وينبغي أن يكون القاضي مهيبا يحتشم منه ، ولكن لا ينبغي أن يكون مخيفا للناس يخافونه فإن ذلك يمنعهم من إظهار الحق بالحجة والأصل في ذلك ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم { بمسجد الخيف فرأى رجلين لم يصليا معه فقال علي بهما فأتي بهما وفرائصهما ترتعد فقال صلى الله عليه وسلم لا تخافا فإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد } الحديث فإن ( قيل ) أليس أنه ذكر في سيرة صلى صلاة الفجر رضي الله عنه أن الناس كانوا يهابونه حتى قيل عمر رضي الله عنهما لم لم يذكر قولك في القول لابن عباس فقال كان رجلا مهيبا فهبته ، أو قال خفت درته ( قلنا ) هذا لا يكاد يصح فإن لعمر رضي الله عنه كان ألين من غيره في قبول الحق وكان يشاورهم وربما كان يقدم قول عمر رضي الله عنهما في الأخذ عند الشورى على قول بعض الكبار من الصحابة رضوان الله عليهم ، ثم ابن عباس غير مذموم عندنا ، وإنما المذموم أن يتكلف لتخويف الخصوم إذا تقدموا بين يديه ولم ينقل ذلك عن كون القاضي مهيبا رضي الله عنه ولا عن غيره ، وإن كان خيرا عمر فقعدوا عنده فربما يحتاج إلى أن يستشيرهم ، وقد روينا أن للقاضي أن يقعد عنده أهل الفقه رضي الله عنه كان يفعل ذلك وربما يخفى عليه بعض ما يقف عليه غيره من أهل الفقه فينبهه عليه وربما يحتاج إلى أن يشهدهم فيكون أهل الفقه والصلاح عنده من نوع الاحتياط فإن دخله حصر في قعودهم عنده ، أو شغله ذلك عن شيء من أمور المسلمين جلس وحده ; لأن طباع الناس في هذا تختلف فمنهم من يمنعه حشمة الفقهاء مما يريده من فصل القضاء ومنهم من يزداد قوة على ذلك والمقصود هو النظر للمسلمين . فإذا كان هو ممن يدخله حصر بحضرة الفقهاء جلس وحده ، ولكن إنما يتمكن من ذلك إذا كان معروفا بالفقه والعدالة فبالفقه يؤمن غلطه وبالعدالة يؤمن جوره . عمر