الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

تطوير التعليم الشرعي (حاجة أم ضرورة)

الدكتور / محمد بن عبد الله الدويش

3- تضخيم المخرجات:

يميـل كثـير من الناس إلى المبالغة في وصف الظواهر والأشياء والحديث عن الأفـكار؛ فيبالغون في الثناء عـلى ما يعجبهم، ويبالغون في ذم ما لا يعجبهم، ولو تأملنا مجالس الناس وأحاديثهم رأينا كيف أنها تدور في الغالب بين موقفين متطرفين.

والمهتمـون بالتعليم الشرعي قد لا يسلم بعضهم من داء المبالغة، وهذا نلمسه في الحديث عن الأشخاص والترجمة لهم، ووصف أحوالهم ومجالسهم وعلمهم.

وتترك المبالغة أثرها على تطوير التعليم الشرعي؛ فيعترض بعض المهتمين بشأنه على الدعوات المطالبة بالتطوير بجودة مخرجات التعليم الشرعي، وكثيرا ما يحتج هؤلاء بأن التعليم الشرعي خرج نماذج متميزة من أهل العلم، ويسردون قائمة بأهل العلم البارزين، الذين كانوا نتاج هذا التعليم، وهو ليس اعتراضا جديدا، فهذا الطاهر ابن عاشور يصف ذلك بقوله: "ومن العجيب أن من يشعر منهم بخلل الأحوال وخطر التزام المسير على [ ص: 39 ] النهـج المتبع فيدعوه نصحه إلى إيقاظهم، يجد قبل كل شيء طوائف تنسبه إلى سوء المقصـد، وتناظره بأن هذا النهج قد أوصل أسلافنا إلى أعلى مرتقى من النجاح، وأنه قد أنجب أساطين للعلم طبقت شهرتهم الآفاق". (أليس الصبح بقريب، ص104).

وهذا الاعتراض له وجاهته، ولا يسوغ إهماله وتجاهله، ولكن يمكن أن تسجل عليه الملحوظات الآتية:

- أن القول بالحاجة للتطوير لا ينفي وجود مخرجات إيجابية، أرأيت لو أن شركة تجارية تحقق أرباحا تصل إلى 10%، والدراسات الاقتصادية تقول: إن أرباحها لو طورت أداءها يمكن أن تتجاوز 20%، فهل من المنطق الاعتراض على التطوير بأن تلك الشركة لازالت تحقق أرباحا؟

- لو تم تطوير التعليم الشرعي ألا يمكن أن تكون مخرجاته أكثر تميزا؟

- هل مخرجات التعليم الشرعي وصلت إلى قدر من الاكتفاء لا يمكن معه أن ترتقي إلى ما هو أفضل؟

- ألا يمكن أن يفسر جزء من التميز في بعض المخرجات من خلال عوامل أخرى كالقدرات الشخصية والتحصيل الذاتي؟ وهل التميز مصدره بالضرورة تميز أدوات التعليم؟

إن هذه القضايا الكبرى يصعب أن تختزل من خلال أحكام ذاتية ليست نتاج دراسة موضوعية علمية. [ ص: 40 ]

ويتكرر الاحتجاج ببعض النتائج في حالات مشابهة مع الغفلة عن تقويم الواقع ككل؛ فالمعلم القاسي المنفر لطلابه سيجد منهم من يصبر عليه فيحتج بهم، والطرق الوعرة التي تهلك الناس لا بد أن نجد من يجتازها سالما، والمدير ضعيف الإدارة قليل الإنتاج لا بد أن نجد له قدرا من النجاحات.

فوجود المخرج المتميز للتعليم الشرعي لا يعني بالضرورة غياب الحاجة إلى التطوير.

التالي السابق


الخدمات العلمية