل على أنها موضوعة عندهم على ما يؤدي إليه الاجتهاد ، وهي بمنزلة تقويم المتلفات وأروش الجنايات التي ليس لها مقادير معلومة ، وإنما ذلك على ما يؤدي إليه الاجتهاد ، وهي من مسألة تقويم المتلفات . وقرأ الجمهور : " على الموسع " اسم فاعل من أوسع . وقرأ أبو حيوة : " الموسع " بفتح الواو والسين وتشديدها ، اسم مفعول من وسع . وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، وأبو بكر : " قدره " بسكون الدال في الموضعين . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وابن عامر ، وحفص ، ويزيد ، وروح : بفتح الدال فيهما ، وهما لغتان فصيحتان بمعنى ، حكاهما أبو زيد والأخفش وغيرهما ، ومعناه : ما يطيقه الزوج ، وعلى أنهما بمعنى واحد أكثر أئمة العربية ، وقيل : الساكن مصدر ، والمتحرك اسم ، كالعد والعدد ، والمد والمدد . وكان القدر بالتسكين : الوسع ، يقال : هو ينفق على قدره ، [ ص: 234 ] أي : وسعه ، قال أبو جعفر : وأكثر ما يستعمل بالتحريك إذا كان مساويا للشيء ، يقال : هذا على قدر هذا . وقرئ : " قدره " بفتح الراء ، وجوزوا في نصبه وجهين : أحدهما : أنه انتصب على المعنى ؛ لأن معنى : ( ومتعوهن ) ليؤد كل منكم قدر وسعه ، والثاني : على إضمار فعل ، التقدير : وأوجبوا على الموسع قدره . وفي السجاوندي : وقرأ ابن أبي عبلة : " قدره " ، أي : قدره الله . انتهى . وهذا يظهر أنه قرأ بفتح الدال والراء ، فتكون إذ ذاك فعلا ماضيا ، وجعل فيه ضميرا مستكنا يعود على الله ، وجعل الضمير المنصوب عائدا على الإمتاع الذي يدل عليه قوله : ( ومتعوهن ) ، والمعنى : أن الله قدر وكتب الإمتاع على الموسع وعلى المقتر . وفي الجملة ضمير محذوف تقديره : على الموسع منكم ، وقد يقال إن الألف واللام نابت عن الضمير ، أي : على موسعكم وعلى مقتركم ، وهذه الجملة تحتمل أن تكون مستأنفة بينت حال المطلق في المتعة بالنسبة إلى إيساره وإقتاره ، ويحتمل أن تكون في موضع نصب على الحال ، وذو الحال هو الضمير المرفوع وفي قوله : ( ومتعوهن ) ، والرابط هو ذلك الضمير المحذوف الذي قدرناه " منكم " . ( متاعا بالمعروف ) ، قالوا : انتصب متاعا على المصدر ، وتحريره أن المتاع هو ما يمتع به ، فهو اسم له ، ثم أطلق على المصدر على سبيل المجاز ، والعامل فيه : ( ومتعوهن ) ، ولو جاء على أصل مصدر : ( ومتعوهن ) لكان تمتيعا ، وكذا قدره الزمخشري . وجوزوا فيه أن يكون منصوبا على الحال ، والعامل فيها ما يتعلق به الجار والمجرور ، وصاحب الحال الضمير المستكن في ذلك العامل ، والتقدير : قدر الموسع يستقر عليه في حال كونه متاعا ، وبالمعروف يتعلق بقوله " ومتعوهن " ، أو بمحذوف ؛ فيكون صفة لقوله " متاعا " ، أي ملتبسا بالمعروف ، والمعروف هو المألوف شرعا ومروءة ، وهو ما لا حمل له فيه على المطلق ولا تكلف . ( حقا على المحسنين ) ، هذا يؤكد أيضا وجوب المتعة ، والمراد إحسان الإيمان والإسلام ، وقيل : المراد إحسان العشرة ؛ فيكون الله سماهم محسنين قبل الفعل باعتبار ما يئولون إليه من الإحسان ، نحو : ( من قتل قتيلا فله سلبه ) . وانتصاب " حقا " على أنه صفة لـ متاعا ، أي : متاعا بالمعروف واجبا على المحسنين ، أو بإضمار فعل تقديره : حق ذلك حقا ، أو حالا مما كان حالا منه متاعا ، أو من قوله " بالمعروف " ، أي : بالذي عرف في حال كونه على المحسنين .

التالي السابق


الخدمات العلمية