الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( عرض ) ( هـ ) فيه كل المسلم على المسلم حرام ; دمه وماله وعرضه العرض . [ ص: 209 ] موضع المدح والذم من الإنسان ، سواء كان في نفسه أو في سلفه ، أو من يلزمه أمره .

                                                          وقيل : هو جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه ، ويحامي عنه أن ينتقص ويثلب . وقال ابن قتيبة : عرض الرجل : نفسه وبدنه لا غير .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه أي احتاط لنفسه ، لا يجوز فيه معنى الآباء والأسلاف .

                                                          ( س ) ومنه حديث أبي ضمضم " اللهم إني تصدقت بعرضي على عبادك " أي تصدقت بعرضي على من ذكرني بما يرجع إلي عيبه .

                                                          ومنه شعر حسان :

                                                          فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء

                                                          .

                                                          فهذا خاص للنفس

                                                          ( هـ ) ومنه حديث أبي الدرداء " أقرض من عرضك ليوم فقرك " أي من عابك وذمك فلا تجاره ، واجعله قرضا في ذمته لتستوفيه منه يوم حاجتك في القيامة .

                                                          ( هـ ) وفيه " لي الواجد يحل عقوبته وعرضه " أي لصاحب الدين أن يذمه ويصفه بسوء القضاء .

                                                          ( هـ ) وفيه " إن أعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا " هي جمع العرض المذكور أولا على اختلاف القول فيه .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث صفة أهل الجنة " إنما هو عرق يجري من أعراضهم مثل المسك " أي من معاطف أبدانهم ، وهي المواضع التي تعرق من الجسد .

                                                          * ومنه حديث أم سلمة لعائشة " غض الأطراف وخفر الأعراض " أي إنهن للخفر والصون يتسترن . ويروى بكسر الهمزة : أي يعرضن عما كره لهن أن ينظرن إليه ولا يلتفتن نحوه .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث عمر للحطيئة " فاندفعت تغني بأعراض المسلمين " أي تغني بذمهم وذم أسلافهم في شعرك .

                                                          [ ص: 210 ] * وفيه " عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط " العرض بالضم : الجانب والناحية من كل شيء .

                                                          * ومنه الحديث " فإذا عرض وجهه منسح " أي جانبه .

                                                          [ هـ ] والحديث الآخر " فقدمت إليه الشراب فإذا هو ينش فقال : اضرب به عرض الحائط " .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث ابن مسعود " اذهب بها فاخلطها ثم ائتنا بها من عرضها " أي من جانبها .

                                                          [ هـ ] ومنه حديث ابن الحنفية " كل الجبن عرضا " أي اشتره ممن وجدته ولا تسأل عمن عمله من مسلم أو غيره " مأخوذ من عرض الشيء ، وهو ناحيته .

                                                          * ومنه حديث الحج " فأتى جمرة الوادي فاستعرضها " أي أتاها من جانبها عرضا .

                                                          ( هـ ) وفي حديث عمر " سأل عمرو بن معد يكرب عن علة بن جلد فقال : أولئك فوارس أعراضنا ، وشفاء أمراضنا " الأعراض : جمع عرض ، وهو الناحية : أي يحمون نواحينا وجهاتنا عن تخطف العدو ، أو جمع عرض ، وهو الجيش ، أو جمع عرض : أي يصونون ببلائهم أعراضنا أن تذم وتعاب .

                                                          ( هـ ) وفيه أنه قال لعدي بن حاتم : إن وسادك لعريض وفي رواية إنك لعريض القفا كنى بالوساد عن النوم ; لأن النائم يتوسد : أي إن نومك لطويل كثير .

                                                          وقيل : كنى بالوساد عن موضع الوساد من رأسه وعنقه ، ويشهد له الرواية الثانية ; فإن عرض القفا كناية عن السمن .

                                                          وقيل : أراد من أكل مع الصبح في صومه أصبح عريض القفا ; لأن الصوم لا يؤثر فيه .

                                                          ( هـ ) وفي حديث أحد " قال للمنهزمين : لقد ذهبتم فيها عريضة " أي واسعة .

                                                          [ ص: 211 ] ( هـ ) ومنه الحديث " لئن أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة " أي جئت بالخطبة قصيرة ، وبالمسألة واسعة كثيرة .

                                                          ( هـ ) وفيه " لكم الوظيفة الفريضة ، ولكم العارض " العارض : المريضة . وقيل : هي التي أصابها كسر ، يقال : عرضت الناقة إذا أصابها آفة أو كسر : أي إنا لا نأخذ ذات العيب فنضر بالصدقة . يقال بنو فلان أكالون للعوارض ، إذا لم ينحروا إلا ما عرض له مرض أو كسر ، خوفا أن يموت فلا ينتفعون به ، والعرب تعير بأكله .

                                                          * ومنه حديث قتادة في ماشية اليتيم " تصب من رسلها وعوارضها " .

                                                          * ومنه الحديث " أنه بعث بدنة مع رجل ، فقال : إن عرض لها فانحرها " أي إن أصابها مرض أو كسر .

                                                          ( س ) وحديث خديجة " أخاف أن يكون عرض له " أي عرض له الجن ، أو أصابه منهم مس .

                                                          ( س ) وحديث عبد الرحمن بن الزبير وزوجته " فاعترض عنها " أي أصابه عارض من مرض أو غيره منعه عن إتيانها .

                                                          ( س ) وفيه " لا جلب ولا جنب ولا اعتراض " هو أن يعترض رجل بفرسه في السباق فيدخل مع الخيل .

                                                          ( س ) ومنه حديث سراقة " أنه عرض لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر الفرس " أي اعترض له الطريق يمنعهما من المسير .

                                                          ( س ) ومنه حديث أبي سعيد " كنت مع خليلي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة ، إذا رجل يقرب فرسا في عراض القوم " أي يسير حذاءهم معارضا لهم .

                                                          ( س ) ومنه حديث الحسن بن علي " أنه ذكر عمر فأخذ الحسين في عراض كلامه " أي في مثل قوله ومقابله .

                                                          ( س ) ومنه الحديث " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عارض جنازة أبي طالب " أي أتاها معترضا من بعض الطريق ولم يتبعه من منزله .

                                                          [ ص: 212 ] * ومنه الحديث " إن جبريل - عليه السلام - كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة ، وأنه عارضه العام مرتين " أي كان يدارسه جميع ما نزل من القرآن ، من المعارضة : المقابلة .

                                                          * ومنه " عارضت الكتاب بالكتاب " أي قابلته به .

                                                          ( هـ ) وفيه " إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب " المعاريض : جمع معراض ، من التعريض ، وهو خلاف التصريح من القول . يقال : عرفت ذلك في معراض كلامه ومعرض كلامه ; بحذف الألف ، أخرجه أبو عبيد وغيره من حديث عمران بن حصين وهو حديث مرفوع .

                                                          * ومنه حديث عمر " أما في المعاريض ما يغني المسلم عن الكذب ؟ " .

                                                          * ومنه حديث ابن عباس " ما أحب بمعاريض الكلام حمر النعم " .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث " من عرض عرضنا له - أي من عرض بالقذف عرضنا له بتأديب لا يبلغ الحد - ومن صرح بالقذف حددناه " .

                                                          ( س ) وفيه " من سعادة المرء خفة عارضيه " العارض من اللحية : ما ينبت على عرض اللحي فوق الذقن .

                                                          وقيل : عارضا الإنسان : صفحتا خديه . وخفتهما كناية عن كثرة الذكر لله تعالى وحركتهما به . كذا قال الخطابي . وقال [ قال ] ابن السكيت : فلان خفيف الشفة إذا كان قليل السؤال للناس .

                                                          وقيل : أراد بخفة العارضين خفة اللحية ، وما أراه مناسبا .

                                                          ( هـ ) وفيه " أنه بعث أم سليم لتنظر امرأة ، فقال : شمي عوارضها " العوارض : الأسنان التي في عرض الفم ، وهي ما بين الثنايا والأضراس ، واحدها عارض ، أمرها بذلك لتبور به نكهتها .

                                                          * وفي قصيد كعب : [ ص: 213 ] *

                                                          تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت

                                                          *يعني تكشف عن أسنانها .

                                                          ( هـ ) وفي حديث عمر وذكر سياسته فقال : " وأضرب العروض " وهو بالفتح مثل الإبل الذي يأخذ يمينا وشمالا ولا يلزم المحجة . يقول : أضربه حتى يعود إلى الطريق . جعله مثلا لحسن سياسته للأمة .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث ذي البجادين يخاطب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم :

                                                          تعرضي مدارجا وسومي     تعرض الجوزاء للنجوم

                                                          أي خذي يمنة ويسرة ، وتنكبي الثنايا الغلاظ . وشبهها بالجوزاء لأنها تمر معترضة في السماء ، لأنها غير مستقيمة الكواكب في الصورة .

                                                          * ومنه قصيد كعب : *

                                                          مدخوسة قذفت بالنحض عن عرض

                                                          *أي أنها تعترض في مرتعها .

                                                          * وفي حديث قوم عاد " قالوا : هذا عارض ممطرنا " العارض : السحاب الذي يعترض في أفق السماء .

                                                          ( س ) وفي حديث أبي هريرة " فأخذ في عروض آخر " أي في طريق آخر من الكلام . والعروض : طريق في عرض الجبل ، والمكان الذي يعارضك إذا سرت .

                                                          [ ص: 214 ] ( س ) ومنه حديث عاشوراء " فأمر أن يؤذنوا أهل العروض " أراد من بأكناف مكة والمدينة . يقال لمكة والمدينة واليمن : العروض ، ويقال للرساتيق بأرض الحجاز : الأعراض ، واحدها : عرض ، بالكسر .

                                                          * وفي حديث أبي سفيان " أنه خرج من مكة حتى بلغ العريض " هو بضم العين مصغر واد بالمدينة به أموال لأهلها .

                                                          * ومنه الحديث الآخر " ساق خليجا من العريض " .

                                                          ( س ) وفيه " ثلاث فيهن البركة ، منهن البيع إلى أجل ، والمعارضة " أي بيع العرض بالعرض ، وهو بالسكون : المتاع بالمتاع لا نقد فيه . يقال : أخذت هذه السلعة عرضا إذا أعطيت في مقابلتها سلعة أخرى .

                                                          ( هـ ) وفيه " ليس الغنى عن كثرة العرض ، إنما الغنى غنى النفس " العرض بالتحريك : متاع الدنيا وحطامها .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث الدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر وقد تكرر في الحديث .

                                                          ( هـ ) وفي كتابه لأقوال شبوة " ما كان لهم من ملك وعرمان ومزاهر وعرضان " العرضان : جمع العريض ، وهو الذي أتى عليه من المعز سنة ، وتناول الشجر والنبت بعرض شدقه ، وهو عند أهل الحجاز خاصة الخصي منها ، ويجوز أن يكون جمع العرض ، وهو الوادي الكثير الشجر والنخل .

                                                          ومنه حديث سليمان - عليه السلام - " أنه حكم في صاحب الغنم أنه يأكل من رسلها وعرضانها " .

                                                          ( س ) ومنه الحديث " فتلقته امرأة معها عريضان أهدتهما له " ويقال لواحدها : عروض أيضا ، ولا يكون إلا ذكرا .

                                                          [ ص: 215 ] ( هـ ) وفي حديث عدي " إني أرمي بالمعراض فيخزق " المعراض بالكسر : سهم بلا ريش ولا نصل ، وإنما يصيب بعرضه دون حده . [ هـ ] وفيه خمروا آنيتكم ولو بعود تعرضونه عليه أي تضعونه عليه بالعرض .

                                                          ( س ) وفي حديث حذيفة " تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير " أي توضع عليها وتبسط كما يبسط الحصير . وقيل : هو من عرض الجند بين يدي السلطان لإظهارهم واختبار أحوالهم .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث عمر عن أسيفع جهينة " فادان معرضا " يريد بالمعرض المعترض : أي اعترض لكل من يقرضه . يقال : عرض لي الشيء ، وأعرض ، وتعرض ، واعترض بمعنى . وقيل : أراد أنه إذا قيل له : لا تستدن ، فلا يقبل ، من أعرض عن الشيء إذا ولاه ظهره . وقيل : أراد معرضا عن الأداء .

                                                          ( هـ ) وفيه " أن ركبا من تجار المسلمين عرضوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر ثيابا بيضا " أي أهدوا لهما . يقال : عرضت الرجل إذا أهديت له . ومنه العراضة ، وهي هدية القادم من سفره .

                                                          [ هـ ] ومنه حديث معاذ " وقالت له امرأته ، وقد رجع من عمله : أين ما جئت به مما يأتي به العمال من عراضة أهلهم ؟ " .

                                                          وفي حديث أبي بكر وأضيافه " قد عرضوا فأبوا " هو بتخفيف الراء على ما لم يسم فاعله ، ومعناه : أطعموا وقدم لهم الطعام .

                                                          ( هـ ) وفيه " فاستعرضهم الخوارج " أي قتلوهم من أي وجه أمكنهم ولا يبالون من قتلوا .

                                                          ( س ) ومنه حديث الحسن " أنه كان لا يتأثم من قتل الحروري المستعرض " هو الذي يعترض الناس يقتلهم .

                                                          ( س ) وفي حديث عمر " تدعون أمير المؤمنين وهو معرض لكم " هكذا روي [ ص: 216 ] بالفتح . قال الحربي : الصواب بالكسر . يقال : أعرض الشيء يعرض من بعيد إذا ظهر : أي تدعونه وهو ظاهر لكم ! ( س ) ومنه حديث عثمان بن أبي العاص " أنه رأى رجلا فيه اعتراض " هو الظهور والدخول في الباطل والامتناع من الحق . واعترض فلان الشيء تكلفه .

                                                          ( س ) وفي حديث عمرو بن الأهتم " قال للزبرقان إنه شديد العارضة " أي شديد الناحية ذو جلد وصرامة .

                                                          ( س ) وفيه " أنه رفع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عارض اليمامة " هو موضع معروف .

                                                          وفي قصيد كعب : *

                                                          عرضتها طامس الأعلام مجهول

                                                          *هو من قولهم : بعير عرضة للسفر : أي قوي عليه . وجعلته عرضة لكذا : أي نصبته له .

                                                          ( هـ ) وفيه " أن الحجاج كان على العرض وعنده ابن عمر " كذا روي بالضم . قال الحربي : أظنه أراد العروض جمع العرض ، وهو الجيش .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية