الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          مقدمة

          قدمت هـذا الفصل في ثلاثة مباحث على النحو التالي:

          المبحث الأول: بين علم الفقه، وعلم الاقتصاد الإسلامي

          والسبب الذي جعلني أقدم هـذا الموضوع ضمن الأصول النظرية، التي يقوم عليها الاقتصاد الإسلامي، فهما وبحثا وتدريسا، ما أعتقده من أن الاقتصاد الإسلامي هـو ترتيب تال، وتفريع على علم الفقه. وأضيف إلى هـذا السبب أمرا آخر، هـو أن بعض اللبس أو الغموض قد يكون بشأنه ما يبدو أحيانا، من أن موضوع علم الفقه (الاقتصادي والمالي ) ، وموضوع علم الاقتصاد الإسلامي أمر واحد. وليس هـذا ما أراه.

          حاولت في بحث هـذا الموضوع، بعد أن عرضت فكرته الرئيسة إعطاء أمثلة بينت بها أن لعلم الاقتصاد الإسلامي موضوعه، كما أن لعلم الفقه موضوعه. ثم ذهبت إلى كتب التراث باحثا عن هـذا المعنى مؤكدا له. [ ص: 21 ]

          المبحث الثاني: الثبات والتطور، وطبيعتهما في علم الفقه، وعلم الاقتصاد الإسلامي، وعلم الاقتصاد (الوضعي) :إن الثبات والتطور مسألة دقيقة بين علم الفقه، وعلم الاقتصاد الإسلامي، كما أنها مسألة مثارة بين علم الاقتصاد الإسلامي، وعلم الاقتصاد الوضعي. إن أحكام الفقه لها خاصية الثبات، وهذا لا يصادر أن الفقه يسع ما يستجد من معاملات، والظاهرة الاقتصادية التي هـي موضوع علم الاقتصاد (الإسلامي ) يعتقد أنها متغيرة، وعلم الفقه وعلم الاقتصاد الإسلامي في وعاء واحد فكيف يمكن الجمع بين الثبات والتطور؟

          ثم إن الثبات والتطور مسألة مثارة أيضا بين علم الاقتصاد الإسلامي، وعلم الاقتصاد الوضعي. الاقتصاد الوضعي يخضع لقاعدة الإلغاء والإحلال المستمرين، ويعتقد أن هـذا يخدم التقدم في هـذا العلم، كما يخدم تقدم الواقع الاقتصادي.

          وباعتبار أن الاقتصاد الإسلامي مؤسس على أحكام الإسلام التي يعتقد أن لها خاصية الثبات أمام هـذا، يتوقف بعضهم عند القول بعلم الاقتصاد الإسلامي.

          هذه القضية بشقيها: الثبات والتطور بين علم الفقه، وعلم الاقتصاد الإسلامي، والثبات والتطور بين علم الاقتصاد الإسلامي، وعلم الاقتصاد الوضعي خصصت لها المبحث الثاني في القسم الأول.

          المبحث الثالث: الاقتصاد الإسلامي بديل للاقتصاد الوضعي

          عندما ندعو إلى الاقتصاد الإسلامي، فإن هـذا يجيء في عالم له اقتصاده، لهذا فالاقتصاد الإسلامي يطرح بديلا عن الاقتصاد الوضعي.

          وهذا الطرح البديلي يثير موضوعات ومشكلات كثيرة، وقد اخترت منها ثلاثة موضوعات معتبرا إياها تدخل في الأصول النظرية التي يقوم عليها فهم الاقتصاد الإسلامي.

          الموضوع الأول:

          هو بمثابة قضية ضد الاقتصاد الوضعي. إن الاقتصاد الوضعي على النحو الذي يدرس به الآن هـو في حقيقة الأمر فكر الإنسان [ ص: 22 ] الأوروبي وتاريخه. وقد ناقشت هـذه الفكرة شارحا لها، ثم انطلاقا منها بينت مشروعية أن يكون للمسلمين الحق في بيان وتعليم فكرهم الاقتصادي وتاريخه.

          الموضوع الثاني:

          بعض قضايا الأساس بين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد الوضعي. الاقتصاد الوضعي له أسسه وفروضه، التي يدرس انطلاقا منها، وعندما نقول بالاقتصاد الإسلامي، فمن المشكلات التي تواجهنا أن العقلية الاقتصادية التي تتعامل معها إعطاء أو تلقيا، قد توجد فيها بعض آثار لهذه الأسس، لذلك بحثت هـذا الموضوع، وقد ناقشت الأسس التالية:

          مصدر المعرفة، والعلاقات والقوانين في الاقتصاد، والفردية والجماعية، والإعمار، والتبادل، ولا أدعي مناقشة كل أسس وفروض الاقتصاد الوضعي، كما لا أدعي أن ما ذكرته فيه تفصيل، وإنما ما فعلته هـو إثارة الاهتمام بهذا الموضوع كله عند بحث الاقتصاد الإسلامي، مع إعطاء فكرة عن بعض هـذه الأسس.

          الموضوع الثالث:

          أسس الاقتصاد الوضعي ليست مقبولة من كل الأمم: الاقتصاد الوضعي يعرض وكأنه مقبول من كل الأمم، وهذا اللبس يجيء حتى من المتخصصين. لذلك ناقشت هـذا المعنى مثبتا أن الأمر ليس على هـذا النحو، ولهذا الموضوع أهمية إلى الحد الذي ناقشته ضمن الأصول النظرية التي يقوم عليها الاقتصاد الإسلامي. [ ص: 23 ]

          التالي السابق


          الخدمات العلمية