الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) فالمراد منه أن فرض الصوم في الأيام المعدودات إنما يلزم الأصحاء المقيمين فأما من كان مريضا أو مسافرا فله تأخير الصوم عن هذه الأيام إلى أيام أخر ، قال القفال رحمه الله : انظروا إلى عجيب ما نبه الله عليه من سعة فضله ورحمته في هذا التكليف ، وأنه تعالى بين في أول الآية أن لهذه الأمة في هذا التكليف أسوة بالأمة المتقدمة ، والغرض منه ما ذكرنا أن الأمور الشاقة إذا عمت خفت .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم ثانيا : بين وجه الحكمة في إيجاب الصوم ، وهو أنه سبب لحصول التقوى ، فلو لم يفرض الصوم لفات هذا المقصود الشريف .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم ثالثا : بين أنه مختص بأيام معدودة ، فإنه لو جعله أبدا أو في أكثر الأوقات لحصلت المشقة العظيمة .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم بين رابعا : أنه خصه من الأوقات بالشهر الذي أنزل فيه القرآن لكونه أشرف الشهور بسبب هذه الفضيلة .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم بين خامسا : إزالة المشقة في إلزامه فأباح تأخيره لمن شق عليه من المسافرين والمرضى إلى أن يصيروا إلى الرفاهية والسكون ، فهو سبحانه راعى في إيجاب الصوم هذه الوجوه من الرحمة فله الحمد على نعمه كثيرا ، إذا عرفت هذا فنقول : في الآية مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : قوله تعالى : ( فمن كان منكم مريضا ) إلى قوله : ( أخر ) فيه معنى الشرط والجزاء أي من يكن منكم مريضا أو مسافرا فأفطر فليقض ، وإذا قدرت فيه معنى الشرط كان المراد بقوله " كان " الاستقبال لا الماضي ، كما تقول : من أتاني أتيته .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية