الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " من حلف بالله أو باسم من أسماء الله فحنث ، فعليه الكفارة " .

                                                                                                                                            [ ص: 255 ] قال الماوردي : اعلم أن الأيمان معقودة بمن عظمت حرمته ، ولزمت طاعته وإطلاق هذا مختص بالله تعالى ، فاقتضى أن يكون اليمين مختصة بالله جلت عظمته ، وله أسماء وصفات .

                                                                                                                                            فأما أسماؤه فأخصها به قولنا : الله ؛ لأن أحدا لم يتسم به ، وقد قيل : إنه اسمه الأعظم ، وهذا أحد التأويلين في قوله تعالى : هل تعلم له سميا [ مريم : 65 ] . أي : من يتسمى باسمه الذي هو : الله ؟ .

                                                                                                                                            والتأويل الثاني فيه : هل تعلم له شبيها ؟ .

                                                                                                                                            واختلفوا في هذا الاسم ، هل هو علم لذاته ، أو اسم مشتق من صفاته على قولين : أحدهما : أنه اسم علم لذاته غير مشتق من صفاته ؛ لأن أسماء الصفات تكون تابعة لأسماء الذات ، فلم يجد بدا من اختصاصه باسم ذات يكون علما ، لتكون أسماء الصفات تبعا ، وهذا قول الخليل والفضل .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أنه اسم مشتق من " أله " صار بناء اشتقاقه عند حذف همزه ، وتفخيم لفظه : الله ، فالحالف بهذا الاسم حالف بيمين منعقدة لا يرجع فيها إلى إرادة الحالف به ، وسواء قيل : إنه اسم علم لذاته ، أو مشتق من صفاته ؛ لأنه لا ينطلق على غيره .

                                                                                                                                            وفي معنى الحلف بهذا الاسم أن تقول : والذي خلقني ، أو والذي صورني ، فتنعقد به يمينه ؛ لأن الذي خلقه وصوره هو الله ، فصار كقوله : والله ، ولا يكون هذه يمينا باسم مكنى ؛ لأنه صريح لا يحتمل غيره .

                                                                                                                                            وهكذا لو قال : والذي أصلي له ، أو أصوم له ، أو أزكي له ، أو أحج له ، انعقدت يمينه كقوله : والله ؛ لأن صلاته وصيامه وزكاته وحجه لله لا لغيره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية