المسألة الثانية : أجمع المفسرون على أن ، واختلفوا في ذي الحجة ، فقال شوالا وذا القعدة من أشهر الحج : إنها بكليتها من أشهر الحج وهو قول عروة بن الزبير مالك رحمه الله تعالى ، وقال رحمه الله : العشر الأول من ذي الحجة من أشهر الحج ، وهو قول أبو حنيفة ابن عباس وابن عمر والنخعي والشعبي ومجاهد والحسن ، وقال رضي الله عنه : التسعة الأولى من ذي الحجة من ليلة النحر من أشهر الحج . الشافعي
حجة مالك رضي الله عنه من وجوه :
الأول : أن الله تعالى ذكر الأشهر بلفظ الجمع ، وأقله ثلاثة .
الحجة الثانية : أن أيام النحر يفعل فيها بعض ما يتصل بالحج ، وهو رمي الجمار ، والمرأة إذا حاضت فقد تؤخر الطواف الذي لا بد منه إلى انقضاء أيام بعد العشر ، ومذهب عروة جواز تأخير طواف الزيارة إلى آخر الشهر .
والجواب عن الأول : من وجهين :
أحدهما : أن لفظ الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد ، بدليل قوله : ( فقد صغت قلوبكما ) [التحريم : 4] .
والثاني : أنه نزل بعض الشهر منزلة كله ، كما يقال : رأيتك سنة كذا ؛ إنما رآه في ساعة منها .
والجواب عن الثاني : أن رمي الجمار يفعله الإنسان وقد حج بالحلق والطواف والنحر من إحرامه ، فكأنه ليس من أعمال الحج ، والحائض إذا طافت بعده فكأنه في حكم القضاء لا في حكم الأداء ، وأما الذين قالوا : إن عشرة أيام من أول ذي الحجة هي من أشهر الحج ، فقد تمسكوا فيه بوجهين :
الأول : أن من المفسرين من زعم أن يوم النحر ، والثاني : أن يوم النحر وقت لركن من أركان الحج ، وهو طواف الزيارة ، وأما يوم الحج الأكبر رضي الله عنه فإنه احتج على قوله بأن الحج يفوت بطلوع الفجر يوم النحر ، والعبادة لا تكون فائتة مع بقاء وقتها ، فهذا تقرير هذه المذاهب . الشافعي
بقي ههنا إشكالان :
الأول : أنه تعالى قال من قبل : ( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ) فجعل كل الأهلة مواقيت للحج .
الثاني : أنه اشتهر عن أكابر الصحابة أنهم قالوا : ، ومن بعد داره البعد الشديد لا يجوز أن يحرم من دويرة أهله بالحج إلا قبل أشهر الحج ، وهذا يدل على أن أشهر الحج غير مقيدة بزمان مخصوص . من إتمام الحج أن يحرم المرء من دويرة أهله
والجواب عن الأول : أن تلك الآية عامة ، وهذه الآية وهي قوله : ( الحج أشهر معلومات ) خاصة والخاص مقدم على العام . وعن الثاني : أن النص لا يعارضه الأثر المروي عن الصحابة .