الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

تطوير التعليم الشرعي (حاجة أم ضرورة)

الدكتور / محمد بن عبد الله الدويش

ومن أهم مظاهر الاعتناء بالمنهجية ما يلي:

- تحرير منهجية طلب العلم وتأصيلها وفق أدوات ووسـائل علمية؛ إذ كثير مما يقال حول المنهجية في طلب العلم هو آراء فردية، والآراء الفردية مهما بلغت قيمتها لا يمكن أن تتحول إلى معيار في قضية جوهرية تمثل منهجية للتعلم والتفقه.

- تقويم واقع التعليم الشرعي النظامي والتطوعي وفق الأسس المنهجية التي تم بناؤها، واكتشاف جوانب القوة وجوانب الضعف.

- تقديم برامج تسهم في بناء المنهجية وتأصيلها لدى طلاب العلم الشرعي.

ومع التأييد لضرورة العناية بالمنهجية في طلب العلم، والنقد للأساليب المتخبطة، التي تضيع الأوقات والأعمار دون بناء علمي منهجي، إلا أن ثمة قضايا تطرح باسم المنهجية بحاجة إلى مزيد مناقشة ومراجعة وتأمل، خاصة أن الحديث المفصل عن تلك القضايا ليس منطلقا من نصوص شرعية [ ص: 101 ] صريحة، إنمـا هـو نتاج تجربة بشرية قد تكون متميزة لكنها لا ترقى لدرجة العصمة.

ومن ذلك تحويل الوسائل إلى غايات: فالعلم مطلب شرعي وضرورة ملحة، لكن الطرق التي تؤدي إلى تحصيله -ما لم يكن منصوصا عليها بنص شرعي- ليست بالضرورة قضايا مسلمة في كل عصر وزمان ومكان، وليست معايير صارمة يوصف من تجاوزها بالخلل المنهجي.

ومن يتأمل المسيرة العلمية على مدى تاريخ الأمة يرى أنها لم تتوقف عند وسيلة محـددة، فكان العلم يتلقى شفاها ويحفظ في الصدور، والكتابة لم تكن أصلا إنما هي استثناء، ثم انتشرت الكتابة، والتأليف، والتخصص فيه، والمتون، والشروح.. إلخ.

وكان العلم يتلقى في المساجد، ثم بدأت المدارس بالظهور وازداد انتشارها حتى صار لها مستويات وشروط وأنظمة محددة.

وهكذا عرفت الأمة ألوانا من التطور والتغير في أساليب الطلب والتعلم، ولم تكن الأساليب يوما ما حكرا على أسلوب أو طريقة محددة.

وحين تبقى الوسيلة دون منزلة الغاية، فإن عرف أهل بلد أو قطر وطريقتهم في التعلم ولو سادت وورثتها الأجيال ليست هي المقياس والمعيار للتعلم، وليست هي المنطلق الوحيد للمنهجية، فالعلم أكبر من أن تحصره تجربة محدودة بحدود الزمان والمكان. [ ص: 102 ]

واليوم، ونحن نعيش متغيرات عدة في هذا العصر تتمثل في انتشار مستوى التعليم وتدني الأمية، مما اختصر خطوات عدة على المتعلمين، هل نحن بحاجة إلى أن نبدأ بجميع المتعلمين من الصفر؟ أو نلقنهم ما حفظوه في مراحل التعليم الأساسي؟ أم نبدأ من مرحلة تليق بمستوى المتعلمين؟

ومن الإشكالات السائدة التي تمارس باسم المنهجية أن يدرس طلاب قد تخرجوا من كليات شرعية كتبا أعدت للصغار، أو للعامة، وهم قد درسوا أمهات الكتب، وتعاملوا مع عدد من المراجع الشرعية التراثية والمعاصرة.

والعصر الذي نعيشه عصر انفجار معرفي هائل، جعل من أسس التفكير الصحيح في قضايا العصر والتعامل معها إدراك قـدر من العـلوم والمعارف لم تكن ضرورية في وقت مضى، وأتاحت الوسائل الحديثة المعاصرة أساليب في البحث وحفظ المعلومات واسترجاعها، وطرقا للطباعة، والاتصال السمعي والبصري الذي يتجاوز حدود المكان القريب ويحول العالم إلى قرية واحدة، وهو عصر يفرض على الأمة تحديات حضارية جسام، إن هي أرادت أن يكون لها موطئ قدم في التاريخ المعاصر، فضلا عن أن تكون رائدة وسباقة وقائدة.

ولا بد مع هذا الواقع المتغير من إعـادة إثارة سؤال المنهجية، والنظر لها بصورة أوسع، دون أن تحصر في ترتيب محدد للكتب التي يتم تدريسها. [ ص: 103 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية