الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : المرض عبارة عن عدم اختصاص جميع أعضاء الحي بالحالة المقتضية لصدور أفعاله سليمة سلامة تليق به ، واختلفوا في المرض المبيح للفطر على ثلاثة أقوال :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أن أي مريض كان ، وأي مسافر كان ، فله أن يترخص تنزيلا للفظه المطلق على أقل أحواله ، وهذا قول الحسن وابن سيرين ، يروى أنهم دخلوا على ابن سيرين في رمضان وهو يأكل ، فاعتل بوجع أصبعه .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : أن هذه الرخصة مختصة بالمريض الذي لو صام لوقع في مشقة وجهد ، وبالمسافر الذي يكون كذلك ، وهذا قول الأصم ، وحاصله تنزيل اللفظ المطلق على أكمل الأحوال .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : وهو قول أكثر الفقهاء : أن المرض المبيح للفطر هو الذي يؤدي إلى ضرر النفس أو زيادة في العلة ، إذ لا فرق في الفعل بين ما يخاف منه وبين ما يؤدي إلى ما يخاف منه كالمحموم إذا خاف أنه لو صام تشتد حماه ، وصاحب وجع العين يخاف إن صام أن يشتد وجع عينه ، قالوا : وكيف يمكن أن يقال : كل مرض مرخص مع علمنا أن في الأمراض ما ينقصه الصوم ، [ ص: 64 ] فالمراد إذن منه ما يؤثر الصوم في تقويته ، ثم تأثيره في الأمر اليسير لا عبرة به ؛ لأن ذلك قد يحصل فيمن ليس بمريض أيضا ، فإذن يجب في تأثيره ما ذكرناه .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية