الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            [ ص: 352 ] ص - ( مسألة ) : تقليد في العقليات ، كوجود الباري تعالى .

            وقال العنبري بجوازه .

            وقيل : النظر فيه حرام .

            لنا : الإجماع على وجوب المعرفة .

            والتقليد لا يحصل ; لجواز الكذب ; ولأنه كان يحصل بحدوث العالم وقدمه ; ولأنه لو حصل ، لكان نظريا . ولا دليل .

            التالي السابق


            ش - اختلفوا في جواز التقليد في العقليات ، أي في المسائل الأصولية المتعلقة بالاعتقاد ، كوجود الباري وصفاته .

            والمختار أنه لا تقليد في العقليات .

            وقال العنبري : يجوز التقليد فيها .

            وقيل : الواجب في مثل هذه العقليات التقليد ، والنظر فيه حرام .

            واحتج المصنف على المختار بأن الإجماع منعقد على وجوب معرفة الله - تعالى ، وما يجوز عليه من الصفات ، وما لا يجوز .

            [ ص: 353 ] والتقليد لا يحصل المعرفة لثلاثة وجوه :

            الأول : أنه يجوز كذب المقلد ; لأنه ليس بمعصوم . وحينئذ لا يكون آتيا بالواجب . فلو جاز التقليد في المعرفة ، لجاز ترك الواجب .

            الثاني : لو كان التقليد يحصل المعرفة ، لكان يحصل المعرفة بحدوث العالم إذا قلد القائل به . ويحصل المعرفة بقدم العالم إذا قلد القائل به ، فيلزم حدوث العالم وقدمه ، وهو محال .

            الثالث : أن التقليد لو حصل المعرفة ، لكان تحصيل التقليد المعرفة بالنظر .

            والتالي باطل .

            أما الملازمة ; فلأنه لو كان يحصل المعرفة بالضرورة ، لما اختلف فيه ، ولاشترك الجميع فيه ، وليس كذلك .

            وأما انتفاء التالي ; فلأن النظر لا يحصل إلا على دليل ، والأصل عدمه .

            قيل على الوجه الأول : إنه يلزم مثله إن لم يجوزه بالتقليد ، لاحتمال خطأ الناظر .

            ويمكن أن يجاب عنه بأن خطأ الناظر إنما يحتمل إذا لم يراع القانون المميز بين النظر الصحيح والفاسد .

            [ ص: 354 ] أما عند مراعاته ، فلا يحتمل .

            وعلى الوجه الثاني : أن النظر أيضا قد يفضي مرة إلى القدم ومرة إلى الحدوث ، فلو كان المعرفة بالنظر ، يلزم اجتماع النقيضين . ويمكن أن يجاب عنه بمثل ما أجاب عن الأول .

            وعلى الثالث : أنه كما احتاج التقليد في إفادة المعرفة إلى النظر ، احتاج النظر أيضا في الإفادة إلى النظر .

            ويمكن أن يجاب بأن النظر ، وإن احتاج في كونه مفيدا للمعرفة إلى النظر ، لكن دل دليل على كونه مفيدا .

            بخلاف التقليد ، فإنه لم يدل دليل على كونه مفيدا للمعرفة .

            والحق أن حصول اليقين في الإلهيات بالنظر صعب جدا ، إلا أنه قد يحصل اليقين بالنظر ، ولا يحصل اليقين من التقليد أصلا ، فالنظر أولى من التقليد .




            الخدمات العلمية