( غنا ) في أسماء الله تعالى " الغني " هو الذي لا يحتاج إلى أحد في شيء ، وكل أحد يحتاج إليه ، وهذا هو الغني المطلق ، ولا يشارك الله تعالى فيه غيره .
* ومن أسمائه " المغني " وهو الذي يغني من يشاء من عباده .
( هـ ) وفيه " خير الصدقة ما أبقت غنى " وفي رواية " ما كان عن ظهر غنى " أي [ ص: 391 ] ما فضل عن قوت العيال وكفايتهم ، فإذا أعطيتها غيرك أبقت بعدها لك ولهم غنى ، وكانت عن استغناء منك ومنهم عنها .
وقيل : خير الصدقة ما أغنيت به من أعطيته عن المسألة .
* وفي حديث الخيل " رجل ربطها تغنيا وتعففا " أي استغناء بها عن الطلب من الناس .
( هـ س ) وفي حديث القرآن " من لم يتغن بالقرآن فليس منا " أي لم يستغن به عن غيره . يقال : تغنيت ، وتغانيت ، واستغنيت .
وقيل : أراد من لم يجهر بالقراءة فليس منا . وقد جاء مفسرا .
( هـ س ) في حديث آخر " ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن يجهر به " قيل إن قوله : " يجهر به " تفسير لقوله : " يتغنى به " .
وقال الشافعي : معناه تحسين القراءة وترقيقها ، ويشهد له الحديث الآخر " زينوا القرآن بأصواتكم " وكل من رفع صوته ووالاه فصوته عند العرب غناء .
قال ابن الأعرابي : كانت العرب تتغنى بالركباني إذا ركبت وإذا جلست في الأفنية . وعلى أكثر أحوالها ، فلما نزل القرآن أحب النبي أن تكون هجيراهم بالقرآن مكان التغني بالركباني .
وأول من قرأ بالألحان عبيد الله بن أبي بكرة ، فورثه عنه عبيد الله بن عمر ، ولذلك يقال : قراءة العمري . وأخذ ذلك عنه سعيد العلاف الإباضي .
( هـ ) وفي حديث الجمعة " من استغنى بلهو أو تجارة استغنى الله عنه والله غني حميد " أي اطرحه الله ورمى به من عينه ، فعل من استغنى عن الشيء فلم يلتفت إليه .
وقيل : جزاه جزاء استغنائه عنها ، كقوله تعالى : نسوا الله فنسيهم .
[ ص: 392 ] ( س ) وفي حديث عائشة وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث أي تنشدان الأشعار التي قيلت يوم بعاث ، وهو حرب كانت بين الأنصار ، ولم ترد الغناء المعروف بين أهل اللهو واللعب . وقد رخص عمر في غناء الأعراب ، وهو صوت كالحداء .
* وفي حديث عمر " أن غلاما لأناس فقراء قطع أذن غلام لأغنياء ، فأتى أهله النبي فلم يجعل عليه شيئا " . قال الخطابي : كان الغلام الجاني حرا ، وكانت جنايته خطأ ، وكانت عاقلته فقراء فلا شيء عليهم لفقرهم .
ويشبه أن يكون الغلام المجني عليه حرا أيضا ، لأنه لو كان عبدا لم يكن لاعتذار أهل الجاني بالفقر معنى ; لأن العاقلة لا تحمل عبدا ، كما لا تحمل عمدا ولا اعترافا . فأما المملوك إذا جنى على عبد أو حر فجنايته في رقبته . وللفقهاء في استيفائها منه خلاف .
( هـ ) وفي حديث عثمان " أن عليا بعث إليه بصحيفة فقال للرسول : أغنها عنا " أي اصرفها وكفها كقوله تعالى : لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه أي يكفه ويكفيه . يقال : أغن عني شرك : أي اصرفه وكفه . ومنه قوله تعالى : لن يغنوا عنك من الله شيئا .
* ومنه حديث ابن مسعود " وأنا لا أغني لو كانت لي منعة " أي لو كان معي من يمنعني لكفيت شرهم وصرفتهم .
[ هـ ] * وفي حديث علي " ورجل سماه الناس عالما ولم يغن في العلم يوما سالما " أي لم يلبث في العلم يوما تاما ، من قولك : غنيت بالمكان أغنى : إذا أقمت به .


