أما قوله تعالى : ( ولتكملوا العدة ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ أبو بكر عن عاصم " ولتكملوا العدة " بتشديد الميم والباقون بالتخفيف ، وهما لغتان : أكملت وكملت .
المسألة الثانية : لقائل أن يقول : ولتكملوا العدة ) على ماذا علق ؟ (
جوابنا : أجمعوا على أن الفعل المعلل محذوف ، ثم فيه وجهان :
أحدهما : ما قاله الفراء وهو أن التقدير : ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون ، فعل جملة ما ذكر وهو الأمر بصوم العدة ، وتعليم كيفية القضاء ، ، وذلك لأنه تعالى لما ذكر هذه الأمور الثلاثة ذكر عقيبها ألفاظا ثلاثة ، فقوله : ( والرخصة في إباحة الفطر ولتكملوا العدة ) علة للأمر بمراعاة العدة ( ولتكبروا ) علة ما علمتم من كيفية القضاء ( ولعلكم تشكرون ) علة الترخص والتسهيل ، ونظير ما ذكرنا من حذف الفعل المنبه ما قبله عليه قوله تعالى : ( وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين ) [ الأنعام : 75 ] أي أريناه .
الوجه الثاني : ما قاله الزجاج ، وهو أن المراد به أن الذي تقدم من التكليف على المقيم صحيح ، والرخصة للمريض والمسافر إنما هو إكمال العدة ؛ لأنه مع الطاقة يسهل عليه إكمال العدة ، ومع الرخصة في المرض والسفر يسهل إكمال العدة بالقضاء فلا يكون عسرا ، فبين تعالى أنه كلف الكل على وجه لا يكون إكمال العدة عسيرا ، بل يكون سهلا يسيرا ، والفرق بين الوجهين أن في الأول إضمارا وقع بعد قوله : ( ولتكملوا العدة ) ، وفي الثاني قبله .
المسألة الثالثة : إنما ولتكملوا العدة ) ولم يقل : ولتكملوا الشهر ، لأنه لما قال : ولتكملوا العدة دخل تحته عدة أيام الشهر وأيام القضاء لتقدم ذكرهما جميعا ؛ ولذلك يجب أن يكون عدد القضاء مثلا لعدد المقضي ، ولو قال تعالى : ولتكملوا الشهر لدل ذلك على حكم الأداء فقط ولم يدخل حكم القضاء . قال : (