[ ص: 342 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين )
تداين : تفاعل من الدين ، يقال : داينت الرجل عاملته بدين معطيا أو آخذا ، كما تقول : بايعته إذا بعته أو باعك قال
رؤبة :
داينت أروى والديون تقضى فمطلت بعضا وأدت بعضا
ويقال : دنت الرجل إذا بعته بدين ، وادنت أنا أي : أخذت بدين .
أمل وأملى لغتان : الأولى
لأهل الحجاز وبني أسد ، والثانية
لتميم ، يقال : أمليت وأمللت على الرجل أي : ألقيت عليه ما يكتبه ، وأصله في اللغة الإعادة مرة بعد أخرى ، قال الشاعر :
ألا يا ديار الحي بالسبعان أمل عليها بالبلى الملوان
وقيل : الأصل أمللت ، أبدل من اللام ياء لأنها أخف .
البخس : النقص ، يقال منه : بخس يبخس ، ويقال : بالصاد ، والبخس : إصابة العين ، ومنه : استعير بخس حقه ، كقولهم : عور حقه ، وتباخسوا في البيع تغابنوا ، كان كل واحد يبخس صاحبه عن ما يريده منه باحتياله . السأم والسآمة : الملل من الشيء والضجر منه ، يقال منه : سئم يسأم .
الصغير : اسم فاعل من صغر يصغر ، ومعناه قلة الجرم ، ويستعمل في المعاني أيضا . القسط : بكسر القاف : العدل ، يقال منه : أقسط الرجل أي : عدل ، وبفتح القاف : الجور ، ويقال منه : قسط الرجل أي : جار ، والقسط بالكسر أيضا : النصيب . الرهن : ما دفع إلى الدائن على استيثاق دينه ، ويقال : رهن يرهن رهنا ، ثم أطلق المصدر على المرهون ، ويقال : رهن الشيء دام ، قال الشاعر :
اللحم والخبز لهم راهن وقهوة راووقها ساكب
وأرهن لهم الشراب : دام ، قال ابن سيده : ورهنه ، أي : أدامه ، ويقال : أرهن في السلعة إذا غالى بها حتى أخذها بكثير الثمن ، قال الشاعر :
يطوي ابن سلمى بها من راكب بعرا عيدية أرهنت فيها الدنانير
العيد : بطن من مهر ، وإبل مهرة موصوفة بالنجابة ، ويقال ، من الرهن الذي هو من التوثقة : أرهن إرهانا ، قال
همام بن مرة :
فلما خشيت أظافيرهم نجوت وأرهنتهم مالكا
[ ص: 343 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج : يقال في الرهن رهنت وأرهنت ، وقال
الأعشى :
حتى يفيدك من بنيه رهينة نعش ويرهنك السماك الفرقدا
وتقول : رهنت لساني بكذا ، ولا يقال فيه : أرهنت ، ولما أطلق الرهن على المرهون صار اسما ، فكسر تكسير الأسماء وانتصب بفعله نصب المفاعيل ، فرهنت رهنا كرهنت ثوبا . الإصر : الأمر الغليظ الصعب ، والآصرة في اللغة : الأمر الرابط من ذمام أو قرابة ، أو عهد ، ونحوه ، والإصار : الحبل الذي تربط به الأحمال ونحوها ، يقال : أصر يأصر أصرا ، والإصر ، بكسر الهمزة ، الاسم من ذلك ، وروي الأصر بضمها وقد قرئ به ، قال الشاعر :
يا مانع الضيم أن يغشى سراتهم والحامل الإصر عنهم بعدما عرقوا
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282nindex.php?page=treesubj&link=28973يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : نزلت في السلم خاصة ، يعنى : أن سلم
أهل المدينة كان السبب ، ثم هي تتناول جميع الديون بالإجماع . ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنه لما أمر بالنفقة في سبيل الله ، وبترك الربا ، وكلاهما يحصل به تنقيص المال ، نبه على طريق حلال في تنمية المال وزيادته ، وأكد في كيفية حفظه ، وبسط في هذه الآية وأمر فيها بعدة أوامر على ما سيأتي بيانه .
وذكر قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282بدين ) ليعود الضمير عليه في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فاكتبوه ) وإن كان مفهوما من : تداينتم ، أو لإزالة اشتراك تداين ، فإنه يقال : تداينوا ، أي : جازى بعضهم بعضا ، فلما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282بدين ) دل على غير هذا المعنى ، أو للتأكيد ، أو ليدل على أي دين كان صغيرا أو كبيرا ، وعلى أي وجه كان من سلم أو بيع (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282إلى أجل مسمى ) ليس هذا الوصف احترازا من أن الدين لا يكون إلى أجل مسمى ، بل
nindex.php?page=treesubj&link=5559لا يقع الدين إلا إلى أجل مسمى ، فأما الآجال المجهولة فلا يجوز ، والمراد بالمسمى الموقت المعلوم ، نحو : التوقيت بالسنة والأشهر والأيام ، ولو قال : إلى الحصاد ، أو إلى الدياس ، أو رجوع الحاج ، لم يجز لعدم التسمية ، وإلى أجل ، متعلق : بتداينتم ، أو في موضع الصفة لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282بدين ) فيتعلق بمحذوف .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فاكتبوه ) أمر تعالى بكتابته ؛ لأن ذلك أوثق وآمن من النسيان ، وأبعد من الجحود ، وظاهر الأمر الوجوب ، وقد قال بعض أهل العلم ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ، وأهل الظاهر ، وقال الجمهور : هو أمر ندب يحفظ به المال ، وتزال به الريبة ، وفي ذلك حث على الاعتراف به وحفظه ، فإن الكتاب خليفة اللسان ، واللسان خليفة القلب .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ،
وابن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج أنهم كانوا يرون أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283فإن أمن بعضكم بعضا ) ناسخ لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فاكتبوه ) وقال
الربيع وجب بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فاكتبوه ) ثم خفف بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283فإن أمن ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وليكتب بينكم كاتب بالعدل ) وهذا الأمر قيل : على الوجوب على الكفاية كالجهاد ، قال
عطاء وغيره : يجب على الكاتب أن يكتب على كل حال ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، أيضا : إذا لم يوجد كاتب سواه فواجب عليه أن يكتب ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : هو واجب مع الفراغ ، واختار
الراغب أن الصحيح كون الكتابة فرضا على الكفاية ، وقال : الكتابة فيما بين المتبايعين ، وإن لم تكن واجبة ، فقد تجب على الكاتب إذا أتوه ، كما أن الصلاة النافلة ، وإن لم تكن واجبة على فاعلها ، فقد يجب على العالم تبيينها إذا أتاه مستفت .
ومعنى : بينكم ، أي : بين صاحب الدين والمستدين ، والبائع والمشتري ، والمقرض والمستقرض ، والتثنية تقتضي أن لا ينفرد أحد المتعاملين ؛ لأنه يتهم في الكتابة ، فإذا كانت واقعة بينهما كان كل واحد منهما مطلعا على ما سطره الكاتب .
[ ص: 342 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ )
تَدَايَنَ : تَفَاعَلَ مِنَ الدَّيْنِ ، يُقَالُ : دَايَنْتُ الرَّجُلَ عَامَلْتُهُ بِدَيْنٍ مُعْطِيًا أَوْ آخِذًا ، كَمَا تَقُولُ : بَايَعْتُهُ إِذَا بِعْتَهُ أَوْ بَاعَكَ قَالَ
رُؤْبَةُ :
دَايَنْتُ أَرَوَى وَالدُّيُونُ تُقْضَى فَمَطَلَتْ بَعْضًا وَأَدَّتْ بَعْضًا
وَيُقَالُ : دِنْتُ الرَّجُلَ إِذَا بِعْتَهُ بَدَيْنٍ ، وَادَّنْتُ أَنَا أَيْ : أَخَذْتُ بِدَيْنٍ .
أَمْلَ وَأَمْلَى لُغَتَانِ : الْأُولَى
لِأَهْلِ الْحِجَازِ وَبَنِي أَسَدٍ ، وَالثَّانِيَةُ
لِتَمِيمٍ ، يُقَالُ : أَمْلَيْتُ وَأَمْلَلْتُ عَلَى الرَّجُلِ أَيْ : أَلْقَيْتُ عَلَيْهِ مَا يَكْتُبُهُ ، وَأَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الْإِعَادَةُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى ، قَالَ الشَّاعِرُ :
أَلَا يَا دِيَارَ الْحَيِّ بِالسَّبُعَانِ أَمَلَّ عَلَيْهَا بِالْبِلَى الْمَلَوَانِ
وَقِيلَ : الْأَصْلُ أَمْلَلْتُ ، أَبْدَلَ مِنَ اللَّامِ يَاءً لِأَنَّهَا أَخَفُّ .
الْبَخْسُ : النَّقْصُ ، يُقَالُ مِنْهُ : بَخَسَ يَبْخَسُ ، وَيُقَالُ : بِالصَّادِّ ، وَالْبَخْسُ : إِصَابَةُ الْعَيْنِ ، وَمِنْهُ : اسْتُعِيرَ بَخْسُ حَقِّهِ ، كَقَوْلِهِمْ : عَوَّرَ حَقَّهُ ، وَتَبَاخَسُوا فِي الْبَيْعِ تَغَابَنُوا ، كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَبْخَسُ صَاحِبَهُ عَنْ مَا يُرِيدُهُ مِنْهُ بِاحْتِيَالِهِ . السَّأَمُ وَالسَّآمَةُ : الْمَلَلُ مِنَ الشَّيْءِ وَالضَّجَرُ مِنْهُ ، يُقَالُ مِنْهُ : سَئِمَ يَسْأَمُ .
الصَّغِيرُ : اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ صَغُرَ يَصْغُرُ ، وَمَعْنَاهُ قِلَّةُ الْجُرْمِ ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْمَعَانِي أَيْضًا . الْقِسْطُ : بِكَسْرِ الْقَافِ : الْعَدْلُ ، يُقَالُ مِنْهُ : أَقْسَطَ الرَّجُلُ أَيْ : عَدَلَ ، وَبِفَتْحِ الْقَافِ : الْجَوْرُ ، وَيُقَالُ مِنْهُ : قَسَطَ الرَّجُلُ أَيْ : جَارَ ، وَالْقِسْطُ بِالْكَسْرِ أَيْضًا : النَّصِيبُ . الرَّهْنُ : مَا دُفِعَ إِلَى الدَّائِنِ عَلَى اسْتِيثَاقِ دَيْنِهِ ، وَيُقَالُ : رَهَنَ يَرْهَنُ رَهْنًا ، ثُمَّ أُطْلِقَ الْمَصْدَرُ عَلَى الْمَرْهُونِ ، وَيُقَالُ : رَهَنَ الشَّيْءَ دَامَ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
اللَّحْمُ وَالْخُبْزُ لَهُمْ رَاهِنٌ وَقَهْوَةٌ رَاوُوقُهَا سَاكِبُ
وَأَرْهَنُ لَهُمُ الشَّرَابَ : دَامَ ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ : وَرَهَنَهُ ، أَيْ : أَدَامَهُ ، وَيُقَالُ : أَرْهَنَ فِي السِّلْعَةِ إِذَا غَالَى بِهَا حَتَّى أَخَذَهَا بِكَثِيرِ الثَّمَنِ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
يَطْوِي ابْنُ سَلْمَى بِهَا مِنْ رَاكِبٍ بَعْرًا عِيدِيَّةٌ أُرْهِنَتْ فِيهَا الدَّنَانِيرُ
الْعِيدُ : بَطْنٌ مِنْ مَهْرٍ ، وَإِبِلٌ مَهَرَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِالنَّجَابَةِ ، وَيُقَالُ ، مِنَ الرَّهْنِ الَّذِي هُوَ مِنَ التَّوْثِقَةِ : أَرْهَنَ إِرْهَانًا ، قَالَ
هَمَّامُ بْنُ مُرَّةَ :
فَلَمَّا خَشِيتُ أَظَافِيرَهُمْ نَجَوْتُ وَأَرْهَنْتُهُمْ مَالِكَا
[ ص: 343 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجُ : يُقَالُ فِي الرَّهْنِ رَهَنْتُ وَأَرْهَنْتُ ، وَقَالَ
الْأَعْشَى :
حَتَّى يُفِيدَكَ مِنْ بَنِيهِ رَهِينَةً نَعْشٌ وَيَرْهَنُكَ السِّمَاكُ الْفَرْقَدَا
وَتَقُولُ : رَهَنْتُ لِسَانِي بِكَذَا ، وَلَا يُقَالُ فِيهِ : أَرْهَنْتُ ، وَلَمَّا أُطْلِقَ الرَّهْنُ عَلَى الْمَرْهُونِ صَارَ اسْمًا ، فَكُسِرَ تَكْسِيرَ الْأَسْمَاءِ وَانْتَصَبَ بِفِعْلِهِ نَصْبَ الْمَفَاعِيلِ ، فَرَهَنْتُ رَهْنًا كَرَهَنْتُ ثَوْبًا . الْإِصْرُ : الْأَمْرُ الْغَلِيظُ الصَّعْبُ ، وَالْآصِرَةُ فِي اللُّغَةِ : الْأَمْرُ الرَّابِطُ مِنْ ذِمَامٍ أَوْ قَرَابَةٍ ، أَوْ عَهْدٍ ، وَنَحْوُهُ ، وَالْإِصَارُ : الْحَبْلُ الَّذِي تُرْبَطُ بِهِ الْأَحْمَالُ وَنَحْوُهَا ، يُقَالُ : أَصَرَ يَأْصِرُ أَصْرًا ، وَالْإِصْرُ ، بِكَسْرٍ الْهَمْزَةِ ، الِاسْمُ مِنْ ذَلِكَ ، وَرَوِيَ الْأُصْرُ بِضَمِّهَا وَقَدْ قُرِئَ بِهِ ، قَالَ الشَّاعِرُ :
يَا مَانِعَ الضَّيْمِ أَنْ يَغْشَى سَرَاتَهُمْ وَالْحَامِلَ الْإِصْرَ عَنْهُمْ بَعْدَمَا عَرِقُوا
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282nindex.php?page=treesubj&link=28973يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : نَزَلَتْ فِي السَّلَمِ خَاصَّةً ، يَعْنَى : أَنَّ سَلَمَ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَانَ السَّبَبَ ، ثُمَّ هِيَ تَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الدُّيُونِ بِالْإِجْمَاعِ . وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ بِالنَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَبِتَرْكِ الرِّبَا ، وَكِلَاهُمَا يَحْصُلُ بِهِ تَنْقِيصُ الْمَالِ ، نَبَّهَ عَلَى طَرِيقٍ حَلَالٍ فِي تَنْمِيَةِ الْمَالِ وَزِيَادَتِهِ ، وَأَكَّدَ فِي كَيْفِيَّةِ حِفْظِهِ ، وَبَسَطَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَأَمَرَ فِيهَا بِعِدَّةِ أَوَامِرَ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ .
وَذَكَرَ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282بِدَيْنٍ ) لِيَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَاكْتُبُوهُ ) وَإِنْ كَانَ مَفْهُومًا مِنْ : تَدَايَنْتُمْ ، أَوْ لِإِزَالَةِ اشْتِرَاكِ تَدَايَنَ ، فَإِنَّهُ يُقَالُ : تُدَايِنُوا ، أَيْ : جَازَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، فَلَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282بِدَيْنٍ ) دَلَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى ، أَوْ لِلتَّأْكِيدِ ، أَوْ لِيَدُلَّ عَلَى أَيِّ دَيْنٍ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا ، وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ مِنْ سَلَمٍ أَوْ بَيْعٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) لَيْسَ هَذَا الْوَصْفُ احْتِرَازًا مِنْ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَكُونُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، بَلْ
nindex.php?page=treesubj&link=5559لَا يَقَعُ الدَّيْنُ إِلَّا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَأَمَّا الْآجَالُ الْمَجْهُولَةُ فَلَا يَجُوزُ ، وَالْمُرَادُ بِالْمُسَمَّى الْمُوَقَّتُ الْمَعْلُومُ ، نَحْوُ : التَّوْقِيتُ بِالسَّنَةِ وَالْأَشْهُرِ وَالْأَيَّامِ ، وَلَوْ قَالَ : إِلَى الْحَصَادِ ، أَوْ إِلَى الدِّيَاسِ ، أَوْ رُجُوعِ الْحَاجِّ ، لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ ، وَإِلَى أَجَلٍ ، مُتَعَلِّقٌ : بِتَدَايَنْتُمْ ، أَوْ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282بِدَيْنٍ ) فَيَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَاكْتُبُوهُ ) أَمَرَ تَعَالَى بِكِتَابَتِهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَوْثَقُ وَآمَنُ مِنَ النِّسْيَانِ ، وَأَبْعَدُ مِنَ الْجُحُودِ ، وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ ، مِنْهُمُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ ، وَأَهَّلُ الظَّاهِرِ ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ : هُوَ أَمْرُ نَدْبٍ يُحْفَظُ بِهِ الْمَالُ ، وَتُزَالُ بِهِ الرِّيبَةَ ، وَفِي ذَلِكَ حَثٌّ عَلَى الِاعْتِرَافِ بِهِ وَحِفْظِهِ ، فَإِنَّ الْكِتَابَ خَلِيفَةُ اللِّسَانِ ، وَاللِّسَانَ خَلِيفَةُ الْقَلْبِ .
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ،
وَابْنِ زَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ) نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَاكْتُبُوهُ ) وَقَالَ
الرَّبِيعُ وَجَبَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282فَاكْتُبُوهُ ) ثُمَّ خُفِّفَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283فَإِنْ أَمِنَ ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ) وَهَذَا الْأَمْرُ قِيلَ : عَلَى الْوُجُوبِ عَلَى الْكِفَايَةِ كَالْجِهَادِ ، قَالَ
عَطَاءٌ وَغَيْرُهُ : يَجِبُ عَلَى الْكَاتِبِ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ ، أَيْضًا : إِذَا لَمْ يُوجَدْ كَاتِبٌ سِوَاهُ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : هُوَ وَاجِبٌ مَعَ الْفَرَاغِ ، وَاخْتَارَ
الرَّاغِبُ أَنَّ الصَّحِيحَ كَوْنُ الْكِتَابَةِ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ ، وَقَالَ : الْكِتَابَةُ فِيمَا بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً ، فَقَدْ تَجِبُ عَلَى الْكَاتَبِ إِذَا أَتَوْهُ ، كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ النَّافِلَةَ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَى فَاعِلِهَا ، فَقَدْ يَجِبُ عَلَى الْعَالِمِ تَبْيِينُهَا إِذَا أَتَاهُ مُسْتَفْتٍ .
وَمَعْنَى : بَيْنَكُمْ ، أَيْ : بَيْنَ صَاحِبِ الدَّيْنِ وَالْمُسْتَدِينِ ، وَالْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي ، وَالْمُقْرِضِ وَالْمُسْتَقْرِضِ ، وَالتَّثْنِيَةُ تَقْتَضِي أَنْ لَا يَنْفَرِدَ أَحَدُ الْمُتَعَامِلِينَ ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي الْكِتَابَةِ ، فَإِذَا كَانَتْ وَاقِعَةً بَيْنَهُمَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطَّلِعًا عَلَى مَا سَطَرَهُ الْكَاتِبُ .