المطلب الثالث
إنشاء صندوق احتياطي مخصص لمواجهة مخاطر الاستثمار
من الآليات، التي يمكن بها مواجهة مخاطر الودائع المقدمة على أساس عقد المضاربة في البنوك الإسلامية والمؤسسات المالية: إنشاء صندوق احتياطي.
وهو صندوق تتم تغذيته باقتطاعات من أرباح أصحاب الاستحقاق من مساهمين وغيرهم في نهاية كل دورة مالية، وعند التصفية يصرف رصيد هذا الصندوق للجهات الخيرية [1] .
وقد عرف الصندوق الاحتياطي بأنه: "المبلغ الذي يجنبه المصرف من أرباح أصحاب حسابات الاستثمار بعد اقتطاع نصيب المضارب لغرض الحماية من الخسائر المستقبلية لأصحاب حسابات الاستثمار" [2] . [ ص: 149 ]
ومن ثم قامت المصارف الإسلامية والمؤسسات المالية الإسلامية بطرح اللوائح، التي تنص على اقتطاع نسبة معينة من الأرباح في نهاية كل دورة تودع في حساب خاص مستقل، وترصد هذه المبالغ لتكوين احتياطيات من أجل: مواجهة مخاطر الاستثمار وتحقيق حماية رأس المال، أو مواجهة انخفاض مستقبلي في الأرباح وتحقيق موازنة في التوزيعات [3] .
وعلى ذلك يكون من أهداف تأسيس هذا الصندوق هو عدم حدوث ذعر لدى المودعين نتيجة وجود خسارة، مما قد يؤدي إلى هروب ودائع البنك الإسلامي نحو تلك البنوك التقليدية [4] .
والأساس الفقهي، الذي بني عليه هذا الاحتياطي هو مبدأ التعاون في ضمان الربح بين أرباب الأموال, وهو المبدأ الذي تقوم عليه فكرة التأمين الإسلامي أو التكافلي. وبذلك يكون ما يقتطع من كل رب مال تبرعا منه للصندوق المشترك [5] .
ذلك أن الاحتياطي هو جزء من الأرباح، فإذا رضي المضارب والمشاركون في الصندوق بتخصيصه لمواجهة مخاطر الاستثمار جاز ذلك. ويتحقق الرضا [ ص: 150 ] بالقبول باقتطاعه من خلال الموافقة على لوائح الصندوق، فإذا كان الاحتياطي لمواجهـة حـالات الانـخفاض في الأرباح عن مستوى معين، جاز أن يقتطع من الربـح الإجمالي، لاستفادة المضارب وأرباب المال منه. وإذا كان لحماية رأس المـال فإنه يقتـطع من حـصة أرباب المـال في الربح دون حصة المضـارب؛ لأنه للـوقاية من الخسـارة وهـي عـلى أرباب المال وحـدهم إن وقعت [6] .
وقد نص مجمـع الفقـه الإسـلامي الـدولي، كما ورد في الـقرار رقـم 30 ( 5 / 4 ) على أنه: "ليس هناك ما يمنع شرعا من النص في نشرة الإصدار على اقتطاع نسبة معينة في نهاية كل دورة، إما من حصة الصكوك في الأرباح في حـالة وجـود تنـضيـض دوري، وإما من حصصهم في الإيراد أو الغلة المـوزعة تحت الحساب، ووضعها في احتياطي خاص لمواجهة مخاطر خسارة رأس المال" [7] .
ومن المقرر أن حصيلة الصندوق الاحتياطي لا يستفاد بها في معالجة حـالات التـعدي والتـقـصير ومـخالفـة الشروط والعـقود وأعراف المهنة لوقـوع مسـؤوليتها عـلى المـضارب وحده [8] . كما أن أرصدة هذا الصندوق [ ص: 151 ] لا يستـحقها أحـد مـن الشركاء بعـد التصفية، بل تصرف في وجوه الخير، لخدمة المجتمع [9] .
ونظرا لأهمية هذا الصندوق قام كل من هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، ومجلس خدمات التمويل الإسلامي على تشجيع المصارف الإسلامية لتكوين هذا الصندوق الاحتياطي؛ ذلك لأن هذا الاحتياطي يساعد على الاستقرار المصرفي. كما يلزم القانون الأردني المصرف الإسلامي بتكوين هذا الصندوق الاحتياطي في عقود ودائع المضاربة، مع ملاحظة أن أرصدة هذا الصندوق تستخدم في وجوه الخير العامة، التي تشبه مصارف الزكاة، فلا يكون لحملة الأسهم ولا للمودعين في وقت التصفية أي حق في الأموال الموجودة في هذا الحساب [ ص: 152 ] [10] .