[ ص: 281 ] الصنف الرابع في
ويشتمل على مقدمة ومسألتين : تخصيص العموم
أما المقدمة ففي بيان معنى التخصيص ، وما يجوز تخصيصه ، وما لا يجوز .
أما التخصيص فقد قال أبو الحسين البصري : هو إخراج بعض ما تناوله الخطاب عنه ، وذلك مما لا يمكن حمله على ظاهره على كل مذهب .
أما على مذهب أرباب الخصوص ؛ فلأن الخطاب عندهم منزل على أقل ما يحتمله اللفظ ، فلا يتصور إخراج شيء منه .
وأما على مذهب أرباب الاشتراك فمن جهة أن لا يكون إخراجا لبعض ما تناوله الخطاب عنه ، بل غايته استعمال اللفظ في بعض محامله دون البعض . العمل باللفظ المشترك في بعض محامله
وأما على مذهب أرباب الوقف فظاهر ، إذ اللفظ عندهم موقوف لا يعلم كونه للخصوص أو للعموم ، وهو صالح لاستعماله في كل واحد منهما .
فإن قام الدليل على أنه أريد به العموم وجب حمله عليه وامتنع إخراج شيء منه .
وإن قام الدليل على أنه للخصوص لم يكن اللفظ إذ ذاك دليلا على العموم ، ولا متناولا له فلا يتحقق بالحمل على الخاص إخراج بعض ما تناوله اللفظ على بعض محامله الصالح لها .
وأما على مذهب أرباب العموم فغايته أن اللفظ عندهم حقيقة في الاستغراق ومجاز في الخصوص .
وعلى هذا ، فإن لم يقم الدليل على مخالفة الحقيقة وجب إجراء اللفظ على جميع محامله من غير إخراج شيء منها .
وإن قام الدليل على مخالفة الحقيقة وامتناع العمل باللفظ في الاستغراق ، وجب صرفه إلى محمله المجازي ، وهو الخصوص .
وعند حمل اللفظ على المجاز لا يكون اللفظ متناولا للحقيقة ، وهي الاستغراق ، فلا تحقق لإخراج بعض ما تناوله الخطاب عنه إذ هو حالة كونه مستعملا في المجاز لا يكون مستعملا في الحقيقة .
وعلى هذا فإطلاق القول بتخصيص العام ، وأن هذا عام مخصص لا يكون حقيقة .
[ ص: 282 ] وإذا عرف ذلك ، فالتخصيص على ما يناسب مذهب أرباب العموم هو تعريف أن المراد باللفظ الموضوع للعموم حقيقة ، إنما هو الخصوص وعلى ما يناسب مذهب أرباب الاشتراك تعريف أن المراد باللفظ الصالح للعموم والخصوص إنما هو الخصوص .
والمعرف لذلك بأي طريق كان يسمى مخصصا ، واللفظ المصروف عن جهة العموم إلى الخصوص مخصصا [1] .
وإذا عرف معنى تخصيص العموم فاعلم أن كل خطاب لا يتصور فيه معنى الشمول . كقوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بردة : " تجزئك ولا تجزئ أحدا بعدك " فلا يتصور تخصيصه ؛ لأن التخصيص على ما عرف صرف اللفظ عن جهة العموم إلى جهة الخصوص ، وما لا عموم له لا يتصور فيه هذا الصرف .
وأما ما يتصور فيه الشمول والعموم فيتصور فيه التخصيص ، وسواء كان خطابا أو لم يكن خطابا كالعلة الشاملة لإمكان صرفه عن جهة عمومه إلى جهة خصوصه .
هذا إتمام المقدمة .