الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو شهدا على رجل أنه وهب عبده لهذا الرجل وقبضه وقضى القاضي بشهادتهما ، ثم رجعا ضمنا قيمة العبد ; لأنهما أتلفا ملكه بغير عوض ولا رجوع للمولى في الهبة إذا أخذ القيمة إما ; لأن القيمة عوض له من هبته ، أو ; لأنه يزعم أنه ملك العبد من الشاهدين بما أخذ [ ص: 192 ] منهما من الضمان فلا سبيل له على الموهوب له ولا للشاهدين ; لأن رجوعهما فيما يرجع إلى إبطال قضاء القاضي باطل والقاضي بقضائه جعل العبد هبة للموهوب له من جهة المقضي عليه لا من جهة الشاهدين ، وليس لغير الواهب حق الرجوع في الهبة ، ولو لم يضمن المقضي عليه للشاهدين فله الرجوع في العبد بقضاء القاضي ; لأنه هو الواهب للعبد بحكم القاضي وللواهب أن يرجع في الهبة ما لم يصل إليه العوض فإن ( قيل ) . فإذا ضمن الشاهدان القيمة ينبغي أن يكون لهما حق الرجوع في الهبة باعتبار أنهما قاما مقام الواهب في ذلك كما في مسألة الدين ( قلنا ) الدين في الذمة مال وهو يحتمل التمليك بعوض ; ولهذا جاز الاستبدال بالدين مع من عليه الدين فيمكن أن يجعل مملكا ولك من الشاهدين بما استوفى منهما . فأما في حق الرجوع في الهبة ليس بمال محتمل للاعتياض فيه فلا يكون مملكا ذلك من الشهود بالرجوع عليهما بالضمان ولا يمكن إثبات حق الرجوع لهما باعتبار أنهما يقومان مقامه ; لأنه بعد ما وصل إليه العوض لا يكون له حق الرجوع في الهبة فلا يكون ذلك لمن قام مقامه أيضا .

التالي السابق


الخدمات العلمية