الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( فما استيسر من الهدي ) ؛ ففيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : قال أصحابنا : لوجوب دم التمتع خمس شرائط :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أن يقدم العمرة على الحج .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ، فإن أحرم بها قبل أشهر الحج وأتى بشيء من الطواف وإن كان شوطا واحدا ثم أكمل باقيه في أشهر الحج ، وحج في هذه السنة لم يلزمه دم ؛ لأنه لم يجمع بين النسكين في أشهر الحج ، وإن أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج ، وأتى بأعمالها في أشهر الحج ، فيه قولان : قال في "الأم" وهو الأصح : لا يلزمه دم التمتع ؛ لأنه أتى بركن من أركان العمرة قبل أشهر الحج ، كما لو طاف قبله ، وقال في "القديم والإملاء" : يلزمه ذلك ، ويجعل استدامة الإحرام في أشهر الحج كابتدائه ، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه : إذا أتى ببعض الطواف قبل أشهر الحج فهو متمتع إذا لم يأت بأكثره .

                                                                                                                                                                                                                                            الشرط الثالث : أن يحج في هذه السنة ، فإن حج في سنة أخرى لا يلزمه الدم ؛ لأنه لم يوجد مزاحمة الحج والعمرة في عام واحد .

                                                                                                                                                                                                                                            الشرط الرابع : أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام لقوله تعالى : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) ، وحاضر المسجد الحرام من كان أهله على مسافة أقل من مسافة القصر ، فإن كان على مسافة القصر فليس من الحاضرين ، وهذه المسافة تعتبر من مكة أو من الحرم ، وفيه وجهان .

                                                                                                                                                                                                                                            الشرط الخامس : أن يحرم بالحج من جوف مكة بعد الفراغ من العمرة ، فإن عاد إلى الميقات ، فأحرم بالحج لا يلزمه دم التمتع ؛ لأن لزوم الدم لترك الإحرام من الميقات ، ولم يوجد ، فهذه هي الشروط المعتبرة في لزوم دم التمتع .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية