الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو استأجره ليحفرها في الجبانة في غير ملكه ولا في فنائه فحفرها فانهارت فلا أجر له حتى يسلمها إلى صاحبها بمنزلة العامل من الخياط والقصار في بيت نفسه ، وهذا ; لأن عمله ما اتصل بملك المستأجر ليصير المستأجر بذلك قابضا ولا بد لدخول العمل في ضمانه من أن يثبت يده عليه ، وذلك لا يكون إلا بالتسليم إليه ، وفي هذا اللفظ دليل على أن الفناء حق المرء ، ولكنه غير مملوك له .

( ألا ترى ) أنه قال في غير ملكه ولا في فنائه والفناء في يده لكونه أحق بالانتفاع به . فإذا كان الحفر فيه يصير العمل مسلما إليه بمنزلة الحفر في ملكه ، وكذلك لو استأجره ليحفر له قبرا ، ثم دفن فيه إنسان قبل أن يأتي المستأجر بجنازته لم يكن على المستأجر أجر ; لأنه حفر القبر في غير ملك المستأجر فلما لم يسلم إليه لا يتقرر حقه في الأجر ، وإن جاء المستأجر فحال الأجير بينه وبين القبر فانهار بعد ذلك ، أو دفنوا فيه إنسانا آخر فله الأجر كاملا ; لأنه قد سلم المعقود عليه إلى صاحبه ، وإن دفن فيه المستأجر ميتة ، ثم قال للأجير احث التراب عليه فأبى الأجير في القياس لا يلزمه ذلك ; لأنه التزم عمل الحفر وحثي التراب كنس ، وليس بحفر وهو ضد ما التزمه بعقد الإجارة ، ولكني أنظر إلى ما يضع أهل ملك البلاد فإن كان الأجير هو الذي يحثي التراب خيرته في ذلك ، وذلك يعمل بالكوفة ، وإن كان الأجير لم يفعل ذلك في تلك البلدة لم أجبره عليه ، وهذا ; لأن بمطلق العقد يستحق ما هو المتعارف والمعروف في كل موضع يجعل كالمشروط .

التالي السابق


الخدمات العلمية