الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
اتخذ

" افعل " و " فعلت " منه تخذت
قال تعالى : ، ( لو شئت لاتخذت عليه أجرا ) [ ص: 143 ] ( الكهف : 77 ) قال الفارسي : ولا أعلم " تخذت " يتعدى إلا إلى واحد . وقيل : أصل " اتخذت " " تخذت " ، فأما " اتخذت " فعلى ثلاثة أضرب .

- ( أحدها ) : ما يتعدى فيه إلى مفعول واحد كقوله تعالى : ( ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا ) ( الفرقان : 27 ) . ( أم اتخذ مما يخلق بنات ) ( الزخرف : 16 ) . ( واتخذوا من دونه آلهة ) ( الفرقان : 3 ) ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا ) ( الأنبياء : 17 ) . ( كمثل العنكبوت اتخذت بيتا ) ( العنكبوت : 41 ) .

- ( والثاني ) : ما يتعدى لمفعولين ، والثاني منهما الأول في المعنى . وهما إما مذكوران كقوله تعالى : ( اتخذوا أيمانهم جنة ) ( المنافقون : 2 ) . وقال : ( لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ) ( الممتحنة : 1 ) . ( فاتخذتموهم سخريا ) ( المؤمنون : 110 ) .

وإما مع حذف الأول كقوله : ( فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة ) ( الأحقاف : 28 ) فمفعول " اتخذوا " الأول الضمير المحذوف الراجع إلى الذين ، والثاني " آلهة " و " قربانا " نصب على الحال . قال الكواشي : ولو نصب " قربانا " مفعولا ثانيا ، و " آلهة " بدلا منه فسد المعنى .

وإما مع حذف الثاني كقوله : ( اتخذتم العجل ) ( البقرة : 51 ) . ( باتخاذكم العجل ) ( البقرة : 54 ) . ( اتخذوه وكانوا ظالمين ) ( الأعراف : 148 ) . ( واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا ) ( الأعراف : 148 ) تقديره في الجميع : اتخذوه آلهة ، لأن نفس اقتناء العجل لا يلحقه الوعيد الشديد ، فيتعين تقدير آلهة . فإن قيل : فقد جاء تعذيب الصورتين هنا ، ونحن لا نمنعه هنا ، إنما المرتب على الاتخاذ قدرا زائدا .

- ( الثالث ) : ما يجوز فيه الأمران كقوله تعالى : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) ( البقرة : 125 ) . فإن جوزنا زيادة " من " في الإيجاب كان من المتعدي لاثنين ، [ ص: 144 ] وإن منعنا كان لواحد . ونظيره " جعلت " قال : ( وجعل الظلمات والنور ) ( الأنعام : 1 ) أي خلقهما . فإذا تعدى لمفعولين كان الثاني الأول في المعنى ، كقوله تعالى : ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) ( يونس : 87 ) ( وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ) ( القصص : 41 ) ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا ) ( السجدة : 24 )

التالي السابق


الخدمات العلمية