( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) .
قوله تعالى : ( أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا ) .
اعلم أنهم اختلفوا في الضمير في قوله : ( لهم ) على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه عائد على ( من ) في قوله : ( من يتخذ من دون الله أندادا ) [ البقرة : 165 ] وهم مشركو العرب ، وقد سبق ذكرهم .
وثانيها : يعود على ( الناس ) في قوله : ( أيها الناس ) فعدل عن المخاطبة إلى المغايبة على طريق الالتفات مبالغة في بيان ضلالهم ، كأنه يقول للعقلاء : انظروا إلى هؤلاء الحمقى ماذا يقولون .
وثالثها : قال : نزلت في ابن عباس اليهود ، وذلك حين ، فهم كانوا خيرا منا ، وأعلم منا ، فعلى هذا الآية مستأنفة ، والكناية في ( لهم ) تعود إلى غير مذكور ، إلا أن الضمير قد يعود على المعلوم ، كما يعود على المذكور ، ثم حكى الله تعالى عنهم أنهم قالوا : ( دعاهم رسول الله إلى الإسلام ، فقالوا : نتبع ما وجدنا عليه آباءنا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : الكسائي يدغم لام " هل " و " بل " في ثمانية أحرف : التاء كقوله : ( بل تؤثرون ) [ الأعلى : 16 ] والنون ( بل نتبع ) والثاء ( هل ثوب ) [ المطففين : 36 ] والسين ( بل سولت ) [ يوسف : 18 ] والزاي ( بل زين ) [ الرعد : 33 ] والضاد ( بل ضلوا ) [ الأحقاف : 28 ] والظاء ( بل ظننتم ) والطاء ( بل طبع ) [ النساء : 155 ] وأكثر القراء على الإظهار ، ومنهم من يوافقه في البعض ، والإظهار هو الأصل .
المسألة الثانية : ( ألفينا ) بمعنى وجدنا ، بدليل قوله تعالى في آية أخرى : ( بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ) [ لقمان : 21 ] ويدل عليه أيضا قوله تعالى : ( وألفيا سيدها لدى الباب ) [ يوسف : 25 ] وقوله : ( إنهم ألفوا ) [ ص: 7 ] ( آباءهم ضالين ) [ الصافات : 69 ] .