من الأحكام المذكورة في هذه السورة : حكم الأموال
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون )
[ ص: 100 ] اعلم أنهم مثلوا قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188ولا تأكلوا أموالكم بينكم ) بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11ولا تلمزوا أنفسكم ) [ الحجرات : 11 ] وهذا مخالف لها ، لأن أكله لمال نفسه بالباطل يصح كما يصح أكله مال غيره ، قال الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=14847أبو حامد الغزالي في كتاب الإحياء :
nindex.php?page=treesubj&link=18582_18590المال إنما يحرم لمعنى في عينه أو لحال في جهة اكتسابه .
والقسم الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=18582الحرام لصفة في عينه .
واعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=18583_18584_18587الأموال إما أن تكون من المعادن أو من النبات ، أو من الحيوانات ، أما
nindex.php?page=treesubj&link=18583المعادن وهي أجزاء الأرض فلا يحرم شيء منه إلا من حيث يضر بالأكل ، وهو ما يجري مجرى السم ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=18584_18585النبات فلا يحرم منه إلا ما يزيل الحياة والصحة أو العقل ، فمزيل الحياة السموم ، ومزيل الصحة الأدوية في غير وقتها ، ومزيل العقل الخمر والبنج وسائر المسكرات .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=18588_18589الحيوانات فتنقسم إلى ما يؤكل وإلى ما لا يؤكل ، وما يحل إنما يحل إذا ذبح ذبحا شرعيا ثم إذا ذبحت فلا تحل بجميع أجزائها ، بل يحرم منها الفرث والدم ، وكل ذلك مذكور في كتب الفقه .
القسم الثاني : ما يحرم لخلل من جهة إثبات اليد عليه ، فنقول : أخذ المال إما أن يكون باختيار المتملك ، أو بغير اختياره كالإرث ، والذي باختياره إما أن يكون مأخوذا من غير المالك كأخذ المعادن ، وإما أن يكون مأخوذا من مالك ، وذلك إما أن يؤخذ قهرا أو بالتراضي ، والمأخوذ قهرا إما أن يؤخذ لسقوط عصمة الملك كالغنائم ، أو لاستحقاق الأخذ كزكوات الممتنعين والنفقات الواجبة عليهم ، والمأخوذ تراضيا إما أن يؤخذ بعوض كالبيع والصداق والأجرة ، وإما أن يؤخذ بغير عوض كالهبة والوصية فيحصل من هذا التقسيم أقسام ستة :
الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=18593ما يؤخذ من غير مالك كنيل المعادن ، وإحياء الموت ، والاصطياد ، والاحتطاب ، والاستقاء من الأنهار ، والاحتشاش ، فهذا حلال بشرط أن لا يكون المأخوذ مختصا بذي حرمة من الآدميين .
الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=18595المأخوذ قهرا ممن لا حرمة له ، وهو الفيء ، والغنيمة ، وسائر أموال الكفار المحاربين ، وذلك حلال للمسلمين إذا أخرجوا منه الخمس ، وقسموه بين المستحقين بالعدل ، ولم يأخذوه من كافر له حرمة وأمان وعهد .
والثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=18596ما يؤخذ قهرا باستحقاق عند امتناع من عليه فيؤخذ دون رضاه ، وذلك حلال إذا تم سبب الاستحقاق ، وتم وصف المستحق واقتصر على القدر المستحق .
الرابع :
nindex.php?page=treesubj&link=18599ما يؤخذ تراضيا بمعاوضة وذلك حلال إذا روعي شرط العوضين وشرط العاقدين وشرط اللفظين ؛ أعني الإيجاب والقبول مما يعتد الشرع به من اجتناب الشرط المفسد .
الخامس :
nindex.php?page=treesubj&link=18600ما يؤخذ بالرضا من غير عوض كما في الهبة والوصية والصدقة إذا روعي شرط المعقود عليه ، وشرط العاقدين ، وشرط العقد ، ولم يؤد إلى ضرر بوارث أو غيره .
السادس :
nindex.php?page=treesubj&link=18590ما يحصل بغير اختياره كالميراث ، وهو حلال إذا كان الموروث قد اكتسب المال من بعض الجهات الخمس على وجه حلال ، ثم كان ذلك بعد قضاء الدين ، وتنفيذ الوصايا ، وتعديل القسمة بين الورثة ، وإخراج الزكاة والحج والكفارة إن كانت واجبة ، فهذا مجامع مداخل الحلال ، وكتب الفقه مشتملة على تفاصيلها فكل ما كان كذلك كان مالا حلالا ، وكل ما كان بخلافه كان حراما ، إذا عرفت هذا فنقول : المال إما أن يكون لغيره أو له ، فإن كان لغيره كانت حرمته لأجل الوجوه الستة المذكورة ، وإن كان له فأكله بالحرام أن يصرف إلى شرب الخمر والزنا واللواط والقمار أو إلى السرف المحرم ، وكل هذه الأقسام داخلة تحت قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) ، واعلم أنه سبحانه كرر هذا النهي في مواضع من كتابه
[ ص: 101 ] فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة ) [ النساء : 29 ] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ) [ النساء : 10 ] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ) [ البقرة : 278 ] ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=279فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) [ البقرة : 279 ] ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=279وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم ) [ البقرة : 279 ] ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) [ البقرة : 275 ] جعل
nindex.php?page=treesubj&link=33579آكل الربا في أول الأمر مؤذنا بمحاربة الله ، وفي آخره متعرضا للنار .
المسألة الثانية : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188ولا تأكلوا ) ليس المراد منه الأكل خاصة ، لأن غير الأكل من التصرفات كالأكل في هذا الباب لكنه لما كان المقصود الأعظم من المال إنما هو الأكل وقع التعارف فيمن ينفق ماله أن يقال إنه أكله فلهذا السبب عبر الله تعالى عنه بالأكل .
المسألة الثالثة : "
nindex.php?page=treesubj&link=20645الباطل " في اللغة الزائل الذاهب ، يقال : بطل الشيء بطولا فهو باطل ، وجمع الباطل بواطل ، وأباطيل جمع أبطولة ، ويقال : بطل الأجير يبطل بطالة إذا تعطل واتبع اللهو .
مِنَ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ : حُكْمُ الْأَمْوَالِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )
[ ص: 100 ] اعْلَمْ أَنَّهُمْ مَثَّلُوا قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ ) بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ) [ الْحُجُرَاتِ : 11 ] وَهَذَا مُخَالِفٌ لَهَا ، لِأَنَّ أَكْلَهُ لِمَالِ نَفْسِهِ بِالْبَاطِلِ يَصِحُّ كَمَا يَصِحُّ أَكْلُهُ مَالَ غَيْرِهِ ، قَالَ الشَّيْخُ
nindex.php?page=showalam&ids=14847أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ الْإِحْيَاءِ :
nindex.php?page=treesubj&link=18582_18590الْمَالُ إِنَّمَا يَحْرُمُ لِمَعْنًى فِي عَيْنِهِ أَوْ لِحَالٍ فِي جِهَةِ اكْتِسَابِهِ .
وَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=18582الْحَرَامُ لِصِفَةٍ فِي عَيْنِهِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=18583_18584_18587الْأَمْوَالَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمَعَادِنِ أَوْ مِنَ النَّبَاتِ ، أَوْ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ ، أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=18583الْمَعَادِنُ وَهِيَ أَجْزَاءُ الْأَرْضِ فَلَا يَحْرُمُ شَيْءٌ مِنْهُ إِلَّا مِنْ حَيْثُ يَضُرُّ بِالْأَكْلِ ، وَهُوَ مَا يَجْرِي مَجْرَى السُّمِّ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=18584_18585النَّبَاتُ فَلَا يَحْرُمُ مِنْهُ إِلَّا مَا يُزِيلُ الْحَيَاةَ وَالصِّحَّةَ أَوِ الْعَقْلَ ، فَمُزِيلُ الْحَيَاةِ السُّمُومُ ، وَمُزِيلُ الصِّحَّةِ الْأَدْوِيَةُ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا ، وَمُزِيلُ الْعَقْلِ الْخَمْرُ وَالْبِنْجُ وَسَائِرُ الْمُسْكِرَاتِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=18588_18589الْحَيَوَانَاتُ فَتَنْقَسِمُ إِلَى مَا يُؤْكَلُ وَإِلَى مَا لَا يُؤْكَلُ ، وَمَا يَحِلُّ إِنَّمَا يَحِلُّ إِذَا ذُبِحَ ذَبْحًا شَرْعِيًّا ثُمَّ إِذَا ذُبِحَتْ فَلَا تَحِلُّ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا ، بَلْ يَحْرُمُ مِنْهَا الْفَرْثُ وَالدَّمُ ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ .
الْقِسْمُ الثَّانِي : مَا يَحْرُمُ لِخَلَلٍ مِنْ جِهَةِ إِثْبَاتِ الْيَدِ عَلَيْهِ ، فَنَقُولُ : أَخْذُ الْمَالِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِاخْتِيَارِ الْمُتَمَلِّكِ ، أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَالْإِرْثِ ، وَالَّذِي بِاخْتِيَارِهِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا مِنَ غَيْرِ الْمَالِكِ كَأَخْذِ الْمَعَادِنِ ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا مِنْ مَالِكٍ ، وَذَلِكَ إِمَّا أَنْ يُؤْخَذَ قَهْرًا أَوْ بِالتَّرَاضِي ، وَالْمَأْخُوذُ قَهْرًا إِمَّا أَنْ يُؤْخَذَ لِسُقُوطِ عِصْمَةِ الْمِلْكِ كَالْغَنَائِمِ ، أَوْ لِاسْتِحْقَاقِ الْأَخْذِ كَزَكَوَاتِ الْمُمْتَنِعِينَ وَالنَّفَقَاتِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِمْ ، وَالْمَأْخُوذُ تَرَاضِيًا إِمَّا أَنْ يُؤْخَذَ بِعِوَضٍ كَالْبَيْعِ وَالصَّدَاقِ وَالْأُجْرَةِ ، وَإِمَّا أَنَّ يُؤْخَذَ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ فَيَحْصُلُ مِنْ هَذَا التَّقْسِيمِ أَقْسَامٌ سِتَّةٌ :
الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=18593مَا يُؤْخَذُ مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ كَنَيْلِ الْمَعَادِنِ ، وَإِحْيَاءِ الْمَوْتِ ، وَالِاصْطِيَادِ ، وَالِاحْتِطَابِ ، وَالِاسْتِقَاءِ مِنَ الْأَنْهَارِ ، وَالِاحْتِشَاشِ ، فَهَذَا حَلَالٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مُخْتَصًّا بِذِي حُرْمَةٍ مِنَ الْآدَمِيِّينَ .
الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=18595الْمَأْخُوذُ قَهْرًا مِمَّنْ لَا حُرْمَةَ لَهُ ، وَهُوَ الْفَيْءُ ، وَالْغَنِيمَةُ ، وَسَائِرُ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ الْمُحَارِبِينَ ، وَذَلِكَ حَلَالٌ لِلْمُسْلِمِينَ إِذَا أَخْرَجُوا مِنْهُ الْخُمْسَ ، وَقَسَّمُوهُ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّينَ بِالْعَدْلِ ، وَلَمْ يَأْخُذُوهُ مِنْ كَافِرٍ لَهُ حُرْمَةٌ وَأَمَانٌ وَعَهْدٌ .
وَالثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=18596مَا يُؤْخَذُ قَهْرًا بِاسْتِحِقَاقٍ عِنْدَ امْتِنَاعِ مَنْ عَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ دُونَ رِضَاهُ ، وَذَلِكَ حَلَالٌ إِذَا تَمَّ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ ، وَتَمَّ وَصْفُ الْمُسْتَحَقِّ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ .
الرَّابِعُ :
nindex.php?page=treesubj&link=18599مَا يُؤْخَذُ تَرَاضِيًا بِمُعَاوَضَةٍ وَذَلِكَ حَلَالٌ إِذَا رُوعِيَ شَرْطُ الْعِوَضَيْنِ وَشَرْطُ الْعَاقِدَيْنَ وَشَرْطُ اللَّفْظَيْنِ ؛ أَعْنِي الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ مِمَّا يَعْتَدُّ الشَّرْعُ بِهِ مِنِ اجْتِنَابِ الشَّرْطِ الْمُفْسِدِ .
الْخَامِسُ :
nindex.php?page=treesubj&link=18600مَا يُؤْخَذُ بِالرِّضَا مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ كَمَا فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ إِذَا رُوعِيَ شَرْطُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ، وَشَرْطُ الْعَاقِدَيْنِ ، وَشَرْطُ الْعَقْدِ ، وَلَمْ يُؤَدِّ إِلَى ضَرَرٍ بِوَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ .
السَّادِسُ :
nindex.php?page=treesubj&link=18590مَا يَحْصُلُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَالْمِيرَاثِ ، وَهُوَ حَلَالٌ إِذَا كَانَ الْمَوْرُوثُ قَدِ اكْتَسَبَ الْمَالَ مِنْ بَعْضِ الْجِهَاتِ الْخَمْسِ عَلَى وَجْهٍ حَلَالٍ ، ثُمَّ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ ، وَتَنْفِيذِ الْوَصَايَا ، وَتَعْدِيلِ الْقِسْمَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ، وَإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالْكَفَّارَةِ إِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً ، فَهَذَا مَجَامِعُ مَدَاخِلِ الْحَلَالِ ، وَكُتُبُ الْفِقْهِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى تَفَاصِيلِهَا فَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ مَالًا حَلَالًا ، وَكُلُّ مَا كَانَ بِخِلَافِهِ كَانَ حَرَامًا ، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ : الْمَالُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِ أَوْ لَهُ ، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ كَانَتْ حُرْمَتُهُ لِأَجْلِ الْوُجُوهِ السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فَأَكْلُهُ بِالْحَرَامِ أَنْ يُصْرَفَ إِلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا وَاللِّوَاطِ وَالْقِمَارِ أَوْ إِلَى السَّرَفِ الْمُحَرَّمِ ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْسَامِ دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ كَرَّرَ هَذَا النَّهْيَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ
[ ص: 101 ] فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً ) [ النِّسَاءِ : 29 ] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا ) [ النِّسَاءِ : 10 ] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=278يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) [ الْبَقَرَةِ : 278 ] ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=279فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) [ الْبَقَرَةِ : 279 ] ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=279وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ ) [ الْبَقَرَةِ : 279 ] ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) [ الْبَقَرَةِ : 275 ] جَعَلَ
nindex.php?page=treesubj&link=33579آكِلَ الرِّبَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مُؤْذِنًا بِمُحَارَبَةِ اللَّهِ ، وَفِي آخِرِهِ مُتَعَرِّضًا لِلنَّارِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=188وَلَا تَأْكُلُوا ) لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْأَكْلَ خَاصَّةً ، لِأَنَّ غَيْرَ الْأَكْلِ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ كَالْأَكْلِ فِي هَذَا الْبَابِ لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنَ الْمَالِ إِنَّمَا هُوَ الْأَكْلُ وَقَعَ التَّعَارُفُ فِيمَنْ يُنْفِقُ مَالَهُ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ أَكَلَهُ فَلِهَذَا السَّبَبِ عَبَّرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِالْأَكْلِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : "
nindex.php?page=treesubj&link=20645الْبَاطِلُ " فِي اللُّغَةِ الزَّائِلُ الذَّاهِبُ ، يُقَالُ : بَطَلَ الشَّيْءُ بُطُولًا فَهُوَ بَاطِلٌ ، وَجَمْعُ الْبَاطِلِ بَوَاطِلُ ، وَأَبَاطِيلُ جَمْعُ أُبْطُولَةٍ ، وَيُقَالُ : بَطَلَ الْأَجِيرُ يَبْطُلُ بَطَالَةً إِذَا تَعَطَّلَ وَاتَّبَعَ اللَّهْوَ .