الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
2- ضعف التقويم:

عدم الرضا عن الواقع هو نقطة البداية في أي مطالبة بالتغيير، وهو لن يتأتى إلا من خلال التقويم العلمي للواقع، وها هنا يبدو سؤال مهم: هل ثمة تقويم علمي لواقع التعليم الشرعي؟

إن نفي التقويم بإطلاق لا يخـلو من مبالغة، لكن الأغلب أن ما يوجد لا يعدو أن يكون حوارات ونقاشات تثار في مجالس طلاب العلم، وهذه الحوارات والنقاشات يغلب عليها العصف الذهني غير المنظم، وهو يتأثر بنوعية المشاركين في الحديث واتجاهاتهم.

أو تكون رؤى شخصية يتحدث عنها محاضر، أو يدونها كاتب، وتلك الرؤى مهما بذل فيها من الجهد والوقت والتفكير فلن ترقى لأن يعتمد عليها في فهم الواقع ما لم تقم على أسس وأدوات موضوعية.

وأرقى من ذلك ما يتم في المجالس العلمية والأكاديمية، وكثير منه يفتقر إلى الدراسة الموضوعية العلمية الشاملة.

لقد أجريت العديد من الدراسات العلمية حول التعليم الشرعي في مدارس التعليم العام، وكثير من هذه الدراسات دلت نتائجها على ثغرات وخلل في مناهج التعليم الشرعي وعملياته، وأداء المعلمين وتأهيلهم.

أما الكليات الشرعية، وبرامج الدراسات العليا، فالجهد العلمي في تقويمها محدود جدا ولا يتلاءم مع أهمية هذا المجال.

وأقل من ذلك كله حلق التعليم الشرعي ودروسه في المساجد. [ ص: 37 ]

إن الحاجة ملحة لإجراء دراسات تقويمية علمية لواقع التعليم الشرعي النظامي والتطوعي تتناول المجالات الآتية:

- مخرجات التعليم الشرعي.

- المناهج وطرق التدريس.

- المعلمين وأعضاء هيئة التدريس.

- الكفاية الداخلية والخارجية.

- البيئة والأنظمة التعليمية.

والتقويـم العلمي الموضـوعي يمنحنا صورة أكثر واقعية عن واقع التعليم الشرعي، ويقلل من مساحة الرؤى الشخصية المتأثرة بأصحابها، وطرق تفكيرهم وذاتيتـهم، كما أنه يجلي لنا بوضوح جوانب التميز وجوانب القصور.

وأخيرا، فإنه يسهم في إقناع المتحفظين والمترددين تجاه عملية التطوير.

والتقويم الفاعل يتطلب قدرا عاليا من الموضوعية والتجرد عن الذاتية، ويتطلب حيادية وتخلصا من الخلفيات السابقة.

وقد نخفق في تقويم بعض أعمالنا ومشروعاتنا نتيجة عدم التجرد، وعدم الفصل بين الواقع وما نحبه ونريده، ونتيجة الربط غير المنطقي بين قيمة الشيء في ذاته وبين واقعه؛ فكون الشيء ذا قيمة عالية لا يلزم منه أن يكون واقعه إيجابيا. [ ص: 38 ]

بإمكاننا أن نقوم واقع تعليمنا الشرعي، وعملنا الدعوي، أو أداء أهل العلم لأدوارهم، وأن نكون موضوعيين وصرحاء؛ فنصف الواقع كما هو دون تزويق أو تحسين، ولا يلزم من ذلك نشر النتائج بأي طريقة أو وسيلة؛ فمعرفة واقعنا ضرورة، أما شكل التعبير عنه فتحكمه المصالح، ومراعاة تحديث الناس بما يعقلون.

التالي السابق


الخدمات العلمية