الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وإذا صار مال الفيء إلى الوالي ، ثم مات ميت قبل أن يأخذ عطاءه أعطيه ورثته ، فإن مات قبل أن يصير إليه مال ذلك العام لم يعطه ورثته " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال . قد ذكرنا أن استحقاق العطاء يكون بحصول مال الفيء ، وأداؤه يجب بحلول وقت العطاء . وقال الإسفراييني : استحقاقه وأداؤه يكونان معا بحلول وقت العطاء ولا اعتبار بحصول المال في الاستحقاق والأداء . وهذا مع كونه مخالفا لنص الشافعي خطأ من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه ما لم يجب على مؤديه لم يجب بمستوفيه ، وقد يجوز أن يحل وقت العطاء قبل استحقاق مال الفيء على أهله .

                                                                                                                                            والثاني : أن العطاء يتعلق استحقاقه بعين لا بذمة ، وفي اعتبار وجوبه بالوقت دون المال نقل له من العين إلى الذمة ، فبطل تقدير ما اعتبره .

                                                                                                                                            وإذا كان حصول المال معتبرا فمذهب الشافعي أن حصوله هو قبضه من أهله ، ومن أصحابنا من قال : حصوله هو حلول وجوبه على أهله .

                                                                                                                                            وهذا خطأ : لأنه قد يحل وجوبه ولا يحصل بموت وإعسار ، فإذا ثبت ما ذكرنا ، لم يخل حال من مات من أهل الفيء من أربعة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون موته قبل حصول المال وقبل حلول وقت العطاء فعلى مذهب الشافعي لا يكون حقه فيه ثابتا .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يكون موته بعد حصول المال وبعد حلول وقت العطاء ، فحقه فيه ثابت وهو لورثته من بعده لئلا يختلفوا .

                                                                                                                                            القسم الثالث : أن يكون موته بعد حصول المال وقبل حلول وقت العطاء ؛ فعلى مذهب الشافعي يكون حقه ثابتا فيه ينتقل عنه إلى ورثته ، وعلى قول أبي حامد الإسفراييني لا حق له فيه .

                                                                                                                                            والقسم الرابع : أن يكون موته بعد حلول وقت العطاء وقبل حصول المال ، فعلى مذهب الشافعي لا حق له فيه ، وعلى قول أبي حامد يكون حقه فيه ثابتا يورث عنه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية