مسألة : ( السادس :
nindex.php?page=treesubj&link=3442_19397قتل صيد البر ، وهو ما كان وحشيا مباحا ، فأما صيد البحر والأهلي وما حرم أكله فلا شيء فيه إلا ما كان متولدا من مأكول وغيره ) .
وجملة ذلك : أن
nindex.php?page=treesubj&link=3442الحيوانات بالنسبة إلى المحرم قسمان : أحدهما : ما يباح له ذبح جميعه بلا شبهة ولا كراهة ، وهو الحيوان الإنسي من الإبل والبقر والغنم
[ ص: 126 ] والدجاج والبط والحيوان البحري ; لأن الأصل حل جميع الحيوانات إلا ما حرم الله في كتابه ، وإنما حرم صيد البر خاصة قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم ) ، وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أحل لكم صيد البحر وطعامه ) مطلقا ، ثم أردفه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وحرم عليكم صيد البر ما دمتم ) بيان أن صيد البحر حلال لنا محلين كنا أو محرمين لا سيما وقد ذكر ذلك عقيب قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=94ياأيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) إلى آخر الآية ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أحل لكم صيد البحر وطعامه ) فكان هذا مبينا ومفسرا لما أطلقه في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=94ليبلونكم الله بشيء من الصيد ) ، وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1غير محلي الصيد وأنتم حرم ) وهذا مما أجمع عليه .
[ ص: 127 ] قال
ابن أبي موسى : " والدجاج الأهلي ليس بصيد قولا واحدا " ، وفي الدجاج السندي روايتان : إحداهما : أنه صيد ، فإن أصابه محرم فعليه الجزاء .
والرواية الأخرى : ليس بصيد ولا جزاء فيه .
القسم الثاني : صيد البر فهذا يحرم عليه في الجملة ؛ لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد ) فإنما أباح لهم بهيمة الأنعام في حال كونهم غير مستحلي الصيد في إحرامهم ، وقال سبحانه (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2وإذا حللتم فاصطادوا ) ، وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=94ياأيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95ياأيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون ) .
والصيد الذي يضمن بالجزاء ثلاث صفات ؛ أحدها : أن يكون أصله متوحشا سواء استأنس أو لم يستأنس ، وسواء كان مباحا أو مملوكا.
[ ص: 128 ] الثاني : أن يكون بريا وهو ما ....
الثالث : أن يكون مباحا أكله ، فإذا كان مباحا فإنه يضمن بغير خلاف كالظباء والأوعال والنعام ، ونحو ذلك ، وكذلك ما تولد من مأكول وغير مأكول ، كالعسبار : وهو ولد الذيبة من الضبعان ، والسمع : وهو ولد الضبع من الذيب ، وما تولد بين وحشي وأهلي .
فأما ما لا يؤكل : فقسمان ؛ أحدهما : يؤذي فالمأمور بقتله ، وما في معناه .
والثاني غير مؤذ : فالمباح قتله لا كفارة فيه ، وأما غير المؤذي فقال
أبو بكر : كل ما قتل من الصيد مما لا يؤكل لحمه فلا جزاء فيه في أحد قولي
أحمد ، وفي الآخر يفدي الثعلب والسنور وما أشبه ذلك " ، وقال : ما يفدي المحرم من الدواب والسباع ؟ ..
قال القاضي - في المجرد - : والأمر على ما حكاه
أبو بكر ، وقال
ابن [ ص: 129 ] عقيل : ما لا يؤكل لحمه ولا يؤذي ففيه روايتان ؛ إحداهما : لا ضمان فيه .
قال - في رواية
حنبل - إنما جعلت الكفارة في الصيد المحلل أكله ، فأما السبع فلا أرى فيه كفارة .
وفي موضع آخر سألت
أبا عبد الله عن أكل الضبع ؟ فقال : يؤكل ، لا بأس بأكله . قال : وكل ما يؤدى إذا أصابه المحرم فإنه يؤكل لحمه ، وقال في موضع آخر ، وفيها حكومة إذا أصابها المحرم ، قيل له :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015407نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كل ذي ناب من السباع . قال
أبو عبد الله : هذه خارجة منه ، وقد حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها وجعلها صيدا وأمر فيه بالجزاء إذا أصابه المحرم ، فكل ما ودي وحكم فيه : أكل لحمه " .
وكذلك قال في غير موضع محتجا على إباحتها : بأنها صيد ، يعني أن كل ما كان صيدا فهو مباح .
وعن
أبي الحارث أنه سأله عن لحوم الحمر الوحشية ؟ فقال : هو صيد ، وقد جعل جزاؤه بدنة ، يعني أنه مباح .
وهذا اختيار
أبي بكر وابن أبي موسى والقاضي وأكثر أصحابنا . لكن ذكر
ابن أبي موسى في الضفدع حكومة .
فعلى طريقته : يفرق بين ما نهي عن قتله ، كالضفدع والنملة والنحلة والهدهد
[ ص: 130 ] والصرد ، وما لم ينه عن قتله ، وهذا اختيار القاضي وأصحابه ، وصرحوا بأنه لا جزاء في الثعلب إذا قلنا : لا يؤكل لحمه .
وحمل القاضي نص
أحمد في الجزاء على الرواية التي يقول : يؤكل ، لكن لم يختلف نص
أحمد وقول قدماء أصحابه : أن الثعلب يؤدى بكل حال .
والثانية : فيه الكفارة قال - في رواية
ابن القاسم ، وسندي - : " في الثعلب الجزاء " ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14242أبو بكر الخلال : أكثر مذهبه - وإن كان يؤدى - فإنه عنده سبع لا يؤكل لحمه .
وقال
أحمد - في رواية
الميموني - : الثعلب يؤدى لتعظيم الحرمة ولا يلبسه ; لأنه سبع .
وقال - في رواية
بكر بن محمد - وقد سئل عن
nindex.php?page=treesubj&link=3448_3488محرم قتل ثعلبا : " قال : عليه الجزاء هو صيد ولكنه لا يؤكل " .
وقال
عبد الله : " سألت أبي قلت : ما ترى في أكل الثعلب ؟ قال لا يعجبني ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كل ناب من السباع ، لا أعلم أحدا رخص فيه إلا عطاء ، فإنه قال : لا بأس بجلوده يصلى فيها ; لأنها تؤدى يعني في المحرم إذا أصابه عليه الجزاء " .
[ ص: 131 ] وقال : سمعت أبي يقول : كان
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء يقول : كل شيء فيه جزاء يرخص فيه فنص على أنه يؤدى مع أنه سبع " .
وقال
ابن منصور في السنور - الأهلي وغير الأهلي - : " حكومة " .
مع أن الأهلي لا يؤكل بغير خلاف ، والوحش : فيه روايتان .
وقال - في رواية
أبي الحارث - : في الثعلب شاة ، وفي الأرنب شاة ، وفي اليربوع جفرة ، وكذلك الوبر فيها الجزاء مع أنه قد اختلفت الرواية عنه في إباحة الوبر واليربوع ، وحكي عنه الخلاف في الأرانب أيضا - وأم حبين فيها الجزاء في وجه ، وذكر القاضي - في بعض كتبه - وغيره أن المسألة رواية واحدة أنه لا جزاء إلا في المأكول ، وحمل نصوصه في الثعلب ونحوه على
[ ص: 132 ] القول بأكله ، ونصه في السنور الأهلي على الاستحباب .
وهذه الطريقة : غلط ، فإنه قد نص على وجوب الجزاء في الثعلب مع حكمه بأنه سبع محرم ، واختار ذلك الخلال وغيره .
فعلى هذه الطريقة : يضمن ما تعارض فيه دليل الحظر والإباحة ، وإن قلنا : هو حرام قولا واحدا ، كالصرد والهدهد والخطاف والثعلب واليربوع والجفرة ، كما يضمن السمع والعسبار ، كما قلنا في
المجوس - لما تعارض فيهم سنة
أهل الكتاب وسنة المشركين - : حرم طعامهم ونساؤهم كالمشركين ، وحرمت دماؤهم بالجزية
كأهل الكتاب .
فكذلك هذه الدواب التي تشبه السباع ونحوها من المحرمات ، وتشبه البهائم المباحة : يحرم على المحرم قتلها ويديها كالمأكول ، ولا يؤكل لحمها كالسباع .
[ ص: 133 ] وعلى طريقة
أبي بكر وغيره فجميع الدواب المحرمة إذا لم تؤد : روايتان كالسنور الأهلي .
فوجه الأول : أن الله سبحانه قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما ) بعد قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أحل لكم صيد البحر وطعامه ) .
فلما أباح صيد البحر مطلقا ، وحرم صيد البر ما دمنا محرمين : علم أن
nindex.php?page=treesubj&link=3442الصيد المحرم بالإحرام هو ما أبيح في الإحلال ; لأنه علق تحريمه بالإحرام ، وما هو محرم في نفسه لا يعلق تحريمه بالإحرام ، فعلم أن صيد البر مباح بعد الإحلال ، كما نصه في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2وإذا حللتم فاصطادوا ) ، وكذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1غير محلي الصيد وأنتم حرم ) فإنه يقتضي إبانة إحلاله ونحن حلال .
وعن
عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015408سألت nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله : الضبع آكلها ؟ قال : نعم . قلت : أصيد هي ؟ قال : نعم ، قال : سمعت ذاك من نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم " . رواه ...
[ ص: 134 ] فلولا أن الصيد عندهم هو الذي يؤكل لم يسأل : أصيد هي أم لا ؟ ولولا أن الصيد نوع من الوحشي لم يخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها أنها صيد ، ولو كان كونها صيدا باللغة أو بالعرف لما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - به فإنه إنما بعث لتعليم الشرع ، فلما أخبر أنها صيد علم أن كون البهيمة صيدا حكم شرعي ، وما ذاك إلا أنه هو الذي يحل أكله .
ووجه الثاني : .........
وقد روي عنه في الضفدع روايتان :
إحداهما : لا شيء فيه . قال - في رواية
ابن منصور - : لا أعرف في الضفدع حكومة ، ومن أين يكون فيه حكومة وقد نهي عن قتله ؟ وهذا قياس الرواية الأولى عنه .
والثانية : فيه الجزاء . قال - في رواية
عبد الله - :
هشيم ثنا
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء قال : ما كان يعيش في البر والبحر فأصابه المحرم فعليه جزاؤه نحو السلحفاة والسرطان والضفادع .
[ ص: 135 ] وظاهره أنه أخذ بذلك وكذلك ذكره
أبو بكر ، وهذا قول
ابن أبي موسى .
فعلى هذا كل ما يضمن فإن قتله حرام بلا تردد وهو من الكبائر ; لأن أصحابنا قالوا : يفسق بفعله عمدا .
وما لا يضمن ، قال
أحمد - في رواية
حنبل - : يقتل المحرم الكلب العقور والذئب والسبع وكل ما عدا من السباع ، ولا كفارة عليه ويقتل القرد والنسر والعقاب إذا وثب ولا كفارة .
فإن قتل شيئا من هذه من غير أن يعدو عليه ، فلا كفارة عليه ولا ينبغي له .
وفي لفظ :
nindex.php?page=treesubj&link=3488يقتل المحرم الحدأ والغراب الأبقع ، والزنبور والحية والعقرب والفأرة ، والذئب والسبع ، والكلب ، ويقتل القرد ، وكل ما عدا عليه من السباع ولا كفارة عليه ، ويقتل النسر والعقاب ، ولا كفارة عليه شبيه بالحدأ ; لأن النبي
[ ص: 136 ] - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتلها محرما وغير محرم ، وهو يخطف ولا كفارة عليه ، وإنما جعلت الكفارة والجزاء في الصيد المحلل أكله ، وهذا سبع فلا كفارة ولا بأس أن يقتل الذر .
وقال - في رواية
أبي الحارث - يقتل السبع عدا عليه أو لم يعد .
وقال - في رواية مهنا - يقتل القمل ، ويقتل المحرم النملة إذا عضته ، ولا يقتل النحلة فإن آذته قتلها ، وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الذر ، والصرد ، والصرد طير .
وقال - في رواية
ابن منصور - : يقرد المحرم بعيره .
وقال - في رواية
عبد الله والمروذي - : يقتل المحرم الغراب والحدأة والعقرب والكلب العقور ، وكل سبع عدا عليك ، أو عقرك ، ولا كفارة عليك .
وجملة هذا : أن ما آذى الناس أو آذى أموالهم فإن قتله مباح ، سواء كان قد وجد منه الأذى كالسبع الذي قد عدا على المحرم أو لا يؤمن أذاه ، مثل الحية والعقرب والفأرة والكلب العقور ، فإن هذه الدواب ونحوها تدخل بين الناس من حيث لا يشعرون ، ويعم بلواهم بها فأذاهم بها غير مأمون ، قال أصحابنا : قتلها مستحب ، وهذا إجماع ; وذلك لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال :
[ ص: 137 ] حدثتني إحدى نسوة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015409يقتل المحرم الفأرة والعقرب والحدأة والكلب العقور والغراب " .
عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015410خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم : الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور " ، وفي لفظ : " في الحل والحرم " . متفق عليه .
وفي لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015411 " والغراب الأبقع " .
وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15397للنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015412خمس يقتلهن المحرم ؛ الحية والفأرة والحدأة والغراب الأبقع والكلب العقور " .
وفي رواية قالت
nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015413 " خمس من الدواب لا حرج على من قتلهن ، الغراب والفأرة والحدأة والعقرب والكلب العقور " متفق عليه .
[ ص: 138 ] وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم أنه سأله رجل
nindex.php?page=treesubj&link=3488ما يقتل من الدواب وهو محرم ؟ فقال حدثتني إحدى نسوة النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015414أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور والفأرة والعقرب والحدأة والغراب والحية ، قال وفي الصلاة أيضا ، وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم : قالت
nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015415 " خمس من الدواب كلها فواسق لا حرج على من قتلهن وذكره " .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015416 " خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح ؛ الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور " . رواه الجماعة إلا
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي .
وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=17080لمسلم وغيره :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015417 " لا جناح على من قتلهن في الحرم والإحرام " .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015418 " خمس كلهن فاسقة يقتلهن المحرم ولا يقتلن في الحرم ؛ الفأرة والعقرب والحية والكلب العقور والغراب " . رواه
أحمد .
[ ص: 139 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015419 " خمس قتلهن حلال في الحرم ؛ الحية والعقرب والحدأة والفأرة والكلب العقور " .
وعن
أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015420 " سئل عما يقتل المحرم ؟ قال : الحية والعقرب والفويسقة ويرمي الغراب ولا يقتله ، والكلب العقور ، والحدأة والسبع العادي " رواه
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وقال : حديث حسن ، وذكره
أحمد في رواية
الفضل بن زياد .
فذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يؤذي الناس في أنفسهم وأموالهم ، وسماهن فواسق لخروجهن على الناس .
ولم يكن قوله ( خمس ) على سبيل الحصر ; لأن في أحد الحديثين ذكر الحية ، وفي الآخر ذكر العقرب ، وفي آخر ذكرها وذكر السبع العادي ، فعلم أنه قصد بيان ما تمس الحاجة إليه كثيرا وهو هذه الدواب وعلل ذلك بفسوقها ; لأن تعليق الحكم بالاسم المشتق المناسب يقتضي أن ما منه الاشتقاق علة للحكم ، فحيث ما وجدت دابة فاسقة ، وهي التي تضر الناس وتؤذيهم جاز قتلها.
[ ص: 140 ] وقوله - في حديث
أبي سعيد - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015421 " يرمي الغراب ولا يقتله " . إما أن يكون منسوخا بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة ; لأن الرخصة بعد النهي لئلا يلزم التغيير مرتين ، أو يكون رميه هو الأولى وقتله جائزا .
فأما ما هو مضر في الجملة لكن ليس من شأنه أن يبتدئ الناس بالأذى في مساكنهم ومواضعهم ، وإنما إذا اجتمع بالناس في موضع واحد ، أو أتاه الناس آذاهم ، مثل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير ، مثل الأسد ، والنمر ، والذئب ، والدب ، والفهد ، والبازي ، والصقر ، والشاهين ، والباشق ، فهذا كالقسم الأول ، والمشهور عند أصحابنا المتأخرين مثل القاضي ومن بعده .
وقد نص - في رواية
أبي الحارث - على أنه يقتل السبع عدا عليه ، أو لم يعد ، وكذلك ذكر
أبو بكر وغيره قالوا : لأن الله إنما حرم قتل الصيد ، والصيد اسم للمباح كما تقدم ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أباح قتل السبع العادي ، والعادي صفة للسبع سواء وجد منه العدوان ، أو لم يوجد . كما قال : الكلب العقور ، وكما يقال : السيف قاطع ، والخبز مشبع ، والماء مرو ; لأنه لو لم يكن كذلك لم يكن فرق بين السبع وبين الصيد ، فإن الصيد إذا عدا عليه فإنه يقتله ، قالوا : ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر من كل جنس أدناه ضررا لينبه بإباحة قتله على إباحة ما هو أعلى منه ضررا ، فنص على الفأرة تنبيها على ما هو أكبر منها من
[ ص: 141 ] الحشرات ، وذكر الغراب تنبيها به على ما هو أكبر منه من الجوارح ، وذكر الكلب العقور ، وهو أدنى السباع تنبيها به على سائر السباع .
قالوا : وفحوى الخطاب تنبيهه الذي هو مفهوم الموافقة أقوى من دليله الذي هو مفهوم المخالفة ، وربما قالوا : الكلب العقور اسم لجميع السباع ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في دعائه على
عتبة بن أبي لهب : " اللهم سلط عليه كلبا من كلابك ، فأكله السبع " .
[ ص: 142 ] وعنه رواية أخرى : أنه إنما يقتل إذا عدا عليه بالفعل ، فإذا لم يعد فلا ينبغي قتله ; لأنه قال - في رواية
حنبل - : فإن قتل شيئا من هذه من غير أن تعدو عليه فلا كفارة عليه ولا ينبغي له .
وقال أيضا - : يقتل ما عدا عليه من السباع ولا كفارة عليه .
فخص قتله بما إذا عدا عليه أو بما إذا عدا في الرواية الأخرى ، وهذا يقتضي أنه لا يقتله إذا لم يعد . ولو أراد
أبو عبد الله : أن العدوان صفة لازمة للسبع لم يقل : كل ما عدا من السباع ، فإن جميع السباع عادية بمعنى أنها تفترس ولذلك حرم أكلها ، فعلم أنه أراد عدوانا تنشئه وتفعله ، فلا تقصد في مواضعها ومساكنها فتقتل ، إلا أن يقصد ما من شأنه أن يعدو على بني آدم كالأسد ، فيقتل الذي من شأنه أن يعدو دون أولادها الصغار ، ودون ما لا يعدو على الناس . وهذا مذهب
مالك ، فينظر وهو قول
أبي بكر ; لأنه قال : يقتل السبع مطلقا ول الهم .
وقال - في رواية
عبد الله - : ويقتل الحية والعقرب والكلب العقور ، وكل سبع عدا عليك أو عقرك .
[ ص: 143 ] فنص على أن المقتول من السباع هو الذي يعدو على المحرم ويريد عقره ، وهذه الرواية أصح إن شاء الله وهي اختيار .... لوجوه :
أحدها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو أراد بهذا الحديث الإذن في قتل كل ما لا يؤكل لقال : يقتل كل ما لا يؤكل ، ويقتل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان قد أوتي جوامع الكلم ، ألا تراه لما أراد النهي عنها قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015422كل ذي ناب من السباع حرام " . ولم يعدد أنواعا منها .
الثاني : أنه سئل عما يقتل المحرم من الدواب .
الثالث : أنه علل الحكم بأنهن فواسق ، والفاسق هو الذي يخرج على غيره ابتداء بأن يقصده في موضعه ، أما من لا يخرج حتى يقصد في موضعه فليس بفاسق .
الرابع : أنه خص الكلب العقور ، ولو قصد ما لا يؤكل ، أو ما هو سبع في
[ ص: 144 ] الجملة لم يخص العقور من غيره ، فإن الكلب سبع من السباع ، وأكله حرام .
الخامس : أنه ذكر من الدواب والطير ما يأتي الناس في مواضعهم ، ويعم بلواهم به بحيث لا يمكنهم الاحتراز منه في الغالب إلا بقتله ، مثل الحديا ، والغراب ، والحية ، والعقرب . ومعلوم أن هذا وصف مناسب للحكم فلا يجوز إهداره عن الاعتبار ، وإثبات الحكم بدونه إلا بنص آخر .
السادس : أنه قال : والسبع العادي ، ولا يجوز أن يكون العدوان صفة لازمة ، بل يجب أن يكون المراد به السبع الذي يعتدي ، أو السبع إذا اعتدى ونحو ذلك أو السبع الذي من شأنه أن يعتدي على الناس فيأتيهم في أماكنهم ، ونحو ذلك . كما يقال : الرجل الظالم ، كما قال : الكلب العقور ، فكان ذلك نوعا خاصا من الكلاب ; فلذلك هذا يجب أن يكون نوعا خاصا من السباع لوجوه :
أحدها : أنه لو كان المراد به العدوان الذي في طباع السباع وهو كونه يفترس غيره من الحيوان لكانت جميع السباع عادية بهذا الاعتبار فتبقى الصفة ضائعة ، وهذا وإن كان قد يأتي للتوكيد في بعض المواضع ، لكن الأصل فيه التقييد لا سيما وهو لم يذكر ذلك في الحية والعقرب مع أن العدوان صفة لازمة لهما ، فعلم أنه أراد صفة تخص بعض السباع .
الثاني : أن الأصل في الصفات أن تكون لتمييز الموصوف مما شاركه في الاسم وتقييد الحكم بها ، وقد تجيء لبيان حال الموصوف وإظهاره وإيضاحه ، لكن هذا خلاف للأصل ، وإنما يكون إذا كان في إظهار الصفة فائدة من مدح أو ذم أو تنبيه على شيء خفي أو غير ذلك وهنا قال : العادي ، فيجب أن يكون العادي تقييدا للسبع أو إخراجا للسبع الذي ليس
[ ص: 145 ] بعاد ، إذ إرادة عدوان لازم : مخالف للأصل ، ثم ذلك العدوان الطبيعي معلوم بنفس قوله : سبع ، فلا فائدة في ذكره .
الثالث : أن العدوان الذي هو فعل السبع معلوم قطعا ، والعدوان الذي هو طبعه يجوز أن يكون مرادا ، ويجوز أن لا يكون مرادا فلا يثبت بالشك .
السابع : أن كثيرا من الدواب قد نهي عن قتلها في الإحلال ، مثل الضفدع ، والنملة ، والنحلة ، والهدهد ، والصرد ، فكيف يكون في الإحرام ؟ وقد قال في الفواسق : " يقتلن في الحل والحرم " .
الثامن : أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في الكلاب :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015423 " لولا أنها أمة من الأمم لأمرت بقتلها ، فاقتلوا منها كل أسود بهيم " متفق عليه .
وهذا يقتضي أن كونها أمة وصف يمنع من استيعابها بالقتل لتبقى هذه الأمة تعبد الله وتسبحه ، نعم خص منها ما يضر بني آدم ويشق عليهم الاحتراز منه ;
[ ص: 146 ] لأن رعاية جانبهم أولى من رعاية جانبه ، ويبقى ما يمكنهم الاحتراز منه على العموم .
فعلى هذا قتله : حرام ، أو مكروه ، وبكل حال لا جزاء فيه . نص عليه .
وإذا لم يقتل هذا ، فغيره مما لا يؤكل لحمه ولا في طبعه الأذى أولى أن لا يقتل .
قال
ابن أبي موسى : للمحرم أن يقتل الحية ، والعقرب ، والفأرة ، والكلب العقور ، والأسود البهيم ، والسبع ، والذئب ، والحدأة ، والغراب الأبقع ، والزنبور ، والقرد ، والنسر ، والعقاب إذا وثب عليه ، والبق ، والبعوض ، والحلم ، والقردان ، وكل ما عدا عليه وآذاه ولا فدية عليه .
فأما على الرواية الأولى : فقال
أبو الخطاب : يباح قتل كل ما فيه مضرة كالحية والعقرب ، وسمى ما تقدم ذكره ، وقال : والبرغوث والبق والبعوض والقراد والوزغ وسائر الحشرات والذباب ، ويقتل النمل إذا آذاه .
وقال القاضي
وابن عقيل : الحيوانات التي لا تؤكل ثلاثة أقسام ، قسم يضر
[ ص: 147 ] ولا ينفع : كالأسد والذئب والجرجس والبق والبرغوث والبعوض والعلق والقراد ، فهذا يستحب قتله .
الثاني : ما يضر وينفع : كالبازي والفهد وسائر الجوارح من الطير والمخلب الذي ليس بمعلم ، فقتله جائز لا يكره ولا يستحب .
الثالث : ما لا يضر ولا ينفع : كالخنافس والجعلان وبنات وردان والرخم والذباب والنحل ، والنمل إذا لم يلسعه يكره قتله ولا يحرم .
وأما الذباب : فذكره
ابن عقيل في القسم ... ، وهو ما يضر ولا ينفع ، وذكره القاضي في القسم الثالث ، وهو ما لا يضر ولا ينفع ، وقد تقدم الكلام على القسم الأول وذكرنا الروايتين فيه .
وأما القسم الثاني والثالث : فالمنصوص عنه المنع من قتله كما تقدم ما لم يضر ، ثم قد أدخلوا فيه الكلب ، والمذهب أن قتله حرام .
وأما الذباب : فقد ذكره
أبو الخطاب وابن عقيل : من المؤذي ، وذكره القاضي : فيما لا يؤذي وهذا على قولنا لا يجوز أكله ، فأما إذا قلنا يجوز أكله فينبغي أن يضمن .
[ ص: 148 ] وأما الذر : فقد روى عنه لا بأس أن يقتله ، وقال في الرواية الأخرى :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015424 " قد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الذر " .
وقال
ابن أبي موسى : " ويكره له أن يقتل القملة ، ولا يقتل النملة في حل ولا حرم ولا يقتل الضفدع ، وهذه المنهيات عن قتلها ، مثل الصرد والنحلة والنملة ، مرد .... هل هو منع تنزيه أو تحريم ؟ قال
ابن أبي موسى : ولا يقتل النمل في حل ولا حرم ولا الضفدع ، وظاهر كلام
أحمد التحريم ، قال - في رواية مهنا - وقد سأله عن قتل النحلة والنملة ، فقال : " إذا آذته قتلها " ، فقيل له : أليس قد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النحلة ؟ قال : نعم قد نهى عن قتل النحل والصرد وهو طير " .
وقال - في رواية
عبد الله وأبي الحارث - في الضفادع لا تؤكل ولا تقتل :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015425 " نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الضفدع " .
وقال - في رواية
ابن القاسم - وقال له يا
أبا عبد الله الضفدع لا يؤكل ؟ فغضب وقال :
" النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أن يجعل في الدواء من يأكله ! " . فهذا يقتضي أن قتلها وأكلها سواء وأنه محرم .
[ ص: 149 ] فأما إذا
nindex.php?page=treesubj&link=3488عضته النحلة أو النملة أو تعلق القراد ببعيره ، ونحو ذلك ، فإنه يقتله ، وإن أمكن دفع أدناه بدون ذلك بحيث له أن يقتل النملة بعد أن تقرصه.
مَسْأَلَةٌ : ( السَّادِسُ :
nindex.php?page=treesubj&link=3442_19397قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ ، وَهُوَ مَا كَانَ وَحْشِيًّا مُبَاحًا ، فَأَمَّا صَيْدُ الْبَحْرِ وَالْأَهْلِيِّ وَمَا حُرِّمَ أَكْلُهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إِلَّا مَا كَانَ مُتَوَلِّدًا مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ ) .
وَجُمْلَةُ ذَلِكَ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=3442الْحَيَوَانَاتِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُحْرِمِ قِسْمَانِ : أَحَدُهُمَا : مَا يُبَاحُ لَهُ ذَبْحُ جَمِيعِهِ بِلَا شُبْهَةٍ وَلَا كَرَاهَةٍ ، وَهُوَ الْحَيَوَانُ الْإِنْسِيُّ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ
[ ص: 126 ] وَالدَّجَاجِ وَالْبَطِّ وَالْحَيَوَانِ الْبَحْرِيِّ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ حِلُّ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ إِلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ ، وَإِنَّمَا حُرِّمَ صَيْدُ الْبَرِّ خَاصَّةً قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ ) ، وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ ) مُطْلَقًا ، ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ ) بَيَانُ أَنَّ صَيْدَ الْبَحْرِ حَلَالٌ لَنَا مُحِلِّينَ كُنَّا أَوْ مُحْرِمِينَ لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ عَقِيبَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=94يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ ) فَكَانَ هَذَا مُبَيِّنًا وَمُفَسِّرًا لِمَا أَطْلَقَهُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=94لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ ) ، وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) ، وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) وَهَذَا مِمَّا أُجْمِعَ عَلَيْهِ .
[ ص: 127 ] قَالَ
ابْنُ أَبِي مُوسَى : " وَالدَّجَاجُ الْأَهْلِيُّ لَيْسَ بِصَيْدٍ قَوْلًا وَاحِدًا " ، وَفِي الدَّجَاجِ السِّنْدِيِّ رِوَايَتَانِ : إِحْدَاهُمَا : أَنَّهُ صَيْدٌ ، فَإِنْ أَصَابَهُ مُحْرِمٌ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ .
وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى : لَيْسَ بِصَيْدٍ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ .
الْقِسْمُ الثَّانِي : صَيْدُ الْبَرِّ فَهَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ) فَإِنَّمَا أَبَاحَ لَهُمْ بَهِيمَةَ الْأَنْعَامِ فِي حَالِ كَوْنِهِمْ غَيْرَ مُسْتَحِلِّي الصَّيْدِ فِي إِحْرَامِهِمْ ، وَقَالَ سُبْحَانَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ) ، وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=94يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ) .
وَالصَّيْدُ الَّذِي يُضْمَنُ بِالْجَزَاءِ ثَلَاثُ صِفَاتٍ ؛ أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ مُتَوَحِّشًا سَوَاءٌ اسْتَأْنَسَ أَوْ لَمْ يَسْتَأْنِسْ ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُبَاحًا أَوْ مَمْلُوكًا.
[ ص: 128 ] الثَّانِي : أَنْ يَكُونَ بَرِّيًّا وَهُوَ مَا ....
الثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا أَكْلُهُ ، فَإِذَا كَانَ مُبَاحًا فَإِنَّهُ يُضْمَنُ بِغَيْرِ خِلَافٍ كَالظِّبَاءِ وَالْأَوْعَالِ وَالنَّعَامِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ مَا تُوُلِّدَ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِ مَأْكُولٍ ، كِالْعِسْبَارِ : وَهُوَ وَلَدُ الذِّيبَةِ مِنَ الضِّبْعَانِ ، وَالسِّمْعُ : وَهُوَ وَلَدُ الضَّبُعِ مِنَ الذِّيبِ ، وَمَا تُوُلِّدَ بَيْنَ وَحْشِيٍّ وَأَهْلِيٍّ .
فَأَمَّا مَا لَا يُؤْكَلُ : فَقِسْمَانِ ؛ أَحَدُهُمَا : يُؤْذِي فَالْمَأْمُورُ بِقَتْلِهِ ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ .
وَالثَّانِي غَيْرُ مُؤْذٍ : فَالْمُبَاحُ قَتْلُهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُؤْذِي فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ : كُلُّ مَا قُتِلَ مِنَ الصَّيْدِ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ
أَحْمَدَ ، وَفِي الْآخَرِ يَفْدِي الثَّعْلَبَ وَالسِّنَّوْرَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ " ، وَقَالَ : مَا يَفْدِي الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ وَالسِّبَاعِ ؟ ..
قَالَ الْقَاضِي - فِي الْمُجَرَّدِ - : وَالْأَمْرُ عَلَى مَا حَكَاهُ
أَبُو بَكْرٍ ، وَقَالَ
ابْنُ [ ص: 129 ] عَقِيلٍ : مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَلَا يُؤْذِي فَفِيهِ رِوَايَتَانِ ؛ إِحْدَاهُمَا : لَا ضَمَانَ فِيهِ .
قَالَ - فِي رِوَايَةِ
حَنْبَلٍ - إِنَّمَا جُعِلَتِ الْكَفَّارَةُ فِي الصَّيْدِ الْمُحَلَّلِ أَكْلُهُ ، فَأَمَّا السَّبُعُ فَلَا أَرَى فِيهِ كَفَّارَةً .
وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ سَأَلْتُ
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَكْلِ الضَّبُعِ ؟ فَقَالَ : يُؤْكَلُ ، لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ . قَالَ : وَكُلُّ مَا يُؤْدَى إِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ، وَفِيهَا حُكُومَةٌ إِذَا أَصَابَهَا الْمُحْرِمُ ، قِيلَ لَهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015407نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ . قَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : هَذِهِ خَارِجَةٌ مِنْهُ ، وَقَدْ حَكَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا وَجَعَلَهَا صَيْدًا وَأَمَرَ فِيهِ بِالْجَزَاءِ إِذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ ، فَكُلُّ مَا وُدِيَ وَحُكِمَ فِيهِ : أُكِلَ لَحْمُهُ " .
وَكَذَلِكَ قَالَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مُحْتَجًّا عَلَى إِبَاحَتِهَا : بِأَنَّهَا صَيْدٌ ، يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ صَيْدًا فَهُوَ مُبَاحٌ .
وَعَنْ
أَبِي الْحَارِثِ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْوَحْشِيَّةِ ؟ فَقَالَ : هُوَ صَيْدٌ ، وَقَدْ جُعِلَ جَزَاؤُهُ بَدَنَةً ، يَعْنِي أَنَّهُ مُبَاحٌ .
وَهَذَا اخْتِيَارُ
أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي وَأَكْثَرِ أَصْحَابِنَا . لَكِنْ ذَكَرَ
ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي الضِّفْدَعِ حُكُومَةً .
فَعَلَى طَرِيقَتِهِ : يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ ، كَالضِّفْدَعِ وَالنَّمْلَةِ وَالنَّحْلَةِ وَالْهُدْهُدِ
[ ص: 130 ] وَالصُّرَدِ ، وَمَا لَمْ يُنْهَ عَنْ قَتْلِهِ ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا جَزَاءَ فِي الثَّعْلَبِ إِذَا قُلْنَا : لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ .
وَحَمَلَ الْقَاضِي نَصَّ
أَحْمَدَ فِي الْجَزَاءِ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي يَقُولُ : يُؤْكَلُ ، لَكِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ نَصُّ
أَحْمَدَ وَقَوْلُ قُدَمَاءِ أَصْحَابِهِ : أَنَّ الثَّعْلَبَ يُؤْدَى بِكُلِّ حَالٍ .
وَالثَّانِيَةُ : فِيهِ الْكَفَّارَةُ قَالَ - فِي رِوَايَةِ
ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَسِنْدِيٍّ - : " فِي الثَّعْلَبِ الْجَزَاءُ " ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14242أَبُو بَكْرٍ الْخَلَّالُ : أَكْثَرُ مَذْهَبِهِ - وَإِنْ كَانَ يُؤْدَى - فَإِنَّهُ عِنْدَهُ سَبُعٌ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ .
وَقَالَ
أَحْمَدُ - فِي رِوَايَةِ
الْمَيْمُونِيِّ - : الثَّعْلَبُ يُؤْدَى لِتَعْظِيمِ الْحُرْمَةِ وَلَا يَلْبَسُهُ ; لِأَنَّهُ سَبُعٌ .
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ
بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ - وَقَدْ سُئِلَ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=3448_3488مُحْرِمٍ قَتَلَ ثَعْلَبًا : " قَالَ : عَلَيْهِ الْجَزَاءُ هُوَ صَيْدٌ وَلَكِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ " .
وَقَالَ
عَبْدُ اللَّهِ : " سَأَلْتُ أَبِي قُلْتُ : مَا تَرَى فِي أَكْلِ الثَّعْلَبِ ؟ قَالَ لَا يُعْجِبُنِي ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ كُلِّ نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ، لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَخَّصَ فِيهِ إِلَّا عَطَاءً ، فَإِنَّهُ قَالَ : لَا بَأْسَ بِجُلُودِهِ يُصَلَّى فِيهَا ; لِأَنَّهَا تُؤْدَى يَعْنِي فِي الْمُحْرِمِ إِذَا أَصَابَهُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ " .
[ ص: 131 ] وَقَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ : كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٌ يَقُولُ : كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ جَزَاءٌ يُرَخَّصُ فِيهِ فَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ يُؤْدَى مَعَ أَنَّهُ سَبُعٌ " .
وَقَالَ
ابْنُ مَنْصُورٍ فِي السِّنَّوْرِ - الْأَهْلِيِّ وَغَيْرِ الْأَهْلِيِّ - : " حُكُومَةٌ " .
مَعَ أَنَّ الْأَهْلِيَّ لَا يُؤْكَلُ بِغَيْرِ خِلَافٍ ، وَالْوَحْشُ : فِيهِ رِوَايَتَانِ .
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ
أَبِي الْحَارِثِ - : فِي الثَّعْلَبِ شَاةٌ ، وَفِي الْأَرْنَبِ شَاةٌ ، وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ ، وَكَذَلِكَ الْوَبَرُ فِيهَا الْجَزَاءُ مَعَ أَنَّهُ قَدِ اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْهُ فِي إِبَاحَةِ الْوَبَرِ وَالْيَرْبُوعِ ، وَحُكِيَ عَنْهُ الْخِلَافُ فِي الْأَرَانِبِ أَيْضًا - وَأُمُّ حُبَيْنٍ فِيهَا الْجَزَاءُ فِي وَجْهٍ ، وَذَكَرَ الْقَاضِي - فِي بَعْضِ كُتُبِهِ - وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ إِلَّا فِي الْمَأْكُولِ ، وَحَمَلَ نُصُوصَهُ فِي الثَّعْلَبِ وَنَحْوِهِ عَلَى
[ ص: 132 ] الْقَوْلِ بِأَكْلِهِ ، وَنَصُّهُ فِي السِّنَّوْرِ الْأَهْلِيِّ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ .
وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ : غَلَطٌ ، فَإِنَّهُ قَدْ نُصَّ عَلَى وُجُوبِ الْجَزَاءِ فِي الثَّعْلَبِ مَعَ حُكْمِهِ بِأَنَّهُ سَبُعٌ مُحَرَّمٌ ، وَاخْتَارَ ذَلِكَ الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ .
فَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ : يُضْمَنُ مَا تَعَارَضَ فِيهِ دَلِيلُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ ، وَإِنْ قُلْنَا : هُوَ حَرَامٌ قَوْلًا وَاحِدًا ، كَالصُّرَدِ وَالْهُدْهُدِ وَالْخُطَّافِ وَالثَّعْلَبِ وَالْيَرْبُوعِ وَالْجَفْرَةِ ، كَمَا يُضْمَنُ السِّمْعُ وَالْعِسْبَارُ ، كَمَا قُلْنَا فِي
الْمَجُوسِ - لَمَّا تَعَارَضَ فِيهِمْ سُنَّةُ
أَهْلِ الْكِتَابِ وَسُنَّةُ الْمُشْرِكِينَ - : حَرُمَ طَعَامُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ كَالْمُشْرِكِينَ ، وَحَرُمَتْ دِمَاؤُهُمْ بِالْجِزْيَةِ
كَأَهْلِ الْكِتَابِ .
فَكَذَلِكَ هَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي تُشْبِهُ السِّبَاعَ وَنَحْوَهَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ ، وَتُشْبِهُ الْبَهَائِمَ الْمُبَاحَةَ : يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ قَتْلُهَا وَيَدِيهَا كَالْمَأْكُولِ ، وَلَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا كَالسِّبَاعِ .
[ ص: 133 ] وَعَلَى طَرِيقَةِ
أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ فَجَمِيعُ الدَّوَابِّ الْمُحَرَّمَةِ إِذَا لَمْ تُؤْدَ : رِوَايَتَانِ كَالسِّنَّوْرِ الْأَهْلِيِّ .
فَوَجْهُ الْأَوَّلِ : أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا ) بَعْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ ) .
فَلَمَّا أَبَاحَ صَيْدَ الْبَحْرِ مُطْلَقًا ، وَحَرَّمَ صَيْدَ الْبَرِّ مَا دُمْنَا مُحْرِمِينَ : عُلِمَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=3442الصَّيْدَ الْمُحَرَّمَ بِالْإِحْرَامِ هُوَ مَا أُبِيحَ فِي الْإِحْلَالِ ; لِأَنَّهُ عَلَّقَ تَحْرِيمَهُ بِالْإِحْرَامِ ، وَمَا هُوَ مُحَرَّمٌ فِي نَفْسِهِ لَا يُعَلَّقُ تَحْرِيمُهُ بِالْإِحْرَامِ ، فَعُلِمَ أَنَّ صَيْدَ الْبَرِّ مُبَاحٌ بَعْدَ الْإِحْلَالِ ، كَمَا نَصَّهُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ) ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) فَإِنَّهُ يَقْتَضِي إِبَانَةَ إِحْلَالِهِ وَنَحْنُ حَلَالٌ .
وَعَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015408سَأَلْتُ nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ : الضَّبُعُ آكُلُهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ . قُلْتُ : أَصَيْدٌ هِيَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : سَمِعْتَ ذَاكَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟ قَالَ : نَعَمْ " . رَوَاهُ ...
[ ص: 134 ] فَلَوْلَا أَنَّ الصَّيْدَ عِنْدَهُمْ هُوَ الَّذِي يُؤْكَلُ لَمْ يَسْأَلْ : أَصَيْدٌ هِيَ أَمْ لَا ؟ وَلَوْلَا أَنَّ الصَّيْدَ نَوْعٌ مِنَ الْوَحْشِيِّ لَمْ يُخْبِرِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا أَنَّهَا صَيْدٌ ، وَلَوْ كَانَ كَوْنُهَا صَيْدًا بِاللُّغَةِ أَوْ بِالْعُرْفِ لَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ فَإِنَّهُ إِنَّمَا بُعِثَ لِتَعْلِيمِ الشَّرْعِ ، فَلَمَّا أَخْبَرَ أَنَّهَا صَيْدٌ عُلِمَ أَنَّ كَوْنَ الْبَهِيمَةِ صَيْدًا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا أَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَحِلُّ أَكْلُهُ .
وَوَجْهُ الثَّانِي : .........
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي الضِّفْدَعِ رِوَايَتَانِ :
إِحْدَاهُمَا : لَا شَيْءَ فِيهِ . قَالَ - فِي رِوَايَةِ
ابْنِ مَنْصُورٍ - : لَا أَعْرِفُ فِي الضِّفْدَعِ حُكُومَةً ، وَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ فِيهِ حُكُومَةٌ وَقَدْ نُهِيَ عَنْ قَتْلِهِ ؟ وَهَذَا قِيَاسُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى عَنْهُ .
وَالثَّانِيَةُ : فِيهِ الْجَزَاءُ . قَالَ - فِي رِوَايَةِ
عَبْدِ اللَّهِ - :
هُشَيْمٌ ثَنَا
حَجَّاجٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٍ قَالَ : مَا كَانَ يَعِيشُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ فَأَصَابَهُ الْمُحْرِمُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ نَحْوُ السُّلَحْفَاةِ وَالسَّرَطَانِ وَالضَّفَادِعِ .
[ ص: 135 ] وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَخَذَ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ
أَبُو بَكْرٍ ، وَهَذَا قَوْلُ
ابْنِ أَبِي مُوسَى .
فَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا يُضْمَنُ فَإِنَّ قَتْلَهُ حَرَامٌ بِلَا تَرَدُّدٍ وَهُوَ مِنَ الْكَبَائِرِ ; لِأَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا : يَفْسُقُ بِفِعْلِهِ عَمْدًا .
وَمَا لَا يُضْمَنُ ، قَالَ
أَحْمَدُ - فِي رِوَايَةِ
حَنْبَلٍ - : يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْكَلْبَ الْعَقُورَ وَالذِّئْبَ وَالسُّبُعَ وَكُلَّ مَا عَدَا مِنَ السِّبَاعِ ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَيَقْتُلُ الْقِرْدَ وَالنَّسْرَ وَالْعُقَابَ إِذَا وَثَبَ وَلَا كَفَّارَةَ .
فَإِنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْدُوَ عَلَيْهِ ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ .
وَفِي لَفْظٍ :
nindex.php?page=treesubj&link=3488يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْحِدَأَ وَالْغُرَابَ الْأَبْقَعَ ، وَالزُّنْبُورَ وَالْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَالْفَأْرَةَ ، وَالذِّئْبَ وَالسَّبُعَ ، وَالْكَلْبَ ، وَيَقْتُلُ الْقِرْدَ ، وَكُلَّ مَا عَدَا عَلَيْهِ مِنَ السِّبَاعِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ، وَيَقْتُلُ النَّسْرَ وَالْعُقَابَ ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ شَبِيهٌ بِالْحِدَأِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ
[ ص: 136 ] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِقَتْلِهَا مُحْرِمًا وَغَيْرَ مُحْرِمٍ ، وَهُوَ يَخْطِفُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا جُعِلَتِ الْكَفَّارَةُ وَالْجَزَاءُ فِي الصَّيْدِ الْمُحَلَّلِ أَكْلُهُ ، وَهَذَا سَبُعٌ فَلَا كَفَّارَةَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْتُلَ الذَّرَّ .
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ
أَبِي الْحَارِثِ - يَقْتُلُ السَّبُعَ عَدَا عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَعْدُ .
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا - يَقْتُلُ الْقَمْلَ ، وَيَقْتُلُ الْمُحْرِمُ النَّمْلَةَ إِذَا عَضَّتْهُ ، وَلَا يَقْتُلُ النَّحْلَةَ فَإِنْ آذَتْهُ قَتَلَهَا ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِ الذَّرِّ ، وَالصُّرَدِ ، وَالصُّرَدُ طَيْرٌ .
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ
ابْنِ مَنْصُورٍ - : يُقَرِّدُ الْمُحْرِمُ بَعِيرَهُ .
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ
عَبْدِ اللَّهِ وَالْمَرُّوذِيِّ - : يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْغُرَابَ وَالْحِدَأَةَ وَالْعَقْرَبَ وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ ، وَكُلَّ سَبُعٍ عَدَا عَلَيْكَ ، أَوْ عَقَرَكَ ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْكَ .
وَجُمْلَةُ هَذَا : أَنَّ مَا آذَى النَّاسَ أَوْ آذَى أَمْوَالَهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُ مُبَاحٌ ، سَوَاءٌ كَانَ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ الْأَذَى كَالسَّبُعِ الَّذِي قَدْ عَدَا عَلَى الْمُحْرِمِ أَوْ لَا يُؤْمَنُ أَذَاهُ ، مِثْلُ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْفَأْرَةِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ ، فَإِنَّ هَذِهِ الدَّوَابَّ وَنَحْوَهَا تَدْخُلُ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ، وَيَعُمُّ بَلْوَاهُمْ بِهَا فَأَذَاهُمْ بِهَا غَيْرُ مَأْمُونٍ ، قَالَ أَصْحَابُنَا : قَتْلُهَا مُسْتَحَبٌّ ، وَهَذَا إِجْمَاعٌ ; وَذَلِكَ لِمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ قَالَ :
[ ص: 137 ] حَدَّثَتْنِي إِحْدَى نِسْوَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015409يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْفَأْرَةَ وَالْعَقْرَبَ وَالْحِدَأَةَ وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ وَالْغُرَابَ " .
عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015410خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ : الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ " ، وَفِي لَفْظٍ : " فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ " . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَفِي لَفْظٍ
nindex.php?page=showalam&ids=17080لِمُسْلِمٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015411 " وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ " .
وَفِي رِوَايَةٍ
nindex.php?page=showalam&ids=15397لِلنَّسَائِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنِ مَاجَهْ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015412خَمْسٌ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ ؛ الْحَيَّةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْحِدَأَةُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ " .
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=41حَفْصَةُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015413 " خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَا حَرَجَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ ، الْغُرَابُ وَالْفَأْرَةُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
[ ص: 138 ] وَفِي رِوَايَةٍ
nindex.php?page=showalam&ids=17080لِمُسْلِمٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=3488مَا يَقْتُلُ مِنَ الدَّوَابِّ وَهُوَ مُحْرِمٌ ؟ فَقَالَ حَدَّثَتْنِي إِحْدَى نِسْوَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015414أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْفَأْرَةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ وَالْحَيَّةِ ، قَالَ وَفِي الصَّلَاةِ أَيْضًا ، وَفِي رِوَايَةٍ
nindex.php?page=showalam&ids=17080لِمُسْلِمٍ : قَالَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=41حَفْصَةُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015415 " خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهَا فَوَاسِقُ لَا حَرَجَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ وَذَكَرَهُ " .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015416 " خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ ؛ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ " . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيَّ .
وَفِي رِوَايَةٍ
nindex.php?page=showalam&ids=17080لِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015417 " لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ " .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015418 " خَمْسٌ كُلُّهُنَّ فَاسِقَةٌ يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ وَلَا يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ ؛ الْفَأْرَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْحَيَّةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْغُرَابُ " . رَوَاهُ
أَحْمَدُ .
[ ص: 139 ] وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015419 " خَمْسٌ قَتْلُهُنَّ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ ؛ الْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْحِدَأَةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ " .
وَعَنْ
أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015420 " سُئِلَ عَمَّا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ ؟ قَالَ : الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ وَالْفُوَيْسِقَةَ وَيَرْمِي الْغُرَابَ وَلَا يَقْتُلُهُ ، وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ ، وَالْحِدَأَةَ وَالسَّبُعَ الْعَادِيَ " رَوَاهُ
أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=11998وَأَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ ، وَذَكَرَهُ
أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ
الْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ .
فَذَكَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يُؤْذِي النَّاسَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، وَسَمَّاهُنَّ فَوَاسِقَ لِخُرُوجِهِنَّ عَلَى النَّاسِ .
وَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ ( خَمْسٌ ) عَلَى سَبِيلِ الْحَصْرِ ; لِأَنَّ فِي أَحَدِ الْحَدِيثَيْنِ ذَكَرَ الْحَيَّةَ ، وَفِي الْآخَرِ ذَكَرَ الْعَقْرَبَ ، وَفِي آخَرَ ذَكَرَهَا وَذَكَرَ السَّبُعَ الْعَادِيَ ، فَعُلِمَ أَنَّهُ قَصَدَ بَيَانَ مَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ كَثِيرًا وَهُوَ هَذِهِ الدَّوَابُّ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِفُسُوقِهَا ; لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ الْمُشْتَقِّ الْمُنَاسِبِ يَقْتَضِي أَنَّ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ عِلَّةٌ لِلْحُكْمِ ، فَحَيْثُ مَا وُجِدَتْ دَابَّةٌ فَاسِقَةٌ ، وَهِيَ الَّتِي تَضُرُّ النَّاسَ وَتُؤْذِيهِمْ جَازَ قَتْلُهَا.
[ ص: 140 ] وَقَوْلُهُ - فِي حَدِيثِ
أَبِي سَعِيدٍ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015421 " يَرْمِي الْغُرَابَ وَلَا يَقْتُلُهُ " . إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا بِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=3وَأَبِي هُرَيْرَةَ nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةَ ; لِأَنَّ الرُّخْصَةَ بَعْدَ النَّهْيِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّغْيِيرُ مَرَّتَيْنِ ، أَوْ يَكُونَ رَمْيُهُ هُوَ الْأَوْلَى وَقَتْلُهُ جَائِزًا .
فَأَمَّا مَا هُوَ مُضِرٌّ فِي الْجُمْلَةِ لَكِنْ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَبْتَدِئَ النَّاسَ بِالْأَذَى فِي مَسَاكِنِهِمْ وَمَوَاضِعِهِمْ ، وَإِنَّمَا إِذَا اجْتَمَعَ بِالنَّاسِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ ، أَوْ أَتَاهُ النَّاسُ آذَاهُمْ ، مِثْلَ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ ، مِثْلِ الْأَسَدِ ، وَالنَّمِرِ ، وَالذِّئْبِ ، وَالدُّبِّ ، وَالْفَهْدِ ، وَالْبَازِي ، وَالصَّقْرِ ، وَالشَّاهِينِ ، وَالْبَاشِقِ ، فَهَذَا كَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ مِثْلِ الْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ .
وَقَدْ نَصَّ - فِي رِوَايَةِ
أَبِي الْحَارِثِ - عَلَى أَنَّهُ يَقْتُلُ السَّبُعَ عَدَا عَلَيْهِ ، أَوْ لَمْ يَعْدُ ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ
أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ قَالُوا : لِأَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا حَرَّمَ قَتْلَ الصَّيْدِ ، وَالصَّيْدُ اسْمٌ لِلْمُبَاحِ كَمَا تَقَدَّمَ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَاحَ قَتْلَ السَّبُعِ الْعَادِي ، وَالْعَادِي صِفَةٌ لِلسَّبُعِ سَوَاءٌ وُجِدَ مِنْهُ الْعُدْوَانُ ، أَوْ لَمْ يُوجَدْ . كَمَا قَالَ : الْكَلْبُ الْعَقُورُ ، وَكَمَا يُقَالُ : السَّيْفُ قَاطِعٌ ، وَالْخُبْزُ مُشْبِعٌ ، وَالْمَاءُ مُرْوٍ ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ السَّبُعِ وَبَيْنَ الصَّيْدِ ، فَإِنَّ الصَّيْدَ إِذَا عَدَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَقْتُلُهُ ، قَالُوا : وَلِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ أَدْنَاهُ ضَرَرًا لِيُنَبِّهَ بِإِبَاحَةِ قَتْلِهِ عَلَى إِبَاحَةِ مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ ضَرَرًا ، فَنَصَّ عَلَى الْفَأْرَةِ تَنْبِيهًا عَلَى مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهَا مِنَ
[ ص: 141 ] الْحَشَرَاتِ ، وَذَكَرَ الْغُرَابَ تَنْبِيهًا بِهِ عَلَى مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ مِنَ الْجَوَارِحِ ، وَذَكَرَ الْكَلْبَ الْعَقُورَ ، وَهُوَ أَدْنَى السِّبَاعِ تَنْبِيهًا بِهِ عَلَى سَائِرِ السِّبَاعِ .
قَالُوا : وَفَحْوَى الْخِطَابِ تَنْبِيهُهُ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ أَقْوَى مِنْ دَلِيلِهِ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ ، وَرُبَّمَا قَالُوا : الْكَلْبُ الْعَقُورُ اسْمٌ لِجَمِيعِ السِّبَاعِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي دُعَائِهِ عَلَى
عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ : " اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ ، فَأَكَلَهُ السَّبُعُ " .
[ ص: 142 ] وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى : أَنَّهُ إِنَّمَا يُقْتَلُ إِذَا عَدَا عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ ، فَإِذَا لَمْ يَعْدُ فَلَا يَنْبَغِي قَتْلُهُ ; لِأَنَّهُ قَالَ - فِي رِوَايَةِ
حَنْبَلٍ - : فَإِنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَعْدُوَ عَلَيْهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ .
وَقَالَ أَيْضًا - : يَقْتُلُ مَا عَدَا عَلَيْهِ مِنَ السِّبَاعِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ .
فَخَصَّ قَتْلَهُ بِمَا إِذَا عَدَا عَلَيْهِ أَوْ بِمَا إِذَا عَدَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَقْتُلُهُ إِذَا لَمْ يَعْدُ . وَلَوْ أَرَادَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : أَنَّ الْعُدْوَانَ صِفَةٌ لَازِمَةٌ لِلسَّبُعِ لَمْ يَقُلْ : كُلُّ مَا عَدَا مِنَ السِّبَاعِ ، فَإِنَّ جَمِيعَ السِّبَاعِ عَادِيَةٌ بِمَعْنَى أَنَّهَا تَفْتَرِسُ وَلِذَلِكَ حَرُمَ أَكْلُهَا ، فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ عُدْوَانًا تُنْشِئُهُ وَتَفْعَلُهُ ، فَلَا تُقْصَدُ فِي مَوَاضِعِهَا وَمَسَاكِنِهَا فَتُقْتَلُ ، إِلَّا أَنْ يُقْصَدَ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَعْدُوَ عَلَى بَنِي آدَمَ كَالْأَسَدِ ، فَيُقْتَلُ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَعْدُوَ دُونَ أَوْلَادِهَا الصِّغَارِ ، وَدُونَ مَا لَا يَعْدُو عَلَى النَّاسِ . وَهَذَا مَذْهَبُ
مَالِكٍ ، فَيُنْظَرُ وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي بَكْرٍ ; لِأَنَّهُ قَالَ : يَقْتُلُ السَّبُعَ مُطْلَقًا ول الهم .
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ
عَبْدِ اللَّهِ - : وَيُقْتَلُ الْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ ، وَكُلُّ سَبُعٍ عَدَا عَلَيْكَ أَوْ عَقَرَكَ .
[ ص: 143 ] فَنَصَّ عَلَى أَنَّ الْمَقْتُولَ مِنَ السِّبَاعِ هُوَ الَّذِي يَعْدُو عَلَى الْمُحْرِمِ وَيُرِيدُ عَقْرَهُ ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَصَحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهِيَ اخْتِيَارُ .... لِوُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ أَرَادَ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْإِذْنَ فِي قَتْلِ كُلِّ مَا لَا يُؤْكَلُ لَقَالَ : يَقْتُلُ كُلَّ مَا لَا يُؤْكَلُ ، وَيَقْتُلُ كُلَّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وَكُلَّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ ، فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قَدْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ ، أَلَا تَرَاهُ لَمَّا أَرَادَ النَّهْيَ عَنْهَا قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015422كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ حَرَامٌ " . وَلَمْ يُعَدِّدْ أَنْوَاعًا مِنْهَا .
الثَّانِي : أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ .
الثَّالِثُ : أَنَّهُ عَلَّلَ الْحُكْمَ بِأَنَّهُنَّ فَوَاسِقُ ، وَالْفَاسِقُ هُوَ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى غَيْرِهِ ابْتِدَاءً بِأَنْ يَقْصِدَهُ فِي مَوْضِعِهِ ، أَمَّا مَنْ لَا يَخْرُجُ حَتَّى يُقْصَدَ فِي مَوْضِعِهِ فَلَيْسَ بِفَاسِقٍ .
الرَّابِعُ : أَنَّهُ خَصَّ الْكَلْبَ الْعَقُورَ ، وَلَوْ قَصَدَ مَا لَا يُؤْكَلُ ، أَوْ مَا هُوَ سَبُعٌ فِي
[ ص: 144 ] الْجُمْلَةِ لَمْ يَخُصَّ الْعَقُورَ مِنْ غَيْرِهِ ، فَإِنَّ الْكَلْبَ سَبُعٌ مِنَ السِّبَاعِ ، وَأَكْلُهُ حَرَامٌ .
الْخَامِسُ : أَنَّهُ ذَكَرَ مِنَ الدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ مَا يَأْتِي النَّاسَ فِي مَوَاضِعِهِمْ ، وَيَعُمُّ بَلْوَاهُمْ بِهِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُمُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فِي الْغَالِبِ إِلَّا بِقَتْلِهِ ، مِثْلُ الْحُدَيَّا ، وَالْغُرَابِ ، وَالْحَيَّةِ ، وَالْعَقْرَبِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا وَصْفٌ مُنَاسِبٌ لِلْحُكْمِ فَلَا يَجُوزُ إِهْدَارُهُ عَنِ الِاعْتِبَارِ ، وَإِثْبَاتُ الْحُكْمِ بِدُونِهِ إِلَّا بِنَصٍّ آخَرَ .
السَّادِسُ : أَنَّهُ قَالَ : وَالسَّبُعُ الْعَادِي ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعُدْوَانُ صِفَةً لَازِمَةً ، بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ السَّبُعَ الَّذِي يَعْتَدِي ، أَوِ السَّبُعَ إِذَا اعْتَدَى وَنَحْوَ ذَلِكَ أَوِ السَّبُعَ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَعْتَدِيَ عَلَى النَّاسِ فَيَأْتِيَهُمْ فِي أَمَاكِنِهِمْ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ . كَمَا يُقَالُ : الرَّجُلُ الظَّالِمُ ، كَمَا قَالَ : الْكَلْبُ الْعَقُورُ ، فَكَانَ ذَلِكَ نَوْعًا خَاصًّا مِنَ الْكِلَابِ ; فَلِذَلِكَ هَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ نَوْعًا خَاصًّا مِنَ السِّبَاعِ لِوُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْعُدْوَانَ الَّذِي فِي طِبَاعِ السِّبَاعِ وَهُوَ كَوْنُهُ يَفْتَرِسُ غَيْرَهُ مِنَ الْحَيَوَانِ لَكَانَتْ جَمِيعُ السِّبَاعِ عَادِيَةً بِهَذَا الِاعْتِبَارِ فَتَبْقَى الصِّفَةُ ضَائِعَةً ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ قَدْ يَأْتِي لِلتَّوْكِيدِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ ، لَكِنَّ الْأَصْلَ فِيهِ التَّقْيِيدُ لَا سِيَّمَا وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ مَعَ أَنَّ الْعُدْوَانَ صِفَةٌ لَازِمَةٌ لَهُمَا ، فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ صِفَةً تَخُصُّ بَعْضَ السِّبَاعِ .
الثَّانِي : أَنَّ الْأَصْلَ فِي الصِّفَاتِ أَنْ تَكُونَ لِتَمْيِيزِ الْمَوْصُوفِ مِمَّا شَارَكَهُ فِي الِاسْمِ وَتَقْيِيدِ الْحُكْمِ بِهَا ، وَقَدْ تَجِيءُ لِبَيَانِ حَالِ الْمَوْصُوفِ وَإِظْهَارِهِ وَإِيضَاحِهِ ، لَكِنَّ هَذَا خِلَافٌ لِلْأَصْلِ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ إِذَا كَانَ فِي إِظْهَارِ الصِّفَةِ فَائِدَةٌ مِنْ مَدْحٍ أَوْ ذَمٍّ أَوْ تَنْبِيهٍ عَلَى شَيْءٍ خَفِيٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهُنَا قَالَ : الْعَادِي ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْعَادِي تَقْيِيدًا لِلسَّبُعِ أَوْ إِخْرَاجًا لِلسَّبُعِ الَّذِي لَيْسَ
[ ص: 145 ] بِعَادٍ ، إِذْ إِرَادَةُ عُدْوَانٍ لَازِمٍ : مُخَالِفٌ لِلْأَصْلِ ، ثُمَّ ذَلِكَ الْعُدْوَانُ الطَّبِيعِيُّ مَعْلُومٌ بِنَفْسِ قَوْلِهِ : سَبُعٌ ، فَلَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهِ .
الثَّالِثُ : أَنَّ الْعُدْوَانَ الَّذِي هُوَ فِعْلُ السَّبُعِ مَعْلُومٌ قَطْعًا ، وَالْعُدْوَانُ الَّذِي هُوَ طَبْعُهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا ، وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ مُرَادًا فَلَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ .
السَّابِعُ : أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الدَّوَابِّ قَدْ نُهِيَ عَنْ قَتْلِهَا فِي الْإِحْلَالِ ، مِثْلُ الضِّفْدَعِ ، وَالنَّمْلَةِ ، وَالنَّحْلَةِ ، وَالْهُدْهُدِ ، وَالصُّرَدِ ، فَكَيْفَ يَكُونُ فِي الْإِحْرَامِ ؟ وَقَدْ قَالَ فِي الْفَوَاسِقِ : " يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ " .
الثَّامِنُ : أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْكِلَابِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015423 " لَوْلَا أَنَّهَا أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا ، فَاقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ كَوْنَهَا أُمَّةً وَصْفٌ يَمْنَعُ مِنِ اسْتِيعَابِهَا بِالْقَتْلِ لِتَبْقَى هَذِهِ الْأُمَّةُ تَعْبُدُ اللَّهَ وَتُسَبِّحُهُ ، نَعَمْ خَصَّ مِنْهَا مَا يَضُرُّ بَنِي آدَمَ وَيَشُقُّ عَلَيْهِمُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ ;
[ ص: 146 ] لِأَنَّ رِعَايَةَ جَانِبِهِمْ أَوْلَى مِنْ رِعَايَةِ جَانِبِهِ ، وَيَبْقَى مَا يُمْكِنُهُمُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ عَلَى الْعُمُومِ .
فَعَلَى هَذَا قَتْلُهُ : حَرَامٌ ، أَوْ مَكْرُوهٌ ، وَبِكُلِّ حَالٍ لَا جَزَاءَ فِيهِ . نَصَّ عَلَيْهِ .
وَإِذَا لَمْ يُقْتَلْ هَذَا ، فَغَيْرُهُ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَلَا فِي طَبْعِهِ الْأَذَى أَوْلَى أَنْ لَا يُقْتَلَ .
قَالَ
ابْنُ أَبِي مُوسَى : لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَقْتُلَ الْحَيَّةَ ، وَالْعَقْرَبَ ، وَالْفَأْرَةَ ، وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ ، وَالْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ ، وَالسَّبُعَ ، وَالذِّئْبَ ، وَالْحِدَأَةَ ، وَالْغُرَابَ الْأَبْقَعَ ، وَالزُّنْبُورَ ، وَالْقِرْدَ ، وَالنَّسْرَ ، وَالْعُقَابَ إِذَا وَثَبَ عَلَيْهِ ، وَالْبَقَّ ، وَالْبَعُوضَ ، وَالْحَلَمَ ، وَالْقِرْدَانَ ، وَكُلَّ مَا عَدَا عَلَيْهِ وَآذَاهُ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ .
فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى : فَقَالَ
أَبُو الْخَطَّابِ : يُبَاحُ قَتْلُ كُلِّ مَا فِيهِ مَضَرَّةٌ كَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ ، وَسَمَّى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ ، وَقَالَ : وَالْبُرْغُوثُ وَالْبَقُّ وَالْبَعُوضُ وَالْقُرَادُ وَالْوَزَغُ وَسَائِرُ الْحَشَرَاتِ وَالذُّبَابِ ، وَيَقْتُلُ النَّمْلَ إِذَا آذَاهُ .
وَقَالَ الْقَاضِي
وَابْنُ عَقِيلٍ : الْحَيَوَانَاتُ الَّتِي لَا تُؤْكَلُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ ، قِسْمٌ يَضُرُّ
[ ص: 147 ] وَلَا يَنْفَعُ : كَالْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالْجِرْجِسِ وَالْبَقِّ وَالْبُرْغُوثِ وَالْبَعُوضِ وَالْعَلَقِ وَالْقُرَادِ ، فَهَذَا يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ .
الثَّانِي : مَا يَضُرُّ وَيَنْفَعُ : كَالْبَازِي وَالْفَهْدِ وَسَائِرِ الْجَوَارِحِ مِنَ الطَّيْرِ وَالْمِخْلَبِ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ ، فَقَتْلُهُ جَائِزٌ لَا يُكْرَهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ .
الثَّالِثُ : مَا لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ : كَالْخَنَافِسِ وَالْجِعْلَانِ وَبَنَاتِ وَرْدَانَ وَالرَّخَمِ وَالذُّبَابِ وَالنَّحْلِ ، وَالنَّمْلِ إِذَا لَمْ يَلْسَعْهُ يُكْرَهُ قَتْلُهُ وَلَا يَحْرُمُ .
وَأَمَّا الذُّبَابُ : فَذَكَرَهُ
ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْقِسْمِ ... ، وَهُوَ مَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ ، وَهُوَ مَا لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَذَكَرْنَا الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِ .
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ : فَالْمَنْصُوصُ عَنْهُ الْمَنْعُ مِنْ قَتْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ مَا لَمْ يَضُرَّ ، ثُمَّ قَدْ أَدْخَلُوا فِيهِ الْكَلْبَ ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ قَتْلَهُ حَرَامٌ .
وَأَمَّا الذُّبَابُ : فَقَدْ ذَكَرَهُ
أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ : مِنَ الْمُؤْذِي ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي : فِيمَا لَا يُؤْذِي وَهَذَا عَلَى قَوْلِنَا لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ ، فَأَمَّا إِذَا قُلْنَا يَجُوزُ أَكْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُضْمَنَ .
[ ص: 148 ] وَأَمَّا الذَّرُّ : فَقَدْ رَوَى عَنْهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَقْتُلَهُ ، وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015424 " قَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِ الذَّرِّ " .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي مُوسَى : " وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْقَمْلَةَ ، وَلَا يَقْتُلَ النَّمْلَةَ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَمٍ وَلَا يَقْتُلُ الضِّفْدَعَ ، وَهَذِهِ الْمَنْهِيَّاتُ عَنْ قَتْلِهَا ، مِثْلُ الصُّرَدِ وَالنَّحْلَةِ وَالنَّمْلَةِ ، مَرَدُّ .... هَلْ هُوَ مَنْعُ تَنْزِيهٍ أَوْ تَحْرِيمٍ ؟ قَالَ
ابْنُ أَبِي مُوسَى : وَلَا يَقْتُلُ النَّمْلَ فِي حِلٍّ وَلَا حَرَمٍ وَلَا الضِّفْدَعَ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ
أَحْمَدَ التَّحْرِيمُ ، قَالَ - فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا - وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ قَتْلِ النَّحْلَةِ وَالنَّمْلَةِ ، فَقَالَ : " إِذَا آذَتْهُ قَتَلَهَا " ، فَقِيلَ لَهُ : أَلَيْسَ قَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِ النَّحْلَةِ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَدْ نَهَى عَنْ قَتْلِ النَّحْلِ وَالصُّرَدِ وَهُوَ طَيْرٌ " .
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ
عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي الْحَارِثِ - فِي الضَّفَادِعِ لَا تُؤْكَلُ وَلَا تُقْتَلُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16015425 " نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِ الضِّفْدَعِ " .
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ
ابْنِ الْقَاسِمِ - وَقَالَ لَهُ يَا
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الضِّفْدَعُ لَا يُؤْكَلُ ؟ فَغَضِبَ وَقَالَ :
" النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ أَنْ يُجْعَلَ فِي الدَّوَاءِ مَنْ يَأْكُلُهُ ! " . فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَتْلَهَا وَأَكْلَهَا سَوَاءٌ وَأَنَّهُ مُحَرَّمٌ .
[ ص: 149 ] فَأَمَّا إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=3488عَضَّتْهُ النَّحْلَةُ أَوِ النَّمْلَةُ أَوْ تَعَلَّقَ الْقُرَادُ بِبَعِيرِهِ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ يَقْتُلُهُ ، وَإِنْ أَمْكَنَ دَفْعُ أَدْنَاهُ بِدُونِ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ النَّمْلَةَ بَعْدَ أَنْ تَقْرُصَهُ.