الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا قسم ذلك عليهم كما وصفنا لم يخل حالهم من ستة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن تكون سهام جميعهم وفق كفاياتهم من غير زيادة ولا نقص فقد استوفوها وخرجوا بها ، إن استحقوا مثلها من غيرها .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن تكون سهام جميعهم مقصرة عن كفاياتهم ، فإذا قسمها فيهم كان من الباقي من كفاياتهم من أهل الصدقات فيما يأتي منها حتى يستوفوا قدر الكفايات إن أمكنت .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن تكون سهام جميعهم زائدة على قدر كفاياتهم ، فإذا أخذوا منها قدر كفاياتهم نقل الفاضل عنهم إلى أقرب البلاد بهم .

                                                                                                                                            والقسم الرابع : أن تكون سهام بعضهم وفق كفاياتهم ، وسهام بعض مقصرة عن كفاياتهم ، فإذا قسم الكافي على أهله خرجوا به من أهل الصدقة ، وإذا قسم المقصر على أهله كانوا في الباقي من أهل الصدقة .

                                                                                                                                            والقسم الخامس : أن تكون سهام بعضهم زائدة على قدر كفاياتهم ، وسهام بعضهم ناقصة عن كفاياتهم ، فإذا فض الناقص على أهله وحبس من الزائد ما فضل عن وفق الكفاية ، ففي مصرفه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه يرد الفضل إلى أهل السهمان المقصرة حتى يستوفي جميع الأصناف قدر كفاياتهم تغليبا لحكم المكان ألا ننقل صدقة إلى غيره وفيه مستحقها .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن ننقل الفضل عن السهام الزائدة إلى تلك الأصناف في أقرب البلاد بهم ولا ترد على غيرهم تغليبا لحكم الأعيان ألا يفضل بعض الأصناف على بعض .

                                                                                                                                            [ ص: 519 ] والقسم السادس : أن تكون سهام بعضهم وفق كفاياتهم وسهام بعضهم زائدة على قدر كفاياتهم ، فإذا قسم الكافي وحبس الفضل الزائد عن أهله نقلت تلك الزيادة إلى أقرب البلاد بهم لا يختلف ، ولكن إذا نقلها فهل يختص بها أهل تلك الأصناف ، أو تكون كالصدقة المبتدأة تقسم في جميع الأصناف على وجهين بناء على الوجهين الماضيين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يختص بها أهل تلك الأصناف إذا قيل في القسم الماضي بتغليب الأعيان وأن الفاضل ينقل إلى أقرب البلاد ولا يرد على باقي الأصناف .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن الفاضل يقسم في أقرب البلاد على جميع الأصناف ، إذا قيل في القسم الماضي بتغليب المكان وأن الفاضل يرد على باقي الأصناف ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية