الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                المطلب الثالث

                أسباب الضمان

                ذكر الفقهاء للضمان موجبات وأسباب كثيرة، فمنهم من ذكر أنها أربعة، ومنهم من أورد أنها ثلاثة، ومنهم من يزيد على ذلك أو ينقص.

                ومن الجدية بالذكر، أن الضمان أثر من آثار الالتزام، وهو يكون بإتلاف مال (الغير) أو الاعتداء عليه بالغصب أو السرقة أو بالتعدي في الاستعمال المأذون فيه في المستعار والمستأجر أو بالتفريط وترك الحفظ كما في الوديعة [1] .

                قال الكاساني: "... بيان ما يغيره (المستأجر) من صفة الأمانة إلى الضمان، فالمغير له أشياء منها: ترك الحفظ; لأن الأجير لما قبض المستأجر فيه فقد التزم حفظه، وترك الحفظ الملتزم سبب لوجوب الضمان، كالمودع إذا ترك حفظ الوديعة حتى ضاعت .... ومنها: الإتلاف والإفساد إذا كان الأجير متعديا فيه" [2] .

                ومما سبق من نص الكاساني، يتضح أن أسباب الضمان لدى الحنفية اثنان، هما: ترك الحفظ والإتلاف بالتعدي. [ ص: 31 ]

                وعند المـالـكية أسباب الضمان ثلاثة: إذا وجد أحد منها وجب الضمان، وهي:

                أحدها: الإتلاف مباشرة، كإحراق الثوب، وقتل الحيوان، وهدم الدور، وأكل الأطعمة، وغير ذلك.

                ثانيها: التسبب للإتلاف، كحفر بئر في غير الأرض المملوكة للحافر، وكذا في موضع لم يؤذن فيه، ووضع السموم في الأطعمة، وغير ذلك مما يؤدي إلى الإتلاف عادة.

                ثالثها: وضع اليد غير المؤتمنة، كيد الغاصب، وقبض المبيع أو بقاء يد البائع في المبيع [3] .

                قال ابن رشـد: "وأما الموجب للضمـان، فـهو إما المبـاشرة لأخذ المـال المغـصـوب أو لإتـلافـه، وإمـا المباشرة للسـبـب المتلف، وإما إثبات اليد عليه" [4] .

                كما جعـلها الشـافعية والحنابلة ثلاثة هي: "عقد، ويد، وإتلاف" [5] ، إلا أن الزركشي [ ص: 32 ] [6] ، والسيوطي [7] ، أضافا سببا رابعا وهو الحيلولة [8] .

                وذكر الغزالي أنها ثلاثة هي: "التفويت بالمباشر، أو التسبب، أو إثبات اليد لغرض نفسه من غير استحقاق" [9] .

                ولما كانت هذه الأسباب كثيرة التداخل فيما بينها، فإنه يمكن إرجاعها إلى أسباب ثلاثة وهي:

                1- العقد، كالمبيع والثمن المعين قبل القبض، والسلم.

                2- اليد المؤتمنة (كالوديعة والشراكة والوكالة والمضاربة) في حالتي التعدي أو التقصير، حيث تتحول إلى يد ضامنة.

                3- الإتلاف [10] . [ ص: 33 ]

                التالي السابق


                الخدمات العلمية