وفي حديث آخر : " " . أي : لا يستقر تأويلها حتى تعبر . يريد أنها سريعة السقوط إذا عبرت . كما أن الطير لا يستقر في أكثر أحواله ، فكيف يكون ما على رجله ؟ * وفي حديث الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر أبي ذر : " تركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما طائر يطير بجناحيه إلا عندنا منه علم " . يعني أنه استوفى بيان الشريعة وما يحتاج إليه في الدين ، حتى لم يبق مشكل . فضرب ذلك مثلا . وقيل : أراد أنه لم يترك شيئا إلا بينه حتى بين لهم أحكام الطير وما يحل منه وما يحرم ، وكيف يذبح ، وما الذي يفدي منه المحرم إذا أصابه ، وأشباه ذلك ، ولم يرد أن في الطير علما سوى ذلك علمهم إياه ، أو رخص لهم أن يتعاطوا زجر الطير كما كان يفعله أهل الجاهلية .
* وفي حديث أبي بكر والنسابة : " فمنكم شيبة الحمد مطعم طير السماء ؟ قال : لا " . شيبة الحمد : هو عبد المطلب بن هاشم ، سمي مطعم طير السماء ، لأنه لما نحر فداء ابنه عبد الله أبي النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة بعير ، فرقها على رءوس الجبال فأكلتها الطير .
( هـ ) وفي صفة الصحابة : " " . وصفهم بالسكون والوقار ، وأنهم لم يكن فيهم طيش ولا خفة ; لأن الطير لا تكاد تقع إلا على شيء ساكن . كأنما على رءوسهم الطير
[ ص: 151 ] * وفيه : . أي : يجريه في الجهاد . فاستعار له الطيران . رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه
ومنه حديث وابصة : " فلما قتل عثمان طار قلبي مطاره " . أي : مال إلى جهة يهواها وتعلق بها . والمطار : موضع الطيران .
( س ) ومنه حديث عائشة : " أنها سمعت من يقول : إن الشؤم في الدار والمرأة ، فطارت شقة منها في السماء وشقة في الأرض " . أي : كأنها تفرقت وتقطعت قطعا ، من شدة الغضب .
( س ) ومنه حديث عروة : " حتى تطايرت شؤون رأسه " . أي : تفرقت فصارت قطعا .
( س ) ومنه الحديث : " " . أي : طال وتفرق . خذ ما تطاير من شعر رأسك
* وفي حديث أم العلاء الأنصارية : " عثمان بن مظعون " . أي : حصل نصيبنا منهم عثمان . اقتسمنا المهاجرين فطار لنا
( س ) ومنه رويفع : " إن كان أحدنا في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليطير له النصل وللآخر القدح " . معناه : أن الرجلين كانا يقتسمان السهم فيقع لأحدهما نصله وللآخر قدحه . وطائر الإنسان : ما حصل له في علم الله مما قدر له . حديث
( هـ ) ومنه الحديث : " بالميمون طائره " . أي : بالمبارك حظه . ويجوز أن يكون أصله من الطير السانح والبارح .
وفي حديث السحور والصلاة ذكر : " " هو الذي انتشر ضوءه واعترض في الأفق ، بخلاف المستطيل . الفجر المستطير
ومنه حديث بني قريظة :
وهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير
أي : منتشر متفرق ، كأنه طار في نواحيها .( س ) : " فقدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة ، فقلنا : اغتيل [ ص: 152 ] أو استطير " . ابن مسعود أي : ذهب به بسرعة كأن الطير حملته ، أو اغتاله أحد . والاستطارة والتطاير : التفرق والذهاب . ومنه حديث
( هـ ) وفي حديث علي : " فأطرت الحلة بين نسائي " . أي : فرقتها بينهن وقسمتها فيهن . وقيل الهمزة أصلية . وقد تقدم .
( س ) وفيه : . الطيرة - بكسر الطاء وفتح الياء ، وقد تسكن - : هي التشاؤم بالشيء . وهو مصدر تطير . يقال : تطير طيرة ، وتخير خيرة ، ولم يجئ من المصادر هكذا غيرهما . وأصله فيما يقال : التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وغيرهما . وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم ، فنفاه الشرع ، وأبطله ونهى عنه ، وأخبر أنه ليس له تأثير في جلب نفع أو دفع ضر . وقد تكرر ذكرها في الحديث اسما وفعلا . لا عدوى ولا طيرة
* ومنه الحديث : " ثلاث لا يسلم أحد منهن : الطيرة والحسد والظن . قيل : فما نصنع ؟ قال : إذا تطيرت فامض ، وإذا حسدت فلا تبغ ، وإذا ظننت فلا تحقق " .
* ومنه الحديث الآخر : . هكذا جاء في الحديث مقطوعا . ولم يذكر المستثنى . أي : إلا وقد يعتريه التطير وتسبق إلى قلبه الكراهة . فحذف اختصارا واعتمادا على فهم السامع . الطيرة شرك ، وما منا إلا ، ولكن الله يذهبه بالتوكل
وهذا كحديثه الآخر : " يحيى بن زكريا " فأظهر المستثنى . ما فينا إلا من هم أو لم ، إلا
وقيل إن قوله : " وما منا إلا " من قول أدرجه في الحديث ، وإنما جعل الطيرة من الشرك ; لأنهم كانوا يعتقدون أن التطير يجلب لهم نفعا أو يدفع عنهم ضرا إذا عملوا بموجبه ، فكأنهم أشركوه مع الله في ذلك . ابن مسعود
وقوله : . معناه أنه إذا خطر له عارض التطير فتوكل على الله وسلم إليه ولم يعمل بذلك الخاطر غفره الله له ولم يؤاخذه به . ولكن الله يذهبه بالتوكل
( هـ ) وفيه : " إياك وطيرات الشباب " . أي : زلاتهم وغراتهم ، جمع طيرة .