، وإن ، فإن عرفت بأعيانها : فأربابها أحق بها من الغرماء ; لأن حق الغرماء بعد موت المديون يتعلق بماله دون مال سائر الناس ، وكما كانوا أحق بها في حياة المديون فكذلك بعد موته . وإن لم تعرف بأعيانها : قسم المال بينهم بالحصص ، وأصحاب الوديعة ، والمضاربة ، والبضاعة بمنزلة الغرماء عندنا ، وعلى قول مات الرجل ، وعليه دين ، وعنده ، وديعة ، ومضاربة ، وبضاعة : الغرماء أحق بجميع التركة . وأصل المسألة أن الأمين إذا مات مجهلا للأمانة ; فالأمانة تصير دينا في تركته عندنا ; لأنه بالتجهيل صار متملكا لها ، فإن اليد المجهولة عند الموت تنقلب يد ملك ; ولهذا : لو شهد الشهود بها كان ذلك بمنزلة الشهادة بالملك ، حتى يقضي القاضي للوارث والمودع بالتمليك ; فيصير ضامنا ، ولأنه بالتجهيل يصير مسلطا غرماءه وورثته على أخذها . والمودع بمثل هذا التسليط يصير ضامنا كما لو دل سارقا على سرقتها ، ولأنه التزم أداء الأمانة ، ومن أداء الأمانة : بيانها عند موته ، وردها على المالك إذا طلب ، فكما يضمن بترك الرد بعد الطلب يضمن أيضا بترك البيان عند الموت ابن أبي ليلى يقول : هذا كله إذا علم قيامها عند الموت ، ولا يعرف ذلك ، ولكنا نقول : قد علمنا بقاءها ، والتمسك بما هو المعلوم واجب ، ما لم يتبين خلافه ، وربما يقول : حق الغرماء كان في ذمته ، ويتحول بالموت إلى ماله ، وحق أصحاب الأمانة لم يكن في ذمته في حياته ، فكيف يزاحمون الغرماء في ماله بعد موته ؟ ولكنا نقول : صار حقهم أيضا دينا قبل [ ص: 130 ] موته حين وقع اليأس عن بيانه ، ثم حق أصحاب الأمانة من وجه أقوى ، لعلمنا أنه كان في عين المال الذي في يده ، ومن له حق العين ، فهو مقدم على سائر الغرماء - كالمرتهن في الرهن - فإن كان لا يستحق صاحب الأمانة الترجيح ، فلا أقل من أن يزاحم الغرماء . وابن أبي ليلى