الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

تطوير التعليم الشرعي (حاجة أم ضرورة)

الدكتور / محمد بن عبد الله الدويش

1- واقع المطالبين بالتطوير:

الدعوات إلى تطوير التعليم الشرعي صدرت في الغالب من عناصر غير مرحب بها لدى المهتمين بالتعليم الشرعي.

- فمنها ما يأتي من قبل فئة لا صلة لهم بالعلم الشرعي، وهؤلاء في الأغلب من الإعلاميين، الذين يتحدث كثير منهم فيما يحسن وما لا يحسن.

- ومنها ما يأتي استجابة لأوضاع وأحداث ومواقف وضغوط دولية، وهذا النوع من المطالبة يرسم فيه أصحابه رؤيتهم للتطوير بما يحقق مصالح أعداء الأمة، ولا يتجه الأمر إلى التطوير الفعلي، بل إلى تنقية محتوى التعليم الشرعي، أو إعادة صياغة بعض مضامينه وفق مرجعية غير شرعية.

- ومنها ما يكون برعاية مباشرة، وإملاء من الخارج لتحقيق أهداف أعداء الأمة.

- ومنها ما يأتي بحسن نية، لكن أصحابه قد ينقصهم الاعتدال في الرأي والتعبير، فضلا عن أن مشروعاتهم للتطوير تتأثر هي الأخرى بردة الفعل فيجانبها الاعتدال.

إن هذا الواقع السلبي للمطالبين بالتطوير قاد إلى موقف رفض من قبل كثير من المهتمين بشأن التعليم الشرعي، بل قاد إلى التوجس من كل دعوة وصوت يدعو إلى التطوير، ولا شك أن التخوف له ما يبرره لكن ليس الرفض وإغلاق باب النقاش هو بالضرورة الخيار الصحيح. [ ص: 35 ]

ويحدثنا الطاهر ابن عاشور عن جانب من هذا التخوف فيقول: "وهي -إحدى خطط التطوير- كما يرى الناظر صالحة لسير التعليم، ولكن كسيت كساء سوء الظن، فتلقاها شيوخ جامع الزيتونة بسوء الظن، وتخيلوا أنها شرك نصب ليبطل به تعليم العلوم الإسلامية، وليجعل تعليم جامع الزيتونة على ما يهواه، فصمموا على معارضته بتاتا بكل قواهم، وتلك عادة عرفوا بها، أنهم لا يجعلون مباحثتهم في التفاصيل والكيفيات، بل يغلقون باب المباحثة ويقاومون كل طلب للإصلاح ولو كان صوابا، وهذه طريقة الحذر إنما من قلة غوص الأفهام في المساعي". (أليس الصبح بقريب، ص126).

إن من يطالبون بالتطوير السلبي يتمثلون في فئتين:

فئة تعادي الدين وأهله، وهؤلاء لهم شأن آخر، وفئة تنطلق بحسن نية، ورغبة في الإصلاح، وهؤلاء منهم من هو مستقيم المنهج والاعتقاد، ومنهم من لا يسلم من غبش وخلل فكري ومنهجي.

وتبدو في مقولات هؤلاء عبارات حادة وجافة، أو تطرف ومبالغة في الحكم على الواقع وتقويمه، أو يخونهم التمثيل فيمثلون بما قد يكون محل اختلاف، وللأسف فإننا في حالات عديدة ننشغل بالألفاظ والعبارات، وننهمك في التدقيق فيها، ونهمل الفكرة العامة، وكثيرا ما يمثل التجاوز في التعبير حاجزا لنا عن التأمل في أفكار تستحق ذلك.

وبإمكاننا أن نفصل بين الفكرة وتفاصيل الحديث عنها، وبين الحكم على الأشخاص والإفادة من أفكارهم أو جزء منها. [ ص: 36 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية