الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                المطلب الثاني

                أقسام الودائع المصرفية

                في البنوك التقليدية وتكييفها الفقهي

                أولا: تتنوع الودائع المصرفية في البنوك التقليدية بحسب تاريخ استردادها إلى ثلاثة أنواع، هي:

                1 - الودائع الجارية، أو تحت الطلب:

                وهي: "المبالغ التي يودعها أصحابها في البنوك، ويحق لهم سحبها كاملة في أي وقت شاءوا دون أن يحصلوا على أي عائد أو فائدة" [1] .

                2- الودائع الادخارية، أو حساب التوفير:

                وهي: "ودائع صغيرة الحجم، لا يحق لأصحابها سحبها كاملة متى شاءوا، وإنما يحق لهم سحبها على دفعات" [2] .

                - صورة المعاملة للوديعة الادخارية:

                يرغب بعض الموظفين ورجال الأعمال إلى فتح حساب توفير لدى المصرف بغرض ادخار مبالغ مالية، يتم اقتطاعها من رواتبهم أو من كسبهم، [ ص: 39 ] على أن تدفع المصارف عليها نسبة من الفوائد الربوية، ومن ثم أن أصحابها لا يسحبونها كاملة متى شاءوا؛ لأنهم قصدوا بذلك الادخار تكوين مبلغ معين [3] .

                3- الودائع الثابتة لأجل:

                وهي: "المبالغ النقدية، التي يودعها أصحابها في المصارف لأجل معين، ولا يحق لهم سحبها أو سحب أي جزء منها، ولا يلتزم المصرف بردها، إلا بعد انقضاء مدة أجلها" [4] .

                وصورتها هي: أن يرغب بعض العملاء في إيداع أموالهم عند المصارف، على أن يتم الاتفاق بين الطرفين في كون هذه الوديعة إلى أجل معين، بحيث لا يحق للعميل سحبها أو التصرف فيها، والمصرف لا يعطي العميل أي موعد في استحقاق تلك الوديعة إلا بعد مضي الفترة المحددة في العقد. كأن يودع خالد مائة ألف ريال في مصرف، بحيث لا يتمكن من سحبها إلا بعد مضي ثلاثة أشهر. ومقابل ذلك: يقوم المصرف بدفع فوائد ربوية له، وتكثر الفائدة كلما كثر الأجل، وتقل كلما قل الأجل [5] . [ ص: 40 ]

                ثانيا: التكييف القانوني والشرعي للودائع النقدية:

                الودائع النقدية بأنواعها الثلاثة، في البنوك التقليدية، كيفها أكثر القانونيين بأنـهـا قرض [6] . أما إطـلاق وديعة عليها، فهو ليس على الحقيقة؛ لأن البنك لا يأخذها كأمانة يحتفظ بعينها لترد إلى أصحابها، وإنما يستهلكها في أنشطته المختلفة ويلتزم برد المثل، أو بحسب الشروط المتفق عليها [7] .

                أما تكييفها من الناحية الشرعية: فإن الفقه الإسلامي اعتبرها في حكم القرض أيضا؛ لاتفاق أصحاب الأموال مع المصرف على ردها في حال المطالبة أو بحسب المدة المتفق عليها [8] .

                وقد نص مجمع الفقه الإسلامي الدولي, كما صدر في القرار رقم ( 90 / 3 /د9)، على أن: "الودائع، التي تدفـع لهـا فـوائـد، كما هـو الحـال في البنـوك الربوية، هـي قـروض ربوية محرمة، سواء أكانت من نوع الودائع تـحـت الطـلب (الحسـابات الجارية)، أم الودائع لأجل، أم الودائع بإشعار، أم حسابات التوفير" [9] . [ ص: 41 ]

                وإليه ذهب أكثر الفقهاء والباحثين المعاصرين [10] .

                ثالثا: الحكم الشرعي في ودائع البنوك التقليدية:

                إذا كان التكييف القانوني والشرعي للودائع المصرفية هو القرض، فإن الإيداع في البنوك الربوية يبدو جائزا [11] ، إذا كان خاليا من الربا كما في الودائع الجارية. أما الودائع الادخارية (توفير)، والودائع الثابتة لأجل, فلا تخلوان من الربا؛ لأن البنك التجاري يأخذ الودائع من العملاء على فائدة محددة مسبقا، ويعطيها لطالبي التمويل بفائدة أعلى. ولا شك أن هذه الفوائد تعد من الربا المحرم، وإن سميت بفـوائد أو عوائد؛ لأنـها زيادة مشروطة في عقد قرض، فهي لا تجوز شرعا [12] . [ ص: 42 ]

                التالي السابق


                الخدمات العلمية