الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2779 باب في عتق الولد الوالد

                                                                                                                              وقال النووي : (باب فضل عتق الوالد) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ص 152 ج 10 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي هريرة " رضي الله عنه "، قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا، فيشتريه فيعتقه".].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              أي : لا يكافئه بإحسانه وقضاء حقه ، إلا أن يخلصه من حبل الرق .

                                                                                                                              وظاهره : أنه لا يعتق بمجرد الشراء ، بل لا بد من العتق . وبه قالت الظاهرية .

                                                                                                                              وخالفهم غيرهم ، فقالوا : إنه يعتق بنفس الشراء .

                                                                                                                              [ ص: 523 ] قال النووي : قال جماهير العلماء : يحصل العتق في الآباء ، والأمهات ، والأجداد ، والجدات ، وإن علوا وعلون . وفي الأبناء ، والبنات ، وأولادهم . الذكور والإناث . وإن سفلوا : بمجرد الملك . سواء المسلم والكافر . والقريب والبعيد . والوارث وغيره .

                                                                                                                              قال : ومختصره : أنه يعتق عمودا النسب بكل حال . واختلفوا فيما وراء عمودي النسب .

                                                                                                                              فقال الشافعي وأصحابه : لا يعتق غيرهما بالملك . لا الإخوة ولا غيرهم .

                                                                                                                              وقال مالك : يعتق الإخوة أيضا . وعنه أيضا : أنه يعتق جميع ذوي الأرحام . وبه قال أبو حنيفة " رحمه الله ". وزاد : الأرحام المحرمة .

                                                                                                                              وتأول الجمهور الحديث المذكور ، على أنه : لما تسبب في شرائه الذي يترتب عليه عتقه : أضيف العتق إليه . انتهى .

                                                                                                                              أقول : المحرم من لا يحل نكاحه من الأقارب ; كالأب ، والأخ، والعم ومن في معناهم .

                                                                                                                              وذكر في "النيل" : مذاهب الفقهاء في ذلك . ثم قال : ولا يخفى أن نصب مثل هذه الأقيسة ، في مقابلة حديث (سمرة) ، وحديث عمر : مما لا يلتفت إليه منصف . والاعتذار عنهما ، بما فيهما من [ ص: 524 ] المقال : ساقط . لأنهما يتعاضدان ، فيصلحان للاحتجاج .

                                                                                                                              وحكي في "الفتح" ، عن داود الظاهري : أنه لا يعتق أحد على أحد .

                                                                                                                              انتهى .

                                                                                                                              والمراد بحديث سمرة : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : " من ملك ذا رحم محرم ، فهو حر" . رواه الخمسة إلا النسائي . ومثله حديث عمر موقوفا .

                                                                                                                              وحديث الباب : رواه الجماعة ، إلا البخاري .

                                                                                                                              وذهب إلى حديث "سمرة " : أكثر أهل العلم ; من الصحابة ، والتابعين ، وأبو حنيفة وأصحابه ، وأحمد . سواء كان ذكرا ; أو أنثى .

                                                                                                                              قال البيهقي : وافقنا أبو حنيفة " رحمه الله " ، في بني الأعمام :

                                                                                                                              أنهم لا يعتقون بحق الملك . والله أعلم .

                                                                                                                              [ ص: 525 ] وعلى هذا الباب : تم الجزء الثالث ، من شرح النووي على صحيح مسلم " رحمه الله ".




                                                                                                                              الخدمات العلمية