الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        884 [ ص: 7 ] ( 53 ) باب الوقوف بعرفة والمزدلفة

                                                                                                                        838 - مالك أنه بلغه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " عرفة كلها [ ص: 8 ] موقف . وارتفعوا عن بطن عرنة . والمزدلفة كلها موقف . وارتفعوا عن [ ص: 9 ] بطن محسر " .

                                                                                                                        839 - مالك ، عن هشام بن عروة ، عن عبد الله بن الزبير أنه كان يقول : اعلموا أن عرفة كلها موقف ، إلا بطن عرنة . وأن المزدلفة كلها موقف ، إلا بطن محسر .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        17881 - قال أبو عمر : هذا الحديث يتصل من حديث جابر وابن [ ص: 10 ] عباس ، وعلي بن أبي طالب ، قد ذكرنا طرقه في " التمهيد " . وأكثرها ليس فيها ذكر بطن عرنة ، وإسناده صحيح عند الفقهاء ، وهو محفوظ من حديث أبي هريرة .

                                                                                                                        17882 - ذكر عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن محمد بن المنكدر ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " عرفة كلها موقف ، وارتفعوا عن بطن عرنة ، ومزدلفة كلها موقف ، وارتفعوا عن بطن محسر ومنى كلها منحر وللحاج مكة كلها منحر .

                                                                                                                        17883 - قال : وأخبرنا عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة ، وجمع كلها موقف إلا بطن محسر .

                                                                                                                        17884 - قال : وأخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير قال : سمعته يقول : عرفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرنة ، وجمع كلها موقف وارتفعوا عن بطن محسر .

                                                                                                                        [ ص: 11 ] 17885 - قال ابن وهب : سألت سفيان بن عيينة ، عن عرنة ، فقال : موضوع الممر في عرفة ، ثم ذلك الوادي كله قبلة المسجد إلى العلم الموضع للحرم بطريق مكة .

                                                                                                                        17886 - وقال الشافعي : عرفة ما جاوز وادي عرنة الذي فيه المسجد ، ووادي عرنة من عرفة إلى الجبال المقابلة على عرفة كلها مما يلي حوائط بني عامر ، وطريق حضن . فإذا جاوزت ذلك فليس بعرفة .

                                                                                                                        17887 - وقال ابن شعبان : عرفة : كل سهل وجبل أقبل على الموقف [ ص: 12 ] فيما بين التلعة إلى أن يفضوا إلى طريق نعمان ، وما أقبل من كبكب من عرفة .

                                                                                                                        17888 - واختلف العلماء فيمن وقف من عرفة بعرنة .

                                                                                                                        17889 - فقال مالك فيما ذكر ابن المنذر عنه : يهريق دما وحجه تام .

                                                                                                                        17890 - قال أبو عمر : روى هذه الرواية عن مالك : خالد بن نزار .

                                                                                                                        [ ص: 13 ] 17891 - قال أبو مصعب : إنه كمن لم يقف ، حجه فائت ، وعليه الحج من قابل إذا وقف ببطن عرنة .

                                                                                                                        17892 - وروي عن ابن عباس قال : من أفاض من عرنة فلا حج له .

                                                                                                                        17893 - وقال القاسم وسالم : من وقف بعرنة حتى دفع فلا حج له .

                                                                                                                        17894 - وذكر ابن المنذر هذا القول عن الشافعي قال : وبه أقول لأنه لا يجزئه أن يقف مكانا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا يقف به .

                                                                                                                        [ ص: 14 ] 17895 - قال أبو عمر : من أجاز الوقوف ببطن عرنة قال : إن الاستثناء لبطن عرنة من عرفة لم يجئ مجيئا تلزم حجته لا من جهة النقل ولا من جهة الإجماع .

                                                                                                                        17896 - والذي ذكره المزني ، عن الشافعي قال : ثم يركب فيروح إلى الموقف عند الصخرات ، ثم يستقبل القبلة بالدعاء .

                                                                                                                        [ ص: 15 ] 17897 - قال : وحيثما وقف الناس من عرفة أجزأهم ؛ لأن النبي - عليه السلام - قال : " هذا موقف وكل عرفة موقف " .

                                                                                                                        17898 - ومن حجة من ذهب مذهب أبي المصعب أن الوقوف بعرفة فرض مجتمع عليه في موضع معين ، فلا يجوز أداؤه إلا بيقين ، ولا يقين مع الاختلاف .

                                                                                                                        17899 - وأما قوله - عليه السلام - : " والمزدلفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن محسر " فالمزدلفة عند العلماء مما يلي عرفة إلا أن يأتي وادي محسر عن اليمين والشمال من تلك البطون والشعاب والجبال كلها ، وليس المأزمان من المزدلفة .

                                                                                                                        [ ص: 16 ] 18900 - وأما وادي محسر فهو من المزدلفة ، فكل من وقف بعرفة للدعاء ارتفع عن بطن عرنة كذلك من وقف صبيحة يوم النحر للدعاء بالمشعر الحرام وهو المزدلفة ، وهو جمع ، ثلاثة أسماء لمكان واحد ، وارتفع عن وادي محسر .

                                                                                                                        17901 - وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أسرع السير في بطن محسر .

                                                                                                                        17902 - أخبرنا عبد الله بن محمد قال : حدثني أحمد بن جعفر قال : حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : حدثني أبي قال : حدثني وكيع قال : حدثني سفيان ، عن أبي الزبير ، عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوضع في وادي محسر .

                                                                                                                        17903 - قال أبو عمر : الإيضاع : سرعة السير .

                                                                                                                        17904 - وسنذكر في الباب بعد هذا حكم من لم يقف بالمزدلفة ومن لم يبت بها ، وما للعلماء في ذلك من المذاهب بعد ذكر مذاهبهم فيمن فاته [ ص: 17 ] الوقوف بعرفة بحول الله تعالى .




                                                                                                                        الخدمات العلمية