الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        [ ص: 73 ] ( 58 ) باب ما جاء في النحر في الحج

                                                                                                                        850 - مالك أنه بلغه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال بمنى : " هذا المنحر وكل منى منحر " وقال في العمرة " هذا المنحر " يعني المروة " [ ص: 74 ] وكل فجاج مكة وطرقها منحر " .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        18111 - قال أبو عمر : هذا الحديث يستند عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث علي بن أبي طالب ، وحديث جابر بن عبد الله ( رضي الله عنهما ) ، وقد ذكرنا طرقها في التمهيد .

                                                                                                                        18112 - حدثنا خلف بن قاسم قال : حدثني أبو الطيب وجيه بن الحسن بن يوسف قال : حدثني بكار بن قتيبة القاضي قال : حدثني عبد الله بن الزبير الحميدي قال : حدثني سفيان ، عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن علي بن أبي طالب قال : وقف رسول الله - صلي الله عليه وسلم - بعرفة ، فقال : " هذه عرفة ، وهذا الموقف ، وعرفة كلها موقف " ثم أفاض حين غربت الشمس ، فأردف أسامة ، [ ص: 75 ] وجعل يسير على هيئته ، والناس يضربون يمينا وشمالا ، وهو يقول : " يا أيها الناس عليكم السكينة ، ثم أتى جمعا فصلى بها الصلاتين جميعا ، فلما أصبح أتى قزح ، فقال : " هذا قزح وهذا الموقف ، وجمع كلها موقف " ثم أفاض حين غربت الشمس ، فلما انتهي إلى وادي محسر قرع ناقته حتى جاز الوادي ، ثم أردف الفضل ، ثم أتى الجمرة ، فرماها ، ثم أتى المنحر بمنى ، فقال : " هذا المنحر ، ومنى كلها منحر " فاستقبلته جارية من خثعم شابة ، فقالت أبي شيخ كبير . . . وذكر الحديث .

                                                                                                                        18113 - وفي حديث جابر أيضا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحر بدنة بمنى ، وقال : " هذا المنحر ، وكلها منحر " .

                                                                                                                        18114 - قال أبو عمر : المنحر في الحج بمنى إجماع من العلماء ، وأما العمرة فلا طريق لمنى فيها ، فمن أراد أن ينحر في عمرته ، وساق هديا تطوع به نحره بمكة حيث شاء منها .

                                                                                                                        18115 - وهذا إجماع أيضا لا خلاف فيه يغني عن الاستدلال والاستشهاد فمن فعل ذلك فقد أصاب السنة ، ومن لم يفعل ونحر في غيرهما فقد اختلف العلماء في ذلك .

                                                                                                                        [ ص: 76 ] 18116 - فذهب مالك إلى أن المنحر لا يكون في الحج إلا بمنى ولا في العمرة إلا بمكة ، ومن نحر في غيرهما لم يجزه ومن نحر في أحد الموضعين في الحج أو العمرة أجزأه ; لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعلهما موضعا للنحر ، وخصهما بذلك .

                                                                                                                        18117 - وقال الله - تعالى - هديا بالغ الكعبة [ المائدة 95 ]

                                                                                                                        18118 - قال أبو عمر : قد تقدم معنى قوله هديا بالغ الكعبة وأن العلماء في ذلك على قولين : 18119 - ( أحدهما ) : أنه أريد بذكر الكعبة حضرة مكة كلها ، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - : " طرق مكة وفجاجها كلها منحر " . 18120 - ( والقول الثاني ) : أنه أراد الحرم ، وقد أجمعوا أنه لا يجوز الذبح في المسجد الحرام ولا في الكعبة ، فدل على أن اللفظ ليس على ظاهره .

                                                                                                                        18121 - وقال الشافعي ، وأبو حنيفة : إن نحر في غير مكة من الحرم أجزأه .

                                                                                                                        18122 - قال : وإنما يريد بذلك مساكين الحرم ومساكين مكة .

                                                                                                                        18123 - وقد أجمعوا أنه من نحر في غير الحرم ولم يكن محصرا أنه لا يجزئه .




                                                                                                                        الخدمات العلمية