الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : الدم الواجب بالتمتع : دم شاة جذعة من الضأن ، أو ثنية من المعز ، ولو تشارك ستة في بقرة أو بدنة جاز ، ووقت وجوبه بعدما أحرم بالحج ؛ لأن الفاء في قوله : ( فما استيسر من الهدي ) يدل على أنه وجب عقيب التمتع ، ويستحب أن يذبح يوم النحر ، فلو ذبح بعدما أحرم بالحج جاز ؛ لأن التمتع قد تحقق ، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه لا يجوز ، وأصل هذا أن دم التمتع عندنا دم جبران كسائر دماء الجبرانات ، وعنده دم نسك كدم الأضحية ، فيختص بيوم النحر .

                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ) فالمعنى أن المتمتع إن وجد الهدي فلا كلام ، وإن لم يجد فقد بين الله تعالى بدله من الصيام ، فهذا الهدي أفضل أم الصيام ؟ الظاهر أن يكون المبدل الذي هو الأصل أفضل ، لكنه تعالى بين في هذا البدل أنه في الكمال والثواب كالهدي ، وهو كقوله : ( تلك عشرة كاملة ) ؛ وفي الآية مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : الآية نص فيما إذا لم يجد الهدي ، والفقهاء قاسوا عليه ما إذا وجد الهدي ولم يجد ثمنه ، أو كان ماله غائبا ، أو يباع بثمن غال ، فهنا أيضا يعدل إلى الصوم .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : قوله : ( فصيام ثلاثة أيام في الحج ) أي فعليه ثلاثة أيام وقت اشتغاله بالحج ، ويتفرع عليه مسألة فقهية ؛ وهي أن المتمتع إذا لم يجد الهدي لا يصح صومه بعد إحرام العمرة قبل إحرام الحج ، وقال أبو حنيفة رحمه الله : يصح .

                                                                                                                                                                                                                                            حجة الشافعي رضي الله عنه من وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أنه صام قبل وقته ؛ فلا يجوز كمن صام رمضان قبله ، وكما إذا صام السبعة أيام قبل الرجوع ، وإنما قلنا : إنه صام قبل وقته ؛ لأن الله تعالى قال : ( فصيام ثلاثة أيام في الحج ) وأراد به إحرام الحج ؛ لأن سائر أفعال الحج لا تصلح طرفا للصوم ، والإحرام يصلح ؛ فوجب حمله عليه .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أن ما قبل الإحرام بالحج ليس بوقت للهدي الذي هو أفضل ، فكذا لا يكون وقتا للصوم الذي هو بدله اعتبارا بسائر الأصول والإبدال ، وتحقيقه أن البدل حال عدم الأصل يقوم مقامه ؛ فيصير في الحكم كأنه الأصل ، فلا يجوز أن يحصل في وقت ، لو وجد الأصل لم يجز .

                                                                                                                                                                                                                                            إذا عرفت هذا فنقول : اتفقوا على أنه يجوز بعد الشروع في الحج إلى يوم النحر ، والأصح أنه لا يجوز يوم النحر ولا أيام التشريق ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ولا تصوموا في هذه الأيام ، والمستحب أن يصوم في أيام الحج حيث يكون يوم عرفة مفطرا .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية