وفي قوله ولا تقضي بين اثنين ، وأنت غضبان دليل على أن القاضي ينبغي أن لا ، ولكنه يصبر حتى يسكن ما به فإنه مأمور بأن يقضي عند اعتدال حاله ; ولهذا ينهى عن يشتغل بالقضاء في حال غضبه ; لأنه ينعدم به اعتدال الحال . فكذلك بالغضب ينعدم اعتدال الحال وربما يجري على لسانه في غضبه ما لا ينبغي أن يسمع الناس ذلك منه وربما يتغير لونه على وجه لا ينبغي أن يراه الناس على تلك الصفة أو إذا ظهر به الغضب عجز صاحب الحق عن إظهار حقه بالحجة خوفا منه ; ولهذا قلنا يقوم ، أو ينحي الناس عن قربه حتى يسكن ما به ، وهذا إذا كان يعتريه ذلك في بعض الأوقات فإن كان ذلك من عادته ، وذلك نوع من الحدة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها تعتري خيار أمتي فلا يكف عند ذلك عن القضاء ; لأنه يلتبس به عقله ويشتبه عليه وجه القضاء بخلاف ما يعتريه من الغضب في بعض الأوقات . القضاء إذا كان جائعا ، أو كظيظا من الطعام ، أو كان يدافع الأخبثين