فإن فعلى الرجل سدس المال وعلى النساء خمسة أسداس المال في قول شهد رجل وعشر نسوة فقضى القاضي ، ثم رجعوا جميعا رحمه الله . وقال أبي حنيفة أبو يوسف رحمهما الله على الرجل النصف وعلى النساء النصف ; لأن النساء ، وإن كثرن في الشهادة لا يقمن إلا مقام رجل واحد . ومحمد
( ألا ترى ) أن الحجة لا تتم ما لم يشهد معهن رجل فكان الثابت بشهادته نصف المال وبشهادتهن نصف المال يوضحه أن الرجل متعين في هذه الشهادة للقيام بنصف الحجة ; ولهذا لا تتم الحجة إلا بوجوده فلا يتغير هذا الحكم بكثرة النساء .
وإذا ثبت نصف الحق بشهادته ضمن ذلك عند الرجوع والنصف الآخر يثبت بشهادة النساء فعليهن ضمانه عند الرجوع رحمه الله يقول كل [ ص: 188 ] امرأتين في الشهادة يقومان مقام الرجل الواحد فعشر نسوة بخمسة من الرجال وهذه المسألة بمنزلة ما لو شهد ستة من الرجال ، ثم رجعوا فيكون الضمان عليهم أسداسا ودليل صحة هذا الكلام أن حكم الشهادة كحكم الميراث ، وفي الميراث عند كثرة البنات مع الابن يجعل كل اثنتين كابن واحد ولم يجعل حالة الاختلاط كحالة انفراد البنات فعند الانفراد لا يزاد لهن على الثلثين ، ثم عند الاختلاط يجعل كل اثنتين كابن . فكذلك في الشهادة ، وهذا ; لأن النقصان على أدنى العدد في الشهادة يمنع القضاء . فأما الزيادة على النصاب معتبر في أن القضاء يكون بشهادة الكل فبكثرة النساء عند وجود الرجل يزداد النصاب ، ويكون القضاء بشهادة الكل على أن كل امرأتين كرجل واحد فعند الرجوع كذلك يقضي بالضمان ، ولو رجع ثمان نسوة لم يكن عليهن شيء ; لأنه قد بقي على الشهادة من يثبت الاستحقاق بشهادته وهو رجل وامرأتان فإن رجعت امرأة بعد ذلك كان عليها وعلى الثمان ربع المال ; لأن الحجة إنما بقيت في ثلاثة أرباع الحق فيجب الضمان بقدر ما انعدمت الحجة فيه ، وليس البعض بأولى من البعض في وجوب ذلك عليه ; فلهذا ضمن التسع ربع المال عليهن بالسوية ، وإن رجعت العاشرة فعليها وعلى التسع نصف المال أما وأبو حنيفة عندهما ظاهر ; لأن الثابت بشهادتهن نصف المال ، وعند رحمه الله ; لأنه بقي على الشهادة من يثبت نصف المال بشهادته بمنزلة ما لو شهد ستة من الرجال ، ثم رجع خمسة . أبي حنيفة