فإن أسكت الآخر واستمع من صاحب الدعوى حتى يفهم حجته ; لأنه إذا تكلما معا لا يتمكن من أن يفهم كلام كل واحد منهما قال الله تعالى { تكلم صاحب الدعوى ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه } ، ولأن تكلمهما معا نوع شغب ، وبه ينتقص حشمة مجلس القضاء قال ، ثم يأمره بالسكوت بعد ذلك ويستنطق الآخر وظاهر هذا اللفظ يدل على أنه يستنطق الآخر ، وإن لم يسأل المدعي ذلك واختيار بعض القضاة أنه لا يفعل ذلك إلا عند سؤال المدعي ، ولكنه إذا نظر في دعواه فإن لم تكن صحيحة يقول له قم فصحح دعواك ; لأن بالدعوى الفاسدة لا يستحق الجواب ، وإن صحت الدعوى قال أخبرتني فماذا أصنع فإن قال أريد جوابه فسأله عن ذلك حينئذ يستنطق الآخر والأصح عندنا أنه يستنطق الآخر ، وإن لم يلتمس المدعي ذلك ; لأنه ما تقدم بين يديه وما أحضر خصمه إلا ملتمسا لذلك فلا يحتاج بعد ذلك إلى التماس الآخر فإن سأله فأقر بحقه أمره بالخروج من حقه ، وإن أنكر قال للمدعي سمعت إنكاره ، أو هو منكر فما نقول . فإذا قال حلفه يطلب المدعي بعد أن سأله بينة ولا يسأله ذلك ما لم يطلب يمينه ; لأنه نوع تلقين ، ولكن إذا طلب يمينه فحينئذ جاء أوان الاستحلاف إذا لم يكن للمدعي بينة حاضرة فسأله عند ذلك ألك بينة . ولا ينبغي للقاضي أن يلقن أحد الخصمين حجته