الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الرجل يكون له على الرجل الطعام إلى أجل فيأخذ منه به كفيلا فيصالحه الكفيل قبل الأجل أو بعده على أدنى أو أقل أو أجود قلت : أرأيت لو أن لي على رجل طعاما إلى أجل ، من سلم أو قرض أخذت منه كفيلا ، فلما حل الأجل أعطاني الكفيل بعض طعامي ، على أن تركت له بعضا ، أو قبل أن يحل الأجل أعطاني بعض الطعام ، على أن تركت له بعض الطعام ، قال : لا يصلح ذلك إذا لم يحل الأجل ; لأنه يدخله ضع عني وتعجل . فأما إذا حل الأجل فلا بأس بذلك ، ولا يرجع الكفيل على الذي عليه الحق إلا بما أدى إلى الطالب ; لأن مالكا قال في الذي عليه الحق : لو أخذ بعض حقه منه على أن ترك له ما بقي قبل الأجل لم يجز هذا ; لأنه وضع وتعجل ، فإذا حل الأجل فلا بأس به فكذلك الكفيل عندي مثل الذي عليه الأصل قلت : أرأيت الكفيل إذا صالح الذي له الحق على حنطة ، مثل كيل حنطته قبل أن يحل الأجل ، إلا أنها أجود من شرط الطالب أو أدنى من شرطه ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يجوز ذلك ; لأن مالكا قال : لا يجوز أن يصالح الذي عليه الحق الطالب قبل الأجل ، على حنطة مثل كيل حنطته إذا كانت أجود من حنطته أو أدنى .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن حل الأجل ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا خير في ذلك إذا حل الأجل ، أن يصالحه الكفيل على مثل كيل حنطته أو أجود إذا كانت من صنفها أو أدنى منها ، إذا كانت التي عليه سمراء كلها أو محمولة كلها ، وإن أخذ أيضا أجود من حنطته وأدنى من كيلها ، فلا خير فيه وإن كانت من صنف واحد وإذا أخذ مثل كيل طعامه ، فلا خير في أن يأخذ أجود إذا كانت من الصنف أو أدنى منه فلا بأس أن يصالح الطالب - إذا حل الأجل - الذي عليه الحق على مثل كيل حنطته أجود منه أو أدنى . والكفيل إذا صالح بأجود أو أدنى ، صار يتبع بغير ما أعطى فصار في التسليف بيع الطعام قبل استيفائه ، والذي عليه الأصل ليس كذلك ; لأن ذلك يصير بدلا وتبرأ ذمته . وإذا أعطى الكفيل غير ما تحمل به ، كان الذي عليه الدين بالخيار إن شاء أعطاه مثل ما أعطى الكفيل وإن شاء أعطاه مثل ما كان عليه فصار بيع الطعام قبل الاستيفاء . ولا بأس على الكفيل أن يعطي أجود أو أدنى من الصنف في القرض ، مثل المكيلة إذا حل الأجل . وإن لم يحل الأجل فلا خير في أن يعطي القرض أجود أو أدنى .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية