الفصل الثاني
في تحريم الدم ، وفيه مسألتان
المسألة الأولى : رضي الله عنه حرم جميع الشافعي . وقال الدماء سواء كان مسفوحا أو غير مسفوح : أبو حنيفة ليس بمحرم . أما دم السمك فإنه تمسك بظاهر هذه الآية ، وهو قوله : ( الشافعي إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ) وهذا دم فوجب أن يحرم ، تمسك بقوله تعالى : ( وأبو حنيفة قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا ) [ الأنعام : 145 ] فصرح بأنه لم يجد شيئا من المحرمات إلا هذه الأمور ، فالدم الذي لا يكون مسفوحا وجب أن لا يكون محرما بمقتضى هذه الآية . فإذن هذه الآية خاصة ، وقوله : ( حرمت عليكم الميتة والدم ) عام ، والخاص مقدم على العام ، أجاب رضي الله عنه بأن قوله : ( الشافعي قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما ) ليس فيه دلالة على تحليل غير هذه الأشياء المذكورة في هذه الآية ، بل على أنه تعالى ما بين له إلا تحريم هذه الأشياء ، وهذا لا ينافي أن يبين له بعد ذلك تحريم ما عداها ، فلعل قوله تعالى : ( إنما حرم عليكم الميتة ) نزلت بعد ذلك ، فكان ذلك بيانا لتحريم الدم سواء كان مسفوحا أو غير مسفوح ، إذا ثبت هذا وجب الحكم بحرمة جميع الدماء ونجاستها فتجب إزالة الدم عن اللحم ما أمكن ، وكذا في السمك ، وأي فإنه ينجس ذلك المورود . دم وقع في الماء والثوب
المسألة الثانية : اختلفوا في قوله عليه الصلاة والسلام : " الطحال والكبد أحلت لنا ميتتان ودمان " هل يطلق اسم الدم عليهما فيكون استثناء صحيحا أم لا ؟ فمنهم من منع ذلك ؛ لأن الكبد يجري مجرى اللحم ، وكذا الطحال ، وإنما يوصفان بذلك تشبيها . ومنهم من يقول : هو كالدم الجامد ، ويستدل عليه بالحديث .