الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2743 باب منه

                                                                                                                              وذكره النووي في: (كتاب اللعان) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 126 جـ 10 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين: "حسابكما على الله، أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها" قال: يا رسول الله! [ ص: 433 ] مالي؟ قال: "لا مال لك، إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فذاك أبعد لك منها" ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن ابن عمر "رضي الله عنهما"، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للمتلاعنين: "حسابكما على الله. أحدكما كاذب".

                                                                                                                              قال عياض : ظاهره: أنه قال هذا الكلام، بعد فراغهما من اللعان.

                                                                                                                              والمراد: بيان أنه يلزم الكاذب: التوبة.

                                                                                                                              قال: وقال الداودي: إنما قاله قبل اللعان: تحذيرا لهما منه. قال: والأول أظهر، وأولى بسياق الكلام.

                                                                                                                              قال: وفيه: رد على من قال من النحاة: إن لفظة "أحد" لا تستعمل إلا في النفي. وعلى من قال منهم: لا تستعمل إلا في الوصف. ولا تقع موقع "واحد". وقد وقعت في هذا الحديث: في غير نفي، ولا وصف. ووقعت موقع "واحد".

                                                                                                                              وقد أجازه المبرد. ويؤيده: قوله تعالى: { فشهادة أحدهم } .

                                                                                                                              وفي هذا الحديث: أن الخصمين المتكاذبين، لا يعاقب واحد منهما، وإن علمنا: كذب أحدهما على الإبهام.

                                                                                                                              (لا سبيل لك عليها. قال يا رسول الله ! مالي؟ قال: "لا مال لك.

                                                                                                                              [ ص: 434 ] إن كنت صدقت عليها: فهو بما استحللت من فرجها. وإن كنت كذبت عليها: فذاك أبعد لك منها".) .

                                                                                                                              في هذا دليل: على استقرار المهر بالدخول. وعلى ثبوت: مهر الملاعنة المدخول بها. والمسألتان مجمع عليهما.

                                                                                                                              وفيه: أنه لو صدقته وأقرت بالزنا: لم يسقط مهرها.

                                                                                                                              قال في النيل: فيه دليل على أن المرأة تستحق ما صار إليها من المهر، بما استحل الزوج من فرجها.

                                                                                                                              وأن هذه الصيغة: تقتضي العموم، لأنها نكرة في سياق النفي.

                                                                                                                              وأراد بقوله: مالي؟: "الصداق" الذي سلمه إليها. يريد: أن يرجع به إليها. فأجابه صلى الله عليه وآله وسلم: بأنها قد استحقته بذلك السبب. وأوضح له: استحقاقها له بذلك التقسيم، على فرض صدقه وعلى فرض كذبه. لأنه مع الصدق: قد استوفى منها ما يوجب استحقاقها له. وعلى فرض كذبه: كذلك، مع كونه قد ظلمها برميها مما رماها به. وهذا مجمع عليه في المدخولة.

                                                                                                                              وأما في غيرها: فذهب الجمهور إلى أنها: تستحق النصف كغيرها من المطلقات، قبل الدخول.

                                                                                                                              وقال حماد، والحكم، وأبو الزناد: إنها تستحقه جميعه. وقال الزهري، ومالك: لا شيء لها. انتهى.




                                                                                                                              الخدمات العلمية