الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( وقضي الأمر ) ففيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : المعنى أنه فرغ ما كانوا يوعدون به فعند ذلك لا تقال لهم عثرة لهم ولا تصرف عنهم عقوبة ولا ينفع في دفع ما نزل بهم حيلة .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : قوله : ( وقضي الأمر ) معناه : ويقضي الأمر ، والتقدير : إلا أن يأتيهم الله ويقضي الأمر ، فوضع الماضي موضع المستقبل وهذا كثير في القرآن ، وخصوصا في أمور الآخرة فإن الإخبار عنها يقع كثيرا بالماضي ، قال الله سبحانه وتعالى : ( ياعيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي ) [المائدة : 116] والسبب في اختيار هذا المجاز أمران :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : التنبيه على قرب أمر الآخرة فكأن الساعة قد أتت ووقع ما يريد الله إيقاعه .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : المبالغة في تأكيد أنه لا بد من وقوعه لتجزى كل نفس بما تسعى ، فصار بحصول القطع والجزم بوقوعه كأنه قد وقع وحصل .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : الأمر المذكور ههنا هو فصل القضاء بين الخلائق ، وأخذ الحقوق لأربابها وإنزال كل أحد من المكلفين منزلته من الجنة والنار ، قال تعالى : ( وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ) [إبراهيم : 22] .

                                                                                                                                                                                                                                            إذا عرفت هذا فنقول : قوله : ( وقضي الأمر ) يدل على أن أحوال القيامة توجد دفعة من غير توقف ، فإنه تعالى ليس لقضائه دافع ، ولا لحكمه مانع .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الرابعة : قرأ معاذ بن جبل " وقضاء الأمر" على المصدر المرفوع عطفا على الملائكة .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية