الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2596 [ ص: 263 ] باب في المرأة تمتنع من فراش زوجها

                                                                                                                              وقال النووي : (باب تحريم امتناعها، من فراش زوجها) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 8 جـ 10 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فلم تأته، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح." ].

                                                                                                                              وفي بعض النسخ "غضبانا"

                                                                                                                              وفي رواية: "حتى ترجع". وفي رواية أخرى: "إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها الخ".

                                                                                                                              وفي رواية أخرى: "والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها".

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              هذا دليل على تحريم امتناعها من فراشه، لغير عذر شرعي، وليس الحيض بعذر في الامتناع، لأن له حقا في الاستمتاع بها فوق الإزار.

                                                                                                                              قال النووي : معنى الحديث: أن اللعنة تستمر عليها، حتى تزول [ ص: 264 ] المعصية بطلوع الفجر والاستغناء عنها، أو بتوبتها ورجوعها إلى الفراش. انتهى.

                                                                                                                              وقال ابن أبي جمرة: الظاهر: أن الفراش كناية عن الجماع. ويقويه قوله: "الولد للفراش". أي: لمن يطأ في الفراش. والكناية عن الأشياء التي يستحى منها، كثيرة في القرآن والسنة.

                                                                                                                              قال: وظاهر الحديث، اختصاص اللعن بما إذا وقع منها ذلك ليلا، لقوله: "حتى تصبح". وكأن السر فيه: تأكيد ذلك، لا أنه يجوز لها الامتناع في النهار. وإنما خص الليل بالذكر، لأنه المظنة لذلك.

                                                                                                                              قال في الفتح: وقد وقع في حديث أبي حازم، وحديث جابر:

                                                                                                                              "حتى يرضى".

                                                                                                                              فهذه الإطلاقات، تتناول الليل والنهار.

                                                                                                                              قال: والمعصية منها، تتحقق بسبب الغضب منه، بخلاف ما إذا لم يغضب من ذلك، فلا تكون المعصية متحققة.

                                                                                                                              إما لأنه عذرها، وإما لأنه ترك حقه من ذلك.

                                                                                                                              قال: وقوله: "حتى ترجع"، أكثر فائدة.

                                                                                                                              [ ص: 265 ] قال المهلب: وفي الحديث: جواز لعن العاصي المسلم، إذا كان على وجه الإرهاب عليه، لئلا يواقع الفعل. فإذا واقعه، فإنما يدعى له بالتوبة والهداية. قال في الفتح: وفيه نظر.

                                                                                                                              قال في النيل: ولا يخفى أن محله، إذا كان بحيث يرتدع العاصي وينزجر. وأما حديث الباب، فليس فيه: إلا أن الملائكة تفعل ذلك. ولا يلزم منه: جوازه على الإطلاق.

                                                                                                                              قال الحافظ: إخبار الشارع بأن هذه المعصية، يستحق فاعلها لعن ملائكة السماء: يدل أعظم دلالة، على تأكد وجوب طاعة الزوج، وتحريم عصيانه ومغاضبته.

                                                                                                                              قال ابن أبي جمرة: وهل الملائكة التي تلعنها، هم الحفظة أو غيرهم؟

                                                                                                                              يحتمل الأمرين.

                                                                                                                              قال الحافظ: يحتمل أن يكون بعض الملائكة موكلا بذلك.

                                                                                                                              ويرشد إلى التعميم، ما في رواية لمسلم بلفظ: "لعنتها الملائكة الذين في السماء" فإن المراد به: سكانها. انتهى.




                                                                                                                              الخدمات العلمية